الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطلاق لعنة تطارد المرأة!

الطلاق لعنة تطارد المرأة!
28 يونيو 2008 21:02
من الطبيعي لأي إنسان مر بتجربة فاشلة أن يخالجه شعور بالألم والمعاناة والتشتت والضياع، وتنهال عليه تساؤلات من نوع: كيف؟ ومتى؟ ومن أين أبدأ حياتي؟ ما أن يقع الطلاق حتى يوقع بظلاله على نفس المطلقين فنجد المرآة بطبيعتها العاطفية أكثر تأثرا للوضع حيث تنتابها مشاعر متضاربة ومشاكل نفسية وعاطفية متعددة فالتعرض لأزمة الطلاق يشكل ضغطا كبيرا على نفسيتها فتقع في دوامة من الوحدة والغضب والإحباط، والإحساس بعظم المسئولية الملقاة على عاتقها ، وما يجر عليها الطلاق من قصص وروايات تلوكها المجتمع · فكيف يمكن أن تستعيد المرأة الثقة بنفسها وتتقبل لذاتها ؟ طعم الحرية ''لا يمكن أن أخفي عليكم فرحتي عندما تسلمت ورقتي من المحكمة''، بهذه الكلمات بدأت أميرة· م حديثها ثم أوضحت: ''أحسست بطعم الحرية والانطلاق، وكنت كمن يحلق عالياً· وكانت لديَّ رغبة في إثبات ذاتي واقتحام بوابة الحياة عبر العمل ومواصلة التعليم· حاجتي كانت ماسة إلى الراحة والاسترخاء والهدوء، والشعور بكياني كامرأة· كنت امرأة ترى النور مجدداً بعد أن نزعت العصابة عن عينيها لترى الحياة بوجه آخر، وتعيد حساباتها كي لا تقع مجددا أسيرة الجهل بمفهوم وقدسية الزواج''· لكن الأمر مختلف عند أم أحمد التي تحولت حياتها إلى ''كابوس مروع حيث أصبحت سجينة في بيت أهلي، بعد أن أخذوا أطفالي من حضني فنزعوا بذلك روحي من جسدي· أصبحت كالمجنونة أهيم في زوايا المنزل· ثلاث سنوات من العذاب قضيتها حبيسة البيت، محرومة من رؤية أطفالي، كأنني سقط المتاع، أركل من كل حدب وصوب وأسمع الكلام اللاذع الذي يرمى عليَّ بين الفينة والأخرى، لكن والدي رقَّ لحالي ولم يحتمل رؤيتي أتعذب على أيدي إخوتي وأمي، فأطلق يدي بعد أن مدَّني بالمال وقال: اهربي واستعيدي ما سلب منك بقوة القانون· وتدفق الدم في جسدي بقوة، فخرجت من الظلام إلى النور وذهبت إلى المحكمة وحصلت على حق الحماية الكاملة من أي يد قد تطالني، واستعدت أطفالي ليعيشوا في حضني''· كرست أم أحمد كل وقتها وجهدها لتربية أبنائها لكنها لا تنسى ذلك الكابوس المرعب الذي عاشته ''بسبب ظلم المجتمع ونظرت الاتهام التي تلاحق المطلقة أينما ذهبت''· مراحل المعاناة وبعيداً عن مشاعر الفرح أو الحزن توصّف أحلام سعيد الأمر بشكل عقلاني، تقول: ''تحتاج المرأة إلى أن تتقبل نفسها مجدداً بعد الطلاق، وتمر عملية تقبل النفس بثلاث مراحل هي: مرحلة الصدمة وفيها تصل المرأة إلى ذروة الأزمة النفسية الحادة والقلق والاضطراب، ثم تبدأ مرحلة التوتر والقلق والإحساس بالاضطهاد والظلم والوحدة والاغتراب والانطواء والتشاؤم وضعف الثقة بالنفس· ومع مرور الوقت يبدأ المؤشر في الهبوط التدريجي ليصل إلى مرحلة التوافق النفسي والنظر إلى الأمور بروية وعقلانية ووضع منهجية معينة للحياة لتوخي الوقوع في أزمة أخرى''· وعليه، ترى أحلام أن على المرأة ''أن تمنح نفسها وقتاً كافياً لتجاوز الأزمة، مع الاهتمام ببعض النصائح والإرشادات التي تفيدها في العودة إلى حالة التوازن النفسي''· ظلم المجتمع ''لا توجد امرأة ترغب في أن تنهي حياتها الزوجية بالطلاق''، هذا ما تؤكدة نجيبة محمد الرفاعي الباحثة الاجتماعية، لكنها تستدرك قائلة: ''لكن حين تستحيل الحياة الزوجية وتشتعل المشاكل، وتبدأ المرأة في فقدان ذاتها واستقرار حياتها، وتقفل كل أبواب الإصلاح بين الطرفين، يأتي الحل الأصعب وهو الطلاق الذي شرّعه الله تعالى لإنهاء حياة زوجية فاشلة''· وتفسر الرفاعي السبب في ما تجده المطلقة من معاناة ''بالنظرة السلبية للمجتمع الذي غالباً ما يوجه الاتهام إلى المرأة بأنها السبب مهما كانت أسباب الطلاق، بل وتوضع أمامها الحواجز والسدود، ويوضع تحت اسمها ألف خط أحمر إن أرادت أن تبدأ حياتها مع رجل آخر تفترض فيه الصلاح، وكأنه محكوم عليها أن تظلم مرتين، مرة حين ظلمت في الزواج الأول، ومرة حين تحرم من حقها وفرصتها الجديدة مع زوج آخر· صحيح أن بعض النساء يتعجَّلن الطلاق لأتفه الأسباب استهتارا بقيمة الحياة الزوجية، وجهلا بمقومات الزواج الأساسية، ولكن حديثنا هنا ينصب على المرأة الجادة في حياتها الأسرية والتي بذلت كل ما تستطيعه في سبيل الحفاظ على الأسرة، لكن جهودها فشلت مع زوج مدمن أو سيء الخلق أو عربيد، أو رغب في الخلاص من مسؤلية الزواج والأبناء فرمى بتلك الورقة في وجه الزوجة ورمى عليها مسؤولية الأبناء، دون أي سبب أو ذنب ارتكبته''· الشريعة براء! وتتمنى الرفاعي ''أن يفهم مجتمعنا الشريعة السمحاء فهما عميقا شاملا، وأن يدركوا بأن الطلاق لا يشين المرأة وإلا لما الله سبحانه وتعالى، فالرحمن لا يشرع شيئاً يهين المرأة أو يحط من قدرها، بل الطلاق رفع من شأنها حين أعطاها الدين الإسلامي فسحة كي تتحرر من زوج ظالم، وتبدأ حياتها مع زوج أفضل منه· ونتمنى أن تعامل المرأة المطلقة في مجتمعنا كما يعامل الرجل المطلق، فليست كل مطلقة مذنبة''· وتبدي الرفاعي أسفها من نظرة البعض إلى المرأة المطلقة وكأنها ''تعاني من ضعف أخلاقي أو أنها مستهترة، وليست كفؤاً للحياة الزوجية، بينما في المقابل لا ينظر إلى الرجل المطلق بهذه الصورة''· وما دام المقدر قد وقع، فإن الرفاعي تفضل أن ''تهيئ المرأة نفسها للحياة الجديدة بعد الطلاق حتى لا يصبح نهاية سوداء تأسرها في قيود العيب والاتهام والنظرة الدونية من الآخرين والشعور بالفشل''· وذلك بأن تقتنع أولاً بأنها ''قادرة على تجاوز الأزمة حتى ولو كان المجتمع بأسره ضدها، فالزواج والطلاق أمر قد قضاه الله تعالى، وبالتالي لن يساعدها أحد إذا لم تساعد هي نفسها· ويجب أن تستمد طاقتها من الداخل، وتستشعر أن الطلاق محنة لا بد أن تتجاوزها بالصبر والتوكل على الله، والإرادة القوية للبدء من جديد''· وسواء كان لها أولاد أم لم يكن، فإن عليها، حسب الرفاعي، ''أن تثبت للآخرين أنها قادرة على مواصلة حياتها وذلك بالتفكير والتخطيط للكيفية التي ستسير عليها، ومعرفة الأمور السلبية التي يجب أن تتفادها، والمشاكل التي يمكن أن تتعرض لها، وكيف يمكن تجاوزها· وأن تهتم بالارتقاء بحالتها النفسية وشحن تفكيرها دائما بالأمور الإيجابية عن الذات، وعدم استشعار الفشل أو النقص أو الانكسار، فهي لا تختلف ولا تقل عن غيرها ولا تحمل وصمة عار كونها مطلقة، ولابد أن تكون من القوة بحيث تستطيع أن تواجه الآخرين بكل شجاعة ومنطقية، ثم تسعى بعد ذلك لإيجاد دور لها في الحياة، من خلال الوظيفة أو الالتحاق بأي مؤسسة مجتمعية، فالعمل من أقوى الأسباب التي تساعد المرأة على نسيان الماضي والتغلب على التفكير السلبي· ومما يساعد الإنسان على تجاوز مشكلاته أن يزيد علاقاته الاجتماعية، فليس معنى الطلاق أن ينعزل الإنسان وينزوي خوفا من نظرة الآخرين، ولا شك بأن وجود الأصدقاء الذين يسمعون بمحبة وتفان، ويعطون المشورة الصادقة من أهم الأسباب التي تأخذ بيد المرأة نحو النجاح''·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©