الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما... مفخرة هاواي

أوباما... مفخرة هاواي
26 أغسطس 2009 02:38
عادة ما يقول أبناء عمومتنا من اليابانيين الأميركيين من وراء ظهورنا إننا نحن أبناء عمومتهم في جزيرة هاواي نتخلف عنهم في المواطنة بما لا يقل عن عشر سنوات. والمقصود بهذا الفترة الزمنية التي استغرقناها قبل الحصول على شهادات ميلادنا، عقب تحول هاواي إلى ولاية وانضمامها للاتحاد الأميركي في عام 1959. فحتى بعد انضمامها للاتحاد، واصلت الجزيرة لبضع سنوات إصدار شهادات محلية باسمها دون الإشارة إلى الولايات المتحدة الأميركية. وكنت قد ولدت في جزيرة مولوكاي في عام 1961، وهو نفسه عام الميلاد الذي أشارك فيه الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما. لهذا سوف تحتفل ولايتنا بعيد ميلادها الخمسين في عطلة نهاية الأسبوع الحالي. أما اللغط الذي أثير حول أصل أوباما والتشكيك في مسقط رأسه وما إذا كان أميركياً أم لا، فكلها أمور تبدو مثيرة لاستغرابي ودهشتي. فهو ينحدر من أم أميركية وأب كيني. وبما أن هذه هي الحقيقة، فهل ما يثار من شكوك حول مواطنته، مصدرها الخلط بين مولده في جزيرة هاواي وكون أبيه كيني الأصل؟ إن في السؤال نفسه ما يثير الكثير من الحيرة والدهشة: فهل يشكك هؤلاء في كون جزيرة هاواي نفسها ليست ولاية أميركية لأنها لا تقع ضمن الحدود الجغرافية الأصلية لأميركا؟ أم أن مصدر هذه الشكوك أن الجزيرة لم تصبح جزءاً من الاتحاد الأميركي إلا قبل عامين فحسب من ولادة أوباما؟ بهذا نصل إلى السؤال الجوهري الذي تحوم حوله كل هذه الأسئلة والشكوك: هل تعتبر هاواي ولاية أميركية من الناحيتين القانونية والدستورية أم لا؟ أجيب عن هذا السؤال بالقول إن بعض مواطني جزيرة هاواي الأصليين يقولون إن أوباما يبدو أميركياً في نظر الأميركيين، ولكن المشكلة أن جزيرة هاواي نفسها لا تعد ولاية أميركية من الناحية القانونية. والحجة التي يثيرها هؤلاء أن جزيرة هاواي كانت في الأصل مملكة إلا أنها أخذت عنوة من قبل ما كان يعرف حينها بـ «لجنة السلامة الثورية» التي كانت تدعمها قوات المارينز الأميركية. وبالنتيجة أرغمت ملكة هاواي على التنحي عن عرشها في عام 1893 تجنباً لإراقة دماء بني وطنها. وذلك هو يوم ميلاد الجزيرة باعتبارها جزءاً من الولايات المتحدة الأميركية، بكل ما أحاط بذلك اليوم من تعقيدات. من بين مواطني الجزيرة الأصليين لم يكن «روبرت كاناكولي» -أحد مؤسسي تحالف هاواي المستقل- وهي مجموعة سيادية في الجزيرة، في حالة مزاجية هيأته للاحتفال بذكرى ميلاد الولاية الجديدة. ومن رأيه أن اللغط الدائر الآن حول أصول أوباما يدور حول السؤال الخطأ أصلا. فلا شك في أن أوباما مواطن من مواطني الجزيرة. لكنه ولد عقب الإطاحة غير الشرعية بمملكة هاواي السابقة. فلا أحد من مواطني الجزيرة يهتم كثيراً بهذه الترهات التي تطلقها صحافة الوطن الأميركي القاري الكبير حول أصول أوباما وجذوره. وما من أحد منهم يشكك في أنه «ولد» من «أولادهم»، وأنه أسود اللون، وأنه فعل أفضل ما يمكن أن يفعله أي مواطن أميركي بوصوله، بمهاراته وموهبته وذكائه، إلى المنصب الرئاسي. فليست ثمة مؤامرة في هذا على أميركا كما يقول البعض. فلماذا هذا الهراء إذاً؟ إنه هو المؤامرة بعينها. ثم إننا جزيرة التناقضات والتباينات الاجتماعية والثقافية المؤلمة. فقد عرفت هاواي بأنها ملاذاً آمناً للمهاجرين القادمين من الصين واليابان والبرتغال وإسبانيا وبورتوريكو وكوريا وألمانيا والفلبين. وقد تدفقت هجرات كافة هذه الجنسيات ابتداء من أواخر القرن التاسع عشر للعمل في مصانع السكّر الأبيض التي انتشرت في هاواي وقتئذ. ثم تلا ذلك تدفق هجرات القادمين من دول مثل لاوس وساموا وتونجا وفيتنام وفيجي وكمبوديا وتايلاند وغيرها. وبذلك أصبحت الجزيرة خليطاً هائلا من الثقافات والأديان والأعراق. فإلى جانب الألعاب النارية التي تشهدها احتفالات عشية رأس السنة الجديدة، هناك رقصات التنين وعروض فتية الكاوبوي الأصليين والأغنيات التي تتحدث بعدة لغات وألسن. ويصحب كل ذلك تنوع هائل في الاحتفالات والأطعمة والأزياء والممارسات والطقوس الشعبية. ويجب القول أيضاً إننا دائماً ما حافظنا على قدر معقول من التسامح والتعايش السلمي فيما بيننا. فسكان الجزيرة يتم تصنيفهم على أساس انتمائهم العرقي أو أصولهم وبلدانهم التي وفدوا منها. على سبيل المثال يتحدث سكان الجزيرة عن صراف البنك البرتغالي وعن نادل المطعم الياباني، وعن السكرتيرة الكورية، والمحامي الفلبيني، وصولا إلى الحديث اليوم عن «رئيسنا الأسود». والأرجح أن يستمر هذا التوازن العرقي الثقافي في الجزيرة مثلما فعل لبضعة قرون مضت. من جانبهم يعتقد ناشطو الحركة السيادية في هاواي أن لمواطني الجزيرة حقوقاً سيادية تجب المطالبة بها. ويصنف هؤلاء أنفسهم بأنهم محافظون ليبراليون. لكنهم نسوا أن هاواي تنتمي إلى أعظم دولة في العالم. ولها اليوم من هذا الانتماء الكبير 50 عاماً بالتمام والكمال. ورغم كثرة تعددنا الإثني الثقافي، فنحن نفخر جميعاً بأن لنا رئيساً أسود، هو الأول من لونه الذي يحكم الاتحاد الأميركي الذي انتمينا إليه. لويس آن ياماناكا كاتب روائي ومدير مدرسة للكتابة الإبداعية في هونولولو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©