الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاستسلام للمرض والموت

الاستسلام للمرض والموت
12 مايو 2010 22:04
كتاب “في وادي الدموع” هو شهادة طبيب فرنسي شاب اكتشف فجأة أنّه مصاب بداء السّرطان وأنّ أيّامه أصبحت معدودة، بسبب المرض الخبيث الّذي نخر جسمه في غفلة منه. يبدأ الكتاب هكذا: “كنت على وشك الاحتفال بذكرى ميلادي الخامسة والثّلاثين، عندما تمّ إعلامي فجأة بأنّي مصاب بالسّرطان”. لم يتقبّل الطّبيب في البداية أن يتحوّل إلى مريض على مشارف الموت، وهو في كلّ سطر وفي كلّ فقرة، وفي كلّ فصل من كتابه يصوّر الحيرة الوجوديّة الّتي امتلكته، ولكن الحقيقة المرّة كانت تؤلمه وتذكّره ـ وهو على السرير الأبيض ـ بأنّه فعلاً مهدّد بالفناء والانتقال إلى العالم الآخر، وبحثاً عن نسيان حاضره ارتمى الكاتب في ماضيه بحثاً عن استرجاع لحظات السعادة وزمن الحب الضائع ليصل إلى الواقع المرير. والمؤلّف يورد في كتابه كلّ الأفكار التي مرّت بخاطره منذ دخوله المستشفى للعلاج ويصف بدقة كلّ الحالات النفسية التي ألمت به، وهو يروي بكثير من الشفافية والصدق والمعاناة تفاصيل التحول الذي عاشه من طبيب إلى مريض، فهو يصف خوفه والفزع الّذي ملأ كيانه من الموت الذي ينتظره، كما يصور في أسلوب مؤثر بليغ أمله في الشّفاء، ففي عتمة اليأس يتسلل إلى المرء دائماً الأمل، ويتخلّل كلّ ذلك حديث عن الحبّ الضّائع، وهجر الأصدقاء، وتأمّلات في مصائب الدّهر ونوائبه. وليس هذا أوّل كتاب يروي فيه مريض تجربته مع داء السّرطان ولكن خصوصيّة هذه الشّهادة أنها صادرة من طبيب شاب واجه الموت فجأة في فترة من حياته لم يكن يتوقع فيها أن يتسلل إليه المرض، وهو يستخلص أنّ الإنسان أمام مصائب الدّهر يجد نفسه دائماً وحيداً في مواجهة مصيره. إن نص هذا الكاتب جاء شهادة صادقة عن تارجح الإنسان في لحظة ضعف بين اليأس والرّجاء، بين الغضب والهدوء، بين النّقمة والاستسلام للقدر، ولا شكّ أنّ القارئ يتعاطف مع المؤلّف ويشاركه حيرته وعذابه. لم يعد المؤلف ـ وفق شهادته ـ يحلم ولم يعد يجد متعة في مطالعة الكتب، وامتلكه شعور مرير بالوحدة بعد أن تخلى عنه الأصدقاء وأصبح يعيش في فراغ تام بعد إعلامه بأنه لم يبق في عمره إلا ستة أشهر فقط. لقد امتلكه الفزع ووصل إلى درجة اليأس والشعور بالعجز أمام مصيره المحتوم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©