الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وللنور أقواله أيضاً..

وللنور أقواله أيضاً..
12 مايو 2010 22:03
في كتابه “أقوال النور: قراءات بصرية في التشكيل المعاصر”، الصادر حديثاً عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، يواصل حاتم الصكر اهتمامه بالمنجز التشكيلي العربي الذي بدا واضحاً مع كتابه “المرئي والمكتوب”، منطلقاً من مفهوم يرى أهمية إشاعة الثقافة البصرية في حياتنا العامة. لهذا تبدو ملاحظاته الفنية للأعمال المختارة جزءاً من قراءة عامة للتحولات التاريخية: الاجتماعية والسياسية. ففي بحثه الأول، من الكتاب، يتناول الحرب كواقعة فنية في النصوص التشكيلية، فيقرأ مرادفات الحرب في اللغة سواء عند الشعراء كزهير أبي سلمى والمتنبي أو في الثقافة الشعبية وتعبيراتها “مثل الموت من الحب، أو الموت على الحبيب” إلى جانب ما يرد في قصص الحب. ويقرأ تمثل الحرب في فنون وأساطير العراق القديمة، حيث عشتار كانت “إلهة للحب والحرب معاً في الفكر الرافديني” مستعيداً منحوتات قديمة بدت على هيئة سردية وملحمية لذاكرة الحروب، التي كانت حينها “المركز البؤري للأعمال الفنية ومناسبة ظهورها أو وجودها”. في الكتاب الذي جاء على شكل دراسات ومقالات يقرأ الصكر “نصب الحرية” لجواد سليم، ضمن منحى يركّز على فضاء العرض البغدادي الخارجي للعمل “لكون النحت حراً من أية أطر سوى حدود وجوده الكتلوي”. وبعد البحث في مدلولات مفردة النصب في الثقافة العربية والمرجعية المكانية والتاريخية في منجز جواد سليم، يشير إلى ملاحظات قالها دارسو نصب الحرية حول تأثر الفنان إلى حد كبير بالنحت الأشوري والسومري، وإن فيه رمزية تسترجع تمثال الحرية الأميركي ولوحة (الحرية تقود الشعب) لديلاكروا. وهي مؤثرات “تدل على نشاط ذاكرة الفنّان وثقافته الفنية، وإلى شيوع الرمز العام ودلالته، دون أن يعني ذلك النقل أو الاستنساخ”. يبحث المؤلف ما يسميه إشكالية تأهيل المتلقي في ضوء مقولات الحداثة، حيث يرى فيها بعض الأوهام والتناقض، ويلاحظ “تجسيم تلك المشكلات لغربة المحيط عن مقولات الحداثة ونقصانها، أي عدم تكملة برنامجها اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، فهي معروضة للتداول في مجتمع غير حر ومتخلّف وهي تنفي الموضوع، والجمهور يبحث عنه، وتلامس الجديد وتتحمس للمستقبل، والجمهور متمسك بالماضي وقيمه، وهي تستكمل وجودها المعرفي في الفنون والآداب بينما تعاني بعض تلك الحقول تأخراً أو غياباً في بعض الأحيان كالسينما والدراسات الفنية والمسرحية المنتظمة في أقطار كثيرة”. وهنا يشير إلى مشكلات تواجه انتشار الفن ومنها الأمية البصرية، وإغفال الصورة من برامج الحياة، وغياب الدراسة الفنية المنظمة “لا للفن التشكيلي فحسب، بل للعلوم الإنسانية السائدة كعلم الجمال والفلسفة وتاريخ الفن والنقد بأنواعه”، إضافة إلى العوامل الاقتصادية التي تجعل الفن درجة دنيا من سلم الأولويات”، وتدني المستويات التعليمية وإغفال الإعلام للجوانب الفنية. يتناول المؤلف الصورة البصرية الجديدة وإزاحتها لسلطان الكلمة و(سحرها) من خلال فحص “دلالات الصور وتركيبها والبحث عن در مجازي لها تعززه الذاكرة والمخيلة من جهة، وتسليعها بالمقابل وتكريس دورها الأيقوني والنمطي وتغير موقع المتلقي بمؤثرات ومحددات واقعية وضغوط تقنية” مع هذا فالصكر يرى أن “النخبوية التي يتميز بها الفن مع اندماجه بقضايا الإنسانية والحريات والحقوق والجماليات والمعرفة تمثل حصانة للبصر والمبصَر معاً وتحفظ للثقافة البصرية فرصة التغيير بعيداً عن التشابه والتسويق والاستغلال السياسي أو الدعائي بأشكاله”. يبحث المؤلف مستقبل اللوحة الحروفية في ضوء الاستفادة من المستحدثات الفنية والوسائط الحديثة، ويشير إلى أعمال شاكر حسن وضياء العزاوي وعبداللطيف الصمودي وآمنة النصيري ومحمد أبو النجا وهناء مال الله وغيرهم. في الكتاب، أيضاً، قراءات لأعمال ياسر حمود، ناجي العلي، طلال النجار، ريمة قاسم، رافع الناصري، أحمد البحراني وعبدالرحمن الغابري، إلى جانب مقالات عن جماليات اللوحة، والثقافة البصرية، والفن والعولمة. وتضيء المقدمة عنوان الكتاب، فالنور يقول “جملاً ضوئية ذات أبعاد تشكيلية تشرق على النفس وتضيء مجاهلها، بينما يتشكل من الأقوال وهي إشارات وإحالات ودلالات نور آخر يضيء النفوس التي تتحسس ما في الكلمات”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©