الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

تحديات ومخاوف ما بعد ترشح السيسي إلى رئاسة مصر

تحديات ومخاوف ما بعد ترشح السيسي إلى رئاسة مصر
29 مارس 2014 12:59
محمد نوار (القاهرة) غادر المشير عبدالفتاح السيسي منصبه في وزارة الدفاع المصرية، ليعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة التي ينتظر أن تسدل الستار على أطول فترة انتقالية عاشتها مصر. ونزولاً لرغبة «كمل جميلك » بعد قيامه بعزل الرئيس السابق محمد مرسي، رأت جماهير الشعب أن الشخص الذي حررها من قيود الدولة الدينية والعودة بها إلى مربع المدنية، متحدياً بذلك موجات التظاهر والاحتجاجات التي لم تتوقف، ومخاطر الإرهاب المتصاعدة، وتحدي بعض الدول والقوى الخارجية لإرادة الشعب بدعم وتمويل جماعات الإسلام السياسي والجماعات المتطرفة لزعزعة الأمن والاستقرار، هو المؤهل لقيادة البلاد. لكن الخبراء السياسيين والعسكريين انقسموا حول قدرة السيسي العبور بمصر إلى بر الأمان في ظل التحديات الداخلية من تدهور أمني، وسياسي، واقتصادي، بجانب التحديات الإقليمية والدولية. في هذا السياق، وصف مصطفى علوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ترشح السيسي للرئاسة بمثابة شجاعة وجرأة، في ظل وجود دولة غارقة في الديون، واقتصاد مترهل، وفوضى سياسية، وتحديات معادية في الداخل والخارج، وقال «رغم كثرة التحديات الضخمة، إلا أن السيسي يرى أن مصر يمكن أن تتغير للأفضل، وأن المصريين يضعون السيسي في مقارنة دائمة مع الزعيم الراحل عبد الناصر، وهو الأمر الذي يضع حملاً وضغوطا زائدة على الرجل»، وأضاف «أن عبد الناصر قدم أجندة شعبوية ركزت على إعادة توزيع الثروة (العدالة الانتقالية)، في حين أن السيسي لن يجد ثروة من الأساس ليتم توزيعها، وسيواجه إضرابات فئوية وتظاهرات عمالية، قد تعصف بمكانة الرجل في قلوب المصريين، نظراً لأن المعترك السياسي مليء بالغموض والتشابكات والمعايير المزدوجة، وراهن علوي على أن السيسي يحمل جميع مؤهلات القيادة، لكنه استدرك »أن تطلعات المصريين في حياة كريمة قد تعصف بأحلام الرجل وتقضي على شعبيته في أول عام من ولايته، بل ربما يندم المصريون إذا انتخبوا السيسي في حال ارتفعت الأسعار، أو إذا عادت الدولة البوليسية مجدداً«، وشدد على ضرورة أن يكون السيسي رئيساً متوازناً في كافة تصرفاته السياسية والاقتصادية، ويحاول تقليل نفوذ قوى سيطرة الرأسمالية في مؤسسات الدولة، والاهتمام بالفقراء ومحدودي الدخل. ومن وجهة نظر مخالفة قال اللواء طلعت مسلم الخبير الاستراتيجي «إن إعلان السيسي ترشحه للرئاسة بالزي العسكري كان خطأ واضحاً وأن ذلك أظهر أنه مرشح كرجل عسكري وليس مدنياً»، وأرجع ذلك ربما بسبب ضيق الوقت وانتهاء اجتماع المجلس العسكري في وقت متأخر من الليل وإعلان بيان استقالته واختيار اللواء صدقي صبحي وزيراً للدفاع، لكنه استدرك قائلاً «إن ظهور السيسي وإعلان ترشحه بالزي العسكري حمل مؤشرات بأنه يريد أن يؤكد على وفائه وتقديره للمؤسسة العسكرية، وأنه لن يتوقف في حربه على الإرهاب وحماية المدنيين وملاحقة من يتسبب في أمن واستقرار البلاد، مع الحفاظ على المناخ الديمقراطي ومستحقات ثورة 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013«. وعلى صعيد ذي صلة توقع عبدالله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أن يواجه السيسي تحديات أمنية خلال حملته الانتخابية، كونه لن يستطيع الالتحام مع جماهيره ومؤيديه نظراً للتهديدات التي يواجهها باستهدافه شخصياً من قبل الجماعات المتطرفة، والتي تهدف من وراء العمليات التي تنفذها عدم استكمال خارطة المستقبل، وأشار إلى أن تلك الجماعات تحاول تقويض وإفشال العملية الانتخابية من خلال محاولات التهديد باغتيال السيسي. وفسر إعلان السيسي بأن حملته الانتحابية لن تكون تقليدية لتفادي المخاطر الأمنية وحفاظاً على سلامة وأمن أرواح الجماهير، ونبه إلى أن السيسي بعد استقالته وإعلان ترشحه أصبح مواطناً عادياً ولن يتمتع بالحماية الأمنية بخلاف تلك الحماية المتعلقة بشخصه كوزير دفاع سابق يتطلب حمايته، ولكن ستتوفر له الحماية الأمنية كبقية المرشحين بعد إغلاق باب الترشح للرئاسة كإجراء واجب على الدولة، على أن يتم سحبها من بقية المرشحين بعد نهاية العملية الانتخابية. غير أنه عبّر عن مخاوفه من انحياز الحكومة الحالية برئاسة إبراهيم محلب لصالح السيسي دوناً عن بقية المرشحين، موضحاً «أن بعض الوزراء أعلن تأييده للسيسي حتى قبل إعلان ترشحه مطالبهم بتقديم استقالاتهم فوراً حفاظاً على الحياد حتى يكونوا على مسافة واحدة من كل مرشحي الرئاسة». وحمل حديث عمرو الشوبكي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاقتصادية، تحذيرات ومخاوف على السيسي من المساس بالدعم الحكومي على المحروقات البترولية أو الخبز وغيره، خاصةً وأن الرجل يمتلك شعبية هائلة بين الطبقة المحدودة والمتوسطة، وهؤلاء يأملون في تغيير حياتهم إلى الأفضل مع الرئيس المحتمل السيسي، غير أنه رأى على الصعيد الخارجي «أن ترشح السيسي، رغم أنه قرار وشأن داخلي، إلا أنه فتح مجالاً أمام الغرب للتشكيك في ثورة 30 يونيو، ومع ذلك لن يستطيع المجتمع الدولي وقف تعاملاته السياسية مع القاهرة، بل سترضخ القوى الخارجية للأمر الواقع، وسيحترم إرادة الشعب». لكن الخوف حسب تصور الشوبكي من جماعة الإخوان المسلمين التي لن تحترم رغبة الرجل في الترشح للمنصب الرئاسي، وستعمل الجماعة على كيفية خلق المشاكل وصناعة الأزمات أمام الرجل لإفساد ولايته الرئاسية، نظراً لأن جماعة الإخوان كانت تنتظر قرار ترشح السيسي حتى ينزل إلى ملعبها السياسي في الشارع، وبالتالي سوف يزداد الأمر مع الرئيس المحتمل السيسي، لأنه عدو الإخوان الأول». وفي رأي رفعت سيد أحمد مدير مركز يافا للدراسات السياسية والاستراتيجية «أن السيسي لابد أن يكون رئيساً لكل المصريين، حتى لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، لأنهم في النهاية مصريون يختلفون سياسياً مع النظام السياسي المؤقت بعد عزل مرسي، وعلى الرجل أن يثبت أنه لن يكون رئيساً لفريق «تسلم الأيادي» فقط، بل سيكون رئيساً لمن يصفونه بأنه «خائن»، محذراً من تصاعد الانقسام الشعبي بعد ترشح الرجل للمنصب الرئاسي، الذي سيصيب الدولة المصرية بالترهل والضعف وعدم التماسك، في أصعب مرحلة تواجهها البلاد عبر تاريخها، وقال «إن السيسي مطالب بتقديم ضمانات حقيقية نحو خلق نظام سياسي بعيداً عن رجال الحزب الوطني المنحل أو جماعة الإخوان، لأن من ثار عليه الشعب لا يصح أن يكون متواجداً في السلطة، ويؤكد على ضرورة تدخل من يصفهم بالعقلاء لعقد مصالحة مع كافة التيارات المختلفة سياسياً مع السيسي، حفاظاً على الدولة من الانهيار الشعبي، نظراً لأن الواقع يؤكد أن جماعة الإخوان وحلفاءها من المتشددين سوف يصطفوا جميعاً لإفشال فترة الرجل، وربما يذهبون إلى ميدان التحرير للمطالبة برحيل السيسي بعد أشهر قليلة من رئاسته، وأعتقد أن رفض السيسي وجود حملة انتخابية تجوب محافظات الجمهورية، يعود إلى دواعي أمنية، وخوفاً من اغتيال السيسي من أعدائه الموالين للإخوان». طموحات خارجية وفيما يخص السياسة الخارجية لمصر في عهد السيسي، توقع خالد عمارة مساعد وزير الخارجية الأسبق للعلاقات الدولية، بأنها ستكون مختلفة تماماً، نظراً لأن السيسي يرفض أن تكون مصر موالية للغرب في جميع تعاملاتها السياسية والمالية والعسكرية، بل يرحب بتنوع العلاقات الخارجية بين القاهرة والعواصم العالمية، وقال «على سبيل المثال عندما توترت العلاقات بين مصر وأميركا ذهب السيسي إلى روسيا، وهي خطوة ماكرة كسرت قيود الغرب على الدولة المصرية، وبعثت برسائل أن القاهرة لن تعتمد على شريك دولي واحد»، موضحاً أن السيسي يريد استكمال ما بدأه عبد الناصر في القرن الماضي، من وجود تحالف عربي لمواجهة الأخطار التي تهدد أمن واستقرار المنطقة العربية، بالإضافة إلى استعادة الكتلة الشرقية مثل الصين وروسيا والهند وإندونيسيا، وحتى دول أفريقيا لتكون بجانب القاهرة في أزماتها، وأضاف «أن السيسي سيواجه معضلة حقيقية في سياسته الخارجية وهي كيفية التعاون مع دول حوض النيل، وتحديداً إثيوبيا، كونها تتمسك باستكمال بناء سد النهضة، مما يهدد السلالة والزراعة في مصر، ويؤثر على حصتها في مياه النيل، وأعتقد أن الرجل ورث هذه الأزمة بعد سنوات من الإهمال المصري». وتوقع دعماً خليجياً لمصر على الأقل في الأشهر الأولى من ولاية السيسي، حتى تتماسك الدولة وتنهض اقتصادياً، ونبه إلى أن قطر ستغير لهجتها الكلامية تجاه مصر، ليس خوفاً من السيسي وإنما لكسب ود الرئيس المصري، الذي سيكون من أقوى الرؤساء، لأن جميع قادة دول المنطقة تنظر إليه بأنه نجح في تحدي العالم ضد الإخوان. ويواجه السيسي تحديات إقليمية خطيرة من وجهة نظر محمد السعيد إدريس رئيس وحدة الدراسات الإقليمية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الذي قال «إن السيسي يريد تخليص مصر والمنطقة العربية من ??شرور المنظمات الإرهابية، وأعتقد أن الأزمة السورية ستكون على جدول أعمال السيسي في ولايته الرئاسية، ومن المتوقع أن يكثف الرجل لقاءاته مع الرئيس السوري بشار الأسد والمعارضة للتوصل إلى حل وسط، حيث إنه من المفترض أن يكون للقاهرة دور حيوي في هذه الأزمة تحديداً، كون السيسي يتمتع بعلاقة جيدة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وسيكون هناك تعاون بين الطرفين لحل أزمة سوريا، بعيداً عن أروقة جنيف أو التدخل الغربي». وفيما يخص الشأن التركي رأى إدريس أن توقعات ترشح رجب طيب أردوغان لرئاسة تركيا أصبح أمراً متوقعاً، وقد تكون هناك رسائل كلامية متبادلة بين السيسي وأردوغان، فالأخير لن يتوانى عن مهاجمة مصر أثناء رئاسة السيسي، لكن الدور المصري إقليمياً سيكون مغايراً في عهد السيسي، نظراً لأن الرجل يحاول إحياء القومية العربية، وهي الخطوة التي ستساعد مصر كثيراً نحو استعادة مكانتها في المنطقة. ورأى أن تصالح طهران مع القوى العالمية سيجعلها أكثر نفوذاً في المنطقة خلال الأعوام المقبلة، وهناك مخاوف خليجية من تصاعد هذا النفوذ، خاصةً وأن الجمهورية الإيرانية ترغب في توسعات داخل الخليج العربي، ولذلك فإن الدول العربية ستقف خلف القاهرة لاستعادة دورها المفقود في المنطقة لمواجهة التهديدات الإقليمية. وأوضح حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن هناك تحديات إقليمية تحتاج من الدولة المصرية في عهد السيسي لتقديم حلول لمعالجة آثارها السلبية في المنطقة، أبرزها القضية الفلسطينية، ولكن التساؤل، كيف سيتعامل السيسي مع السلطة الفلسطينية تحت حكم حماس؟، وأجاب قائلاً «أعتقد أن حركة المقاومة سوف تتخلى عن أنشطتها المسلحة في سيناء، لكسب تعاطف الدولة المصرية مجدداً»، وتوقع شن إسرائيل حرباً على غزة، لقياس ردة فعل النظام المصري القادم بقيادة السيسي نحو الدولة العبرية، وتحديد نبرة الخطاب السياسي القادم مع تل أبيب، وهل سيحمل عداءً أو توافقاً مع الجانب العبري؟، وأوضح أن السيسي سيواجه تحديات كبيرة على المستوى الداخلي والخارجي، والعالم يريد اختبار قوة الرجل خلال الفترة الأولى من ولايته الرئاسية، وبالتالي فإن المسؤولية ليست سهلة والتحديات لن تكون بسيطة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©