الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رمضان فلسطين.. تقاليد صامدة رغم التحديات

رمضان فلسطين.. تقاليد صامدة رغم التحديات
22 يونيو 2016 20:49
علاء المشهراوي (القدس) كثيرة هي العادات الفلسطينية الجميلة التي طواها التطور التكنولوجي، واندمجت مع روح العصر وتأقلمت معه، وأمست ذكريات خالدة لدى أهل فلسطين في شهر رمضان شهر الخير والبركة والإحسان، ولكن على الرغم من ذلك لا يزال الشهر الفضيل في فلسطين يحتفظ بالعادات والتقاليد والمظاهر الثقافية والاجتماعية الخاصة به بعد أن توارثتها الأجيال، وتمسك بها الأبناء والأحفاد لتبقى خالدة، ومن أبرزها «المسحر»، والإفطار الجماعي للأسر، ولائحة المأكولات التراثية. وقال المؤرخ الفلسطيني سليم المبيض «الشعب الفلسطيني بطبعه يمتاز ببناء اجتماعي مترابط يحرص أهله على الدفاع عنه والحفاظ على القوة التي يتمتع بها لا سيما في عاداته وتقاليده في شهر رمضان». وتابع «حافظ الشعب الفلسطيني على مدار عقود على ملامحه التراثية وطبيعته التاريخية سواء في الموروث الفلاحي أو الحضري في شهر رمضان سواء في اجتماع الأسر على مائدة الإفطار، مستمتعين بالاستماع لصوت إطلاق مدفع رمضان، وتناول المأكولات والمشروبات التراثية التي تشتهر في الشهر الفضيل مثل المنسف والسماقية والملوخية والكعك والمعمول وقمر الدين والقطايف». وأوضح أن الفلسطينيين يميلون إلى الافتخار بماضيهم في شهر رمضان، ويرددون الأهازيج والأغاني الشعبية، وأجواء الفرح، بالإضافة إلى الجو الجميل الذي يشيعه «المسحر» بصوته الندي. وتبدأ الطقوس الرمضانية في فلسطين بعد ثبوت رؤية الهلال شهر رمضان وتحديد اليوم الأول، حيث تعلن المساجد الصيام عن طريق رفع الأدعية والابتهالات، وتضاء الفوانيس في كل مكان بأنوارها الزاهية، فيما يخرج الأطفال إلى الأحياء فرحين، في تقليد يدخل البهجة إلى القلوب حتى اليوم. ولا تكتمل صورة شهر رمضان من دون «المسحّر»، فهو يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتقاليد الفلسطينيين الشّعبية الرّمضانيّة، فقبل السحور بساعتين يجول في الأحياء الشّعبية موقظاً الأهالي، حيث يقوم بالضرب على طبلته، ويرتفع صوته بأجمل الأناشيد الدينية ما يضفي سحراً خاصّاً على المكان. في السياق ذاته، قال المبيض «من أبرز ملامح رمضان في فلسطين المسحر، الذي يجوب الكثير من شوارع المدن والقرى الفلسطينية، يشدو بصوته الأناشيد الدينية والأذكار، ويضرب على الطبل بقوة، ليوقظ أكبر عدد من السكان ليتناولوا سحورهم»، مشيراً إلى بعض العبارات المشهورة للمسحّرين كقولهم: «يا نايم وحّد الدّايم يا غافي وحّد الله، يا نايم وحّد مولاك للي خلقك ما بنساك، قوموا لسحوركم جاء رمضان يزوركم»، ويلحن هذه الكلمات بضربات فنّية بارعة مستخدماً إيقاع طبلته. وأوضح أن المسحّر لا يتقاضى أجره في الحال، لكنه ينتظر حتى أول أيام العيد فيمر بالمنازل منزلاً منزلاً ومعه طبلته الخاصة، فيضرب عليها نهار العيد كما كان يفعل في ليالي رمضان، فيمنحه النّاس المال والهدايا والحلويّات، ويتبادلون معه عبارات التّهنئة بالعيد السّعيد. ويتميز الطعام الفلسطيني خلال شهر رمضان بأصناف خاصة يفضلها الفلسطينيون مثل المقلوبة والسماقية والمفتول والمسخن والمنسف والملوخية والكعك والمعمول والزبيب والقطين، كما لا تغيب المتبلات والمخللات والسلطات عن المائدة الفلسطينية، فيما تتصدر القطايف الحلويات من دون منازع. أما المشروبات التي اعتادها الفلسطينيون في هذا الشهر فتضم عصير الخروب وعرق السوس والتمر الهندي وقمر الدين والشاي والقهوة العربية، كما لا يتوانى الباعة عن تقديمها في الأسواق والساحات العامة. ومن أبرز العادات والتقاليد، التي يمارسها أبناء الشعب الفلسطيني خلال شهر رمضان المبارك، قال المبيض: «إنها عادة تبادل أطباق الطعام قبيل الإفطار بين الأسر والجيران، وهي المناسبة التي تجعل ربات البيوت يتفنن في إعداد الأكلات للتباهي بها». وفي شهر رمضان، تضع النساء في عديد من الأسر جدولاً يومياً لتحضير الطعام في بيت كبير العائلة، أو إحضار الطعام إلى بيته. فيما ينقل الأبناء المتزوجون طعام إفطارهم إلى بيت والدهم ليتناولوه معاً. وقال المبيض: «إن الأبناء والأحفاد في فلسطين اعتادوا تناول طعام الإفطار في منزل الأب أو أحد الأبناء بشكل دوري فيما يعرف بالإفطار الجماعي للأسرة، كما اعتادوا دعوة الأقارب والأرحام والأصدقاء مرة على الأقل لمشاركتهم وجبة الإفطار، الأمر الذي يزيد من اللحمة وقوة النسيج الأسري والاجتماعي». ملامح تضامن يتميز رمضان فلسطين بانتشار موائد الرحمن، التي تقدم من قبل رجال الخير والمؤسسات والجمعيات الخيرية. واعتاد الفلسطينيون على الإكثار من الصدقات والتعاضد مع الفقراء والمساكين والإحسان وإرسال الطعام إلى الجيران والأصدقاء والأسر المحتاجة، حيث تنتقل الصحون بين المنازل قبل موعد أذان المغرب في مشهد يعزز اللحمة الاجتماعية. كما درجت العادة على أن يخرج الأغنياء زكاة أموالهم في الشهر الفضيل ما يشيع الفرحة والتضامن بين الأغنياء والفقراء.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©