الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

زينب حفني تسرد قديمها بطريقة جديدة

زينب حفني تسرد قديمها بطريقة جديدة
27 يونيو 2008 02:33
رواية ''سيقان ملتوية'' للروائية والصحفية السعودية زينب حفني الصادرة حديثا من بيروت عن ''المؤسسة العربية للدراسات والنشر'' تجسد الدفاع عن الإنسان وحقوقه من خلال الدفاع عن المرأة المظلومة منذ أيام حواء التي وصفتها في إهداء عمل سابق لها بأنها ''المتهمة الوحيدة في قضية إخراج آدم من الجنة''، إلا أنها في روايتها الحالية تنتهي إلى أن تمتع المرأة بحقوقها ومحافظتها على كرامتها وقيمتها كإنسان يعني عملياً أن عليها الانتقال إلى عالم يحترم الإنسان مهما كان جنسه ولونه ومعتقده، وهذا لن يتحقق، حسب ''سيقان ملتوية''، إلا خارج وطنها· وتبدو الرواية أقرب إلى مجموعة قصص تتناول شخصيات مختلفة بينها ''خط ناظم'' هو شخصية بطلة الرواية، إلا أن هذه الشخصيات تتحدث مباشرة ومداورة عن الظلم الذي يلحق بالمرأة حتى وإن أتى عبر نية طيبة ومحبة كما جرى في الخلاف بين الأب وابنته الحبيبة· أنه التحكم الدائم بالمرأة زوجة وابنة والذي يتجسد أحياناً في تصرفات أبوية تستند إلى اعتقاد الرجل الأب أو الزوج بأنه يفهم أكثر منها ويعرف مصلحتها أفضل من معرفتها هي بها، بل إنه يعرف مشاعرها أكثر مما تعرفها هي· إلا أن هذا ''الشقاء'' أو الألم الذي ينتج عن معاملة من هذا النوع لا يصيب المرأة ''المظلومة'' وحدها بل يصيب بالقدر نفسه وأكثر أحياناً الرجل الظالم نفسه أيضاً، كما حدث للوالد في الرواية إثر صفعه ابنته الحبيبة و''المتمردة'' التي تطلب حريتها في الحياة· ويذكر هنا أن هذه العائلة السعودية تعيش في بريطانيا لا في المملكة العربية السعودية، ومع ذلك فربّ العائلة مصرّ على المحافظة على تقاليد بلده وقيمه· وشخصيات زينب حفني متمردة في كل أعمالها السالفة لكن تمردها يختلف عما ألفناه من صور التمرد عند عدد من الكاتبات الخليجيات، حيث يتخذ التمرد أشكالاً مغرقة في التحرر الجنسي بحجة أن هذا هو بعض من ممارسة الإنسان لحقوقه· معظم أشكال التمرد عند زينب حفني كانت تمرداً على ما تعانيه المرأة من ظلم واستبداد وحرمان· إنه مطالبة بحقوق المرأة لكنه في الوقت ذاته رفض للرذيلة والفحشاء ودعوة إلى المرأة لاحترام الذات· أحداث الرواية تكاد لا تقدم جديداً مما لم نقرأه سابقاً عند حفني وعند غيرها· إلا أنها تسرد هذا الجديد الذي يشبه القديم بطريقة جيدة· ترى هل تود أن تقول لنا إن الأمور هي نفسها وليس هناك من تغير إلا في موقف البطلة النهائي؟ بطلة رواية ''سيقان ملتوية'' ولدت وعاشت في لندن وبدت في مجالات عديدة أقرب إلى فتاة غربية، حيث تمردت على والدها الذي تحب وتحترم·· فعندما صفعها لأنها أمضت الليل خارج المنزل غادرت هذا المنزل واختفت مما بدا أقرب إلى صاعقة ضربت البيت والأب بصورة خاصة فنقل إلى مستشفى· إلا أنها خططت لتعيش حبها وحياتها وتتزوج بكرامة وإن في شبه سرية· كانت تريد عندما تعود فتلتقي عائلتها ان يكون الجميع -خاصة الأب- راضين عنها فخورين بها· أما التطور الذي سجلته الرواية من حيث المواقف، فهو اختلاف عن مواقف سابقة وهو يظهر لنا بوضوح قدراً من اليأس من النضال في الداخل إذا صح هذا القول· في رواية سابقة هي ''لم أعد أبكي'' تقول بلسان أحد أشخاصها ''إن مشكلة مجتمعنا إنه غارق في الازدواجية··· كل شيء فيه مباح ما دام يتم في سرية·'' وتشير إلى موجات تطرف تعصف بوطنها وتدعو إلى عدم مهادنتها فتضيف: ''العرف أشد وقعاً من القانون في بلدنا، لذا فإنني متوجسة مما سيحمله الغد لنا· سيخرج من ظهرانينا يوماً ما مارد متطرف يقوم برمي مادة حارقة على وجوهنا لتشويه معالمنا· وسنكون نحن السبب في تقوية شوكته وتسهيل خرجه من الزجاجة·'' إلا أن بطلة تلك الرواية على رغم حزنها وبكائها تقرر الصمود والمقاومة وترفض السفر إلى خارج بلدها، فهناك كثير مما عليها أن تقوم به، وتقول في هذا المجال: ''أمامي قضايا إنسانية كبيرة تحتاج إلى دفاع مستميت· وقفت أمام المرآة، مسحت دموعها مرددة: لا دموع بعد اليوم···''، إلا أن لبطلة ''سيقان ملتوية'' موقفاً آخر· إنها متمردة تمارس تمردها من ''الخارج'' دون شك، لكنها في الوقت نفسه تؤمن بأن والدها سيتفهم موقفها لاحقاً وسيكتب قصتها بقلمه الرائع· قالت في نهاية الرواية: ''كنت أريد ترك أقصوصة صغيرة لأبي، أقول له فيها إن الحياة مثل رقصة السامبا الشهيرة تستلزم منا تحريك الوسط وهز الأرداف، لكنها لا تفرض علينا الدهس على رقاب حرياتنا بأقدامنا! إنني بطبعي أبغض الجحود ولا أحمل كرهاً لوطني لكنني أرفض أن أحيا في أرض تلتهم حريتي وتصادر كينونتي باسم الأعراف والتقاليد· ''إنني لا أرغب في الانتماء إلى تربة تشعرني أنني مطية سهلة لكل من هب ودب· تراجعت في اللحظة الأخيرة موقنة بأنه عندما يتصفح مذكراتي سيتفهم بأن الأوطان تفقد بريقها وتذبل سلطتها إذا قست أكثر من اللازم···'' وهنا تستشهد بقول لصديقتها التي كانت قد قالت لها: قد تكون جذوري عربية من وجهة نظرك لكنني تربيت على أن أصنع قدري بيدي
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©