السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رمضان ليس «ماراثوناً» لملء البطون

رمضان ليس «ماراثوناً» لملء البطون
26 أغسطس 2009 00:05
سلوك غريب يتبعه الناس في رمضان، الاندفاع نحو الشراء لكل ما يخطر ومالا يخطر على بال أحد، فعربة التسوق «الترولي» محملة بالكراتين والأصناف والسلع الرمضانية، وكأن رمضان شهر»للأكل والشرب فقط»، ورفوف المحلات والأسواق التجارية تكاد تفرغ من الكميات الموجودة عليها، عملية تفريغ حمولة الشاحنات والعربات المحملة بالبضائع والسلع أمام هذه الجمعيات والمحلات التجارية، ويتكرر المشهد مرات ومرات، وكأن شهر رمضان تحول إلى شهر للنهم الاستهلاكي. ويتكرر المشهد مرات ومرات‏.‏ كل هذا يتم تحت «لافتات» كبيرة تقول: «الشهر الكريم»، و«كل عام وأنتم بخير»‏، و«رمضان كريم‏»!.‏ إسراف عجيب وغير طبيعي يبدو أنه يصيب الصائمين في شهر رمضان، فهذا الشهر هو شهر عبادة وتقرب إلى الله عز وجل وليس بشهر الموائد والإسراف في تناول الطعام، وفي الحقيقة السلوك الغذائي الذي يتبعه بعض الصائمين في شهر رمضان سلوك خاطئ، ويعد تغير العادات الغذائية من الأمور التي تتطلب مجهوداً كبيراً ووعياً وثقافة علمية وصحية، إلا أن الشخص الذي يحاول بقدر الإمكان تغيير هذه العادات سوف يجني ثمارها، ويستشعر بشكل مباشر الآثار الإيجابية للصوم. استهلاك ثابت ترى مروة شريف أن استهلاك أسرتها من المواد الغذائية تقريبا ثابت وتقول: «في هذا الشهر الفضيل لا أستهلاك إلا الحلويات الرمضانية، وما تستلزمه من سكر ومكسرات، بالإضافة إلى لفائف قمر الدين والتمر، فضلا عن شراء الدقيق والسمن لكعك العيد، أما بقية المواد الغذائية الأخرى فاستهلاك أسرتي لا يزيد عن الشهور العادية، وبالتالي لا يزيد حجم إنفاقي كثيرا في هذا الشهر». وتفسر رشيدة السكاكري سبب الإقبال المتزايد على شراء المواد الغذائية طوال شهر رمضان قائلة:«إن الكثيرين يلجؤون لاستضافة الأقارب في الإفطار وتنظيم الولائم والعزائم، حيث يتيح رمضان فرصة مثالية لاجتماع شمل الأسرة وصلة الرحم، كما أن الجميع يفطرون في توقيت واحد، وهو ما يشعرهم بالتقارب ووحدة المشاعر، فالكل صائم ومرهق من عمل اليوم، وينتظر أن يجد من يخفف عنه، ففي الإفطار الجماعي وما يستلزمه من تحضير وجبات غذائية بكميات كبيرة تكفي أسرتين وثلاثا هو السبب في الإقبال على شراء المواد الغذائية بكميات غير معتادة». ويضيف سلطان صلاح:«لا يقتصر الإسراف على الإنفاق على الطعام وإنما تناوله أيضاً، فأغلبية الصائمين ما ان يؤذن لصلاة المغرب ويضرب مدفع الافطارحتى يبدؤون «ماراثون تناول الطعام»، والانتقال من طبق إلى آخر حتى آذان الفجر. ويرجع هذا النهم في الأكل - كما يؤكد سلطان إلى تصور خاطئ، وهو أن الصائم لا يأكل طوال النهار، ومن حقه أن يعوض ذلك الحرمان بأكل كميات إضافية عند الإفطار». شهر البركة وعند سؤال شيخة عبد الرحمن عن الإسراف والاستهلاك في شراء احتياجات رمضان أجابت: «إن رمضان شهر كله بركة وخير، والأولاد ينتظرون رمضان وحلوياته بفارغ الصبر، وهم لا يستطيعون تمضية الشهر الفضيل دون أكل حلويات رمضان «القطايف والكنافة»، وشراء الفوانيس، وتضيف: «الناس رابطة الحزام على بطونها طول السنة، وهذا شهر واحد من حقهم أن يشعروا فيه أنهم عايشين، ويتمتعوا بكل أصناف الطعام الذي لا يتكرر إلا في السنة مرة فقط في شهر الخير والبركة، شهر رمضان». وعن الطريقة الصحيحة لتناول الطعام يقول سمير سامي ـ ماجستير تغذية: «لا يوجد أفضل من المنهج القرآني فالله عز وجل يأمرنا بألا نسرف في تناول الطعام «يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين». فالآية الكريمة مدلولها أن الإسراف لا يحبه الله، ورمضان ليس شهر أكل وشرب ولكنه شهر عبادة وإنابة. كما يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه». ويضيف: «لقد ثبت أن كثرة الأكل وملء المعدة بالطعام يجعلها تتمدد، فتضغط على الحجاب الحاجز الفاصل بين الجهازين الهضمي والتنفسي، فيقل الفراغ المتاح للرئتين فلا تستطيعان التمدد للتنفس كما ينبغي، فيسبب ذلك ضيق النفس». صوموا تصحوا وفي نفس السياق يقول سامي :«نجد حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «صوموا تصحوا»، فقد بينت الدراسات العلمية أن الأفراد الذين يتناولون طعامهم في شهر رمضان، باعتدال وحسن اختيار تنخفض عندهم نسبة الكولسترول والدهون والسكر في الدم، بالإضافة إلى إراحة الجهاز الهضمي وتحسنه في العديد من الجوانب الصحية، ولكن للأسف ما يحدث هو العكس، حيث نجد أن «ملء البطون «، والإسراف في تناول ما لذ وطاب من كل أنواع الحلويات والأكلات الدسمة، في هذا الشهر أدى إلى حدوث العديد من الاضطرابات الهضمية بين الناس، وكأن الفرد يحتاج إلى غذاء أكثر في هذا الشهر الفضيل، في حين أن معظم الأفراد يحتاجون إلى كمية غذاء أقل خاصة من المواد النشوية والدهنية «المولدة للطاقة» لقلة حركتهم وجهدهم المبذول في شهر رمضان، والدليل على ذلك معاناة الكثيرين من زيادة الوزن خلال رمضان وبعده بسبب تناولهم ما يفوق احتياجاتهم الحقيقية». ومن الناحية الاقتصادية، نجد أن أغلب الأسر تستعد لشهر رمضان بشراء المزيد من الاغذية، ونجد البعض منها تحمل نفسها عبئا ماديا كبيرا لتوفير هذه الاحتياجات الغذائية، حتى التجار قد وقعوا في نفس الخطأ فهم يقومون بتوفير كميات كبيرة مضاعفة، مقارنة بالأيام العادية من اللحوم والأغذية الأخرى، وكأن الفرد يحتاج غذاء أكثر في شهر رمضان، على حين أن معظم الأفراد لا يحتاجون إلى زيادة في المغذيات في شهر رمضان، بل قد يحتاج بعضهم إلى كمية غذاء أقل خاصة من المواد النشوية والدهنية المولدة للطاقة، وذلك راجع الى أن حركتهم وجهدهم المبذول في شهر رمضان أقل».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©