الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زواج التوحديين قضية إنسانية شائكة

زواج التوحديين قضية إنسانية شائكة
19 مارس 2015 20:20
لكبيرة التونسي (أبوظبي) أثار نشر فتاة عبر موقعها الإلكتروني رغبة شقيقتها في الزواج من شاب توحدي من النوع الخفيف خشية «العنوسة» كثيراً من الجدل حول إمكانية نجاح مثل هذا الزواج، ومدى استمراريته كمؤسسة اجتماعية تقوم على التفاهم والتواصل، وما يترتب عليه من تحقق الاستقرار والاستقلالية، وما يبنى عليه من مسؤوليات وواجبات زوجية وأسرية واجتماعية. ويتعدى الزواج، مجرد كونه عقدا اجتماعيا إلى كونه «شراكة» تعتمد في الأساس على شرعية الرشد والأهلية، وهما جانبان يعتمدان عوامل النضج والقدرات المعرفية والإدراكية لطرفي العلاقة الزوجية، والقدرة على فهم وتحمل المسؤولية بكل مستوياتها. أحاسيس متباينة لا ينفي عبدالرب الحميري انشغاله بموضوع زواج ابنه «خالد» التوحدي من النوع الخفيف، رغم أنه لا تظهر عليه أعراض التوحد، ويتمتع بمواهب عدة. ويؤكد أنه تنتابه أحاسيس متباينة عندما يفكر في الأمر، وعندما تجاوز مرحلة الصدمة والتشخيص وبناء علاقة صداقة وطيدة مع ابنه، وتحسنت حالته كثيراً، بدأ ينشغل بحياته المستقبلية، وكيف يمكن له أن يكون أسرة؟» ويضيف: «يلزمني التفكير في مستقبل ابني كي أساعده على الاستقرار خاصة أنه يدخل مرحلة المراهقة، لكن الحيرة تسيطر عليَّ، لأنني لا أريده أن يعاني بإنجاب أطفال مصابين بالتوحد، وفكرت في زواجه من فتاة غير متوحدة، لكنه أمر ليس بيسير، ومن المؤكد أنني سوف أستعين بمتخصصين لتقاسم الآراء والمشورة». حالة قلق «أم عمر» يسيطر عليها القلق أيضاً على مستقبل ابنها المصاب بطيف التوحد البسيط، والذي يبلغ من العمر 12 سنة، ويبدو طبيعياً بفضل تشخيص حالته مبكراً وتأهيله في أحد المراكز. وتلفت إلى أنه يعيش حياة طبيعية، ويتمتع بذكاء جيد. وعن هاجس زواجه، تؤكد أنها تفكر في ذلك كأي أم. وتقول: «يصاحبني سؤال حول مصير ابني عندما يكبر، أنا اليوم أعتني به، وأتفهمه جداً، لكن هل يوجد هناك من يفهم حالته ويعتني به كما أقوم بذلك أنا؟»، مضيفة «ابني يعتبر طبيعياً ولا يظهر عليه أي شيء، لكن تظل هناك تفاصيل بسيطة قد تظهر مع الزواج الذي يعتبر مسؤولية كبيرة». وتتابع «لا أرغب في تعريض ابني لمشاكل مع أبناء متوحدين إن حدث وأنجب مصابا رغم أن القاعدة ليست مطلقة». نسب النجاح حول إمكانية زواج التوحدي، تقول سارة أحمد باقر، رئيس وحدة خدمة المجتمع عضو لجنة التشغيل بمركز دبي للتوحد، إنه ممكن من ناحية المبدأ، لكن يعتمد على أمور منها مستوى القدرات المعرفية والإدراكية، والقدرة على تحمل المسؤولية، فهناك نساء ورجال مصابون بالتوحد البسيط، ولم يسبق لهم تشخيص حالتهم، وتزوجوا وكونوا أسراً، لكن غالباً ما توصف تصرفاتهم بالعناد أو الخوف من التواصل، ونجد شكوى الأزواج تنحصر في ذلك الاتجاه، ولا يدركون أن هؤلاء أشخاص مصابون بالتوحد»، لافتة إلى أنه إذا توافرت متطلبات تحمل المسؤولية من وظيفة وقدرة على القيام بالواجبات الأسرية، فليس هناك ما يمنع». وتضيف «من حيث إنجاب أبناء عاديين أو مصابين، فليست هناك قاعدة علمية تؤكد أن الأب التوحدي ينجب أبناءً توحديين، لكن دراسات تشير إلى أن من ينجب ابناً توحدياً، تزداد فرص إنجاب الابن الثاني توحدياً مثله بنسبة 13%، لكن الواقع لا يمثل ذلك تمثيلاً صحيحاً». وتوضح: «يجب أن يفهم الزوج أو الزوجة طبيعة هذا الاضطراب، ويدرك أن أغلب المتوحدين لديهم خلل حسي خاصة في حالة التوحد المتوسط والعالي، بحيث لا يتجاوبون مع العلاقة الزوجية من ناحية المشاعر، فهم لا يستطيعون التعبير عن مشاعرهم، لأنهم يتمتعون بالصدق، ولا يعرفون المجاملات، ما يسبب خللاً في العلاقة الزوجية، وينهيها أحيانا، فالمرأة تحب من ويمدحها ويكرر على مسامعها كلمات الحب، لكن التوحدي لا يقوم بذلك أبداً، وقد تفسره الزوجة تفسيراً مختلفاً»، وتضيف «كما أن المتوحد لا يميل إلى تكوين علاقات جديدة وهذا يتنافى مع مؤسسة الزواج التي تعرف تنظيم المناسبات الاجتماعية وتتطلب حسن الضيافة والاستقبال». دمج وتهيئة يقول محمد نصر المتخصص في التربية الخاصة إن زواج المتوحد لم يكن مطروحاً في السابق، لأن الاهتمام بهذا الطيف حديث العهد، وأن هناك حالات زواج بين ذوي التوحد البسيط، لكن يجب أن تتهيأ لهم فرص التأهل اللازم، ويتاح لهم فرص الدمج في المدارس بما يعزز هذا الاتجاه، ويعمل على تطوير مدارك الطفل الحسية، ويؤهله لتقبل الصداقات والتعود على الناس، مما يجعله ينجح في تكوين أسرة مستقبلاً، فالتوحدي من الناحية الفسيولوجية جاهز للزواج، لكن الزواج يحتاج إلى تواصل، وهي المشكلة الأساسية للتوحدي فيمكن التوحد من الفئة البسيطة الزواج من شخص غير متوحد، والدمج الوظيفي والأكاديمي والاجتماعي يهيئ التوحديين من الناحية الاجتماعية، ويعينهم على إمكانية الزواج».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©