السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأميركيون وسياسة أوباما الخارجية

28 مارس 2014 23:45
سواء أكان المرء يؤيد نهج الرئيس أوباما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية أم لا، فإن الافتراض المشترك الآن هو أن الإدارة على أقل تقدير تُلبي للشعب الأميركي السياسة الخارجية التي يريدها. وقد عارض غالبية الأميركيين أي دور كبير لبلادهم في سوريا، وأرادوا تقليص الانخراط الأميركي في الشرق الأوسط بشكل عام، بينما يتلهفون لرؤية انحسار «مد الحرب»، ويفضلون التركيز على بناء الدولة في الداخل. وحتى الآن، حشد أوباما وشجع بقوة هذا المزاج العام، ولذا، فمن المفترض أن يكون قد نجح على الأقل في كسب التأييد الشعبي، ولكن المثير للدهشة هو أنه قد أخفق في ذلك، ولاسيما أن نتائج تأييد سياسته الخارجية في استطلاعات الرأي هزيلة. وحسب أحدث استطلاع للرأي أجرته قناة «س. بي. إس نيوز»، يؤيد 36 في المئة فقط من الأميركيين ما يفعله أوباما على صعيد السياسة الخارجية، بينما يعارضه 49 في المئة. ويتسق ذلك مع استطلاعات أخرى أجريت خلال العام الماضي، إذ أوضح استطلاع مركز «بيو» للأبحاث أن 34 في المئة من الأميركيين يؤيدون سياسات أوباما الخارجية في مقابل 56 في المئة يرفضونها. وأوضح استطلاع «سي بي إس» نسبة موافقة أعلى بين الأميركيين على سياسات أوباما الاقتصادية بلغت 39 في المئة، ونسبة أعلى من التأييد لتعامله مع الرعاية الصحية حيث وصلت إلى 41 في المئة. وتعتبر السياسات الخارجية هي الشيء الأقل شعبية الذي يفعله أوباما في الوقت الراهن، ولكي لا يعتقد أحد أن هذا هو درب تأييد السياسات الخارجية للرؤساء الأميركيين، فقد كانت نسب تأييد سياسات بيل كلينتون في المرحلة نفسها من ولايته الثانية جيدة جداً، إذ سجلت 57 في المئة للتأييد و34 في المئة للمعارضة، وسجلت نسب تأييد سياسات ريغان الخارجية 50 في المئة في مرحلة مماثلة من رئاسته. وعليه، يبقى أوباما بصحبة بوش الابن، وبالطبع ليس في فترته الأولى حيث كانت نسب تأييد الرئيس السابق مرتفعة، ولكن في ولايته الثانية إذ هبطت إلى مستويات متدنية في أسوأ مراحل حرب العراق. وبالطبع، لم تتأثر نسب تأييد السياسات الخارجية للرئيس الأميركي بمعدلات التأييد العامة لعمله، إذ إن الشعب قادر على التمييز، فعندما تراجعت نسب التأييد العامة لبوش في العام الأخير من رئاسته، كانت سياساته الاقتصادية وراء التراجع، ولكن سياساته الخارجية ظلت مرتفعة أعلى من 50 في المئة. وحسب استطلاع «سي بي إس»، فإن 40 في المئة من الأميركيين يؤيدون أوباما بشكل عام، بارتفاع 4 في المئة على تقييم سياسته الخارجية. ونعود إلى الإشكالية التي وقع فيها أوباما، فمن المفترض أن الرئيس ينفذ سياسات خارجية تتوافق مع التوجهات الشعبية، ولكن سياساته الخارجية لا تحظى بتأييد شعبي واسع النطاق، إذن ما هو تفسير ذلك؟ ربما ننتظر مزيداً من النتائج من مراكز استطلاع الرأي، ولكن حتى ذلك الحين سأطرح فرضية واحدة: أعتقد أن غالبية الأميركيين ربما لا يريدون تدخل الولايات المتحدة في سوريا، أو اتخاذ أي موقف صارم حيال إيران، أو حتى الاهتمام بما يحدث في أفغانستان أو العراق أو مصر أو أوكرانيا. وربما يفضل الأميركيون سياسة خارجية محدودة لا تلعب فيها الولايات المتحدة دوراً رائداً في العالم، على أن تترك الدول الأخرى تتعامل مع مشكلاتها الصعبة. وباختصار، ربما أنهم يريدون ما منحهم أوباما إياه حتى الآن، ولكنهم ليسوا فخورين به أيضاً، وغير ممتنين له كذلك لإعطائهم ما يريدون. وعلى مدى عقود طويلة، اعتقد الأميركيون أن أمتهم ذات خصوصية كبيرة، وكانوا يصفون دولتهم بأنها «قائدة العالم الحر» و«الدولة الأساسية» و«القوة العظمى رقم واحد»، وكان كل ذلك مصدر فخر. والآن بات المحللون والمثقفون يخبرونهم بأن تلك الأيام قد ولت، وأنه قد آن الأوان كي تسعى الولايات المتحدة لإحراز أهداف أكثر تواضعاً تتلاءم مع تراجع قوتها. وقد انتخب الشعب الأميركي رئيساً ملتزماً بهذه المهمة، حيث أبدى اشتياقاً ضئيلاً لأيام القيادة الأميركية، وفي بعض الأحيان يتصور أن مهمته هي التعامل مع «واقع» الانحدار. وربما أن هذا هو ما يريده الأميركيون من أوباما، ولكنهم لن يشكروه على فعل ذلك من أجلهم، إذ إن اتباع زعيم على طريق النصر يلهم الشعب الولاء والعظمة والتعاطف معه، وأما اتباعه على طريق الهزيمة فلا يوحي بهذه المشاعر. وقد لا يحظى الرؤساء دائماً بمكافأة شعبية على فعل ما تريده الجماهير، وفي بعض الأحيان يُكافأون على فعل النقيض، فنجد أن بيل كلينتون حصل على نسب تأييد مرتفعة بعد تدخله في البوسنة وكوسوفو، رغم أن غالبية الأميركيين كانوا قد عارضوا التدخل الأميركي قبل حدوثه. ومن يعلم أي شيء كان سيعتقده الشعب لو أن أوباما مضى قدماً في هجومه الذي خطط له على سوريا في أغسطس الماضي؟ ومثلما أوضح خبراء ومراقبون، فما لم يتول الرئيس زمام القيادة، فلا يمكنه أن يتوقع أن يأخذ أفراد الشعب زمام المبادرة طواعية في إخباره بما إذا كانوا سيؤيدونه أم لا في قيادته. ولعل خطاب أوباما في أوروبا يوم الأربعاء الماضي يوضح أنه ربما يفهم أن الوقت قد آن لتولي القيادة، وسواء فعل ذلك أم لا خلال الفترة المتبقية له في السلطة، فربما يمكن لمن يخلفه أن يأخذ ذلك في حسبانه. ‎روبرت كاجان زميل بمعهد «بروكينجز» ينشر بترتيب خاص مع «خدمة واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©