الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أسعار الغذاء الملتهبة تضاعف مخاوف العراقيين

أسعار الغذاء الملتهبة تضاعف مخاوف العراقيين
27 يونيو 2008 01:55
كانت ربة المنزل العراقية نجاة العزاوي تعيش في خوف مستمر من هجمات السيارات الملغومة حين تذهب للتسوق، أما الآن فحين تذهب إلى السوق في بغداد يكون أكبر مخاوفها هو أسعار الطعام الملتهبة· ومع بلوغ العنف أدنى مستوياته خلال أربع سنوات لا يكف الكثير من العراقيين عن التفكير في الشيء نفسه الذي يثير قلق الناس في أنحاء العالم ألا وهو التضخم، ويظهر هذا مدى التغير الذي طرأ على العراق خلال العام المنصرم· وما زال كثيرون يخشون أن تعود أعمال العنف التي انتشرت على نطاق واسع بعد أن كان العراق قد شارف الانزلاق إلى حرب أهلية شاملة عامي 2006 و·2007 وانفجرت سيارة ملغومة في بغداد الأسبوع الماضي مما أسفر عن مقتل 63 شخصاً، لكن العنف لم يعد الموضوع الرئيسي الذي يشغل أذهانهم، وفيما كانت تعد وجبة من الدجاج المشوي والبطاطس ''البطاطا'' المسلوقة لزوجها وابنتها وحفيدها تحدثت نجاة بسرعة عن أثر ارتفاع أسعار الغذاء على ميزانية أسرتها· وقالت نجاة: إن ثمن نصف كيلوجرام من الدجاج خلال الأسبوع الماضي بلغ 2250 ديناراً (1,80 دولار)· أما في الأسبوع الحالي فوصل إلى 2750 ديناراً، وكان ثمن مرطبان من المربى 1250 ديناراً أما الآن فأصبح 1500 دينار· وأضافت العزاوي (58 عاماً): ''هكذا تذهب ميزانيتي''، واستطردت قائلة: ''لكن ارتفاع الأسعار أفضل من انعدام الأمن الذي كنا نعيشه من قبل، لو كان لي الاختيار لاخترت الأسعار المرتفعة''· وفي بغداد، يصعب تبادل الحديث مع أي أحد هذه الأيام دون أن تطرح مسألة أسعار الغذاء، ويقول محمد جبار الذي يملك متجراً فيما كان يضع الهامبرجر في مجمدة متجره: ''تحسن الأمن وما يؤلم الآن هي الأسعار التي تزاد سوءاً''، وقال البنك المركزي في الأسبوع الماضي: إن تكلفة الغذاء والطاقة المتزايدة دفعت معدل التضخم السنوي للعراق إلى 16% في أبريل مرتفعاً عن الانخفاض القياسي خلال 17 عاماً الذي حققه عندما بلغت نسبته 12% في ديسمبر من العام الماضي، وليس التضخم الجامح بجديد على العراقيين الذين عاشوا عقوداً من حروب وعقـــوبات فرضتـــــها الأمم المتحدة· وعند المقارنة بين المستويات الحالية ومعدل التضخم السنوي الذي بلغ 66% في يناير عام 2007 حين عطلت أعمال العنف المستعرة إمدادات الوقود والطعام مما تسبب في ارتفاع شديد في أسعار السلع تأتي المقارنة في صالح المستويات الحالية، وفي مواجهة هذا ضاعف البنك المركزي معدلات الفائدة تقريباً لتصل إلى 18% مما أدى إلى انخفاض معدل التضخم في نهاية المطاف، أما الآن فإن الأسعار العالمية المتزايدة تهدد هذه المكاسب· وأدت قلة المحاصيل وانخفاض مخزونات الحبوب وزيادة الطلب إلى ارتفاع أسعار الغذاء العالمي ارتفاعاً قياسياً، وفي منطقة الخليج القاحلة فاقم نقص المياه الدائم من تلك المشكلات· وعلى الرغم من أن العراق توجد به أراض صالحة للزراعة أكثر من بعض جيرانه الذين تغطي الصحراء بلادهم فإن انعدام الاستقرار جعل الإنتاج الزراعي في حالة مزرية· ومعظم الطعام مستورد· وقال الخبير الاقتصادي ومدير عام وزارة التخطيط بطي القبيسي: إن العراق يستورد أبسط الأشياء حتى الطماطم والباذنجان من سوريا والأردن وإيران وتركيا، وأضاف أن التكاليف ترتفع هناك والمستهلكين سيدفعون أسعاراً أعلى في العراق· ومن المفارقات أن العقوبات التي أعاقت اقتصاد العراق في التسعينات أدت إلى استحداث شيء يقول مسؤولون إنه يساعد في تخفيف حدة اللطمة التي سببها ارتفاع أسعار الغذاء العالمي وهو نظام لتوزيع الحصص التموينية· وطبق صدام حسين نظام البطاقات التموينية لمواجهة نقص الغذاء الذي سببته عقوبات فرضت على العراق بسبب غزوه للكويت عام ،1990 وتقول وزارة التجارة العراقية: إن هذا النظام ما زال يطعم قرابة ثلثي الشعب العراقي الذي يقدر عدده بسبعة وعشرين مليون نسمة· وقال المتحدث باسم الوزارة محمد حنون: إن كل أسرة عراقية تحصل على بطاقة تعطيها الحق في الحصول على الطعام من خلال 55 ألف منفذ، وأضاف أن نظام المعونة الغذائية العراقي فعال، مشيراً إلى أن الأزمات الغذائية التي تسبب العنف في دول أخرى لم تصب العراقيين إذ لديهم الحصص التموينية التي لا توفر لهم كل شيء لكنها تمنحهم السلع الأساسية مثل الدقيق والأرز والسكر· وتقول نجاة: ''يجعلنا هذا أكثر قدرة على شراء الطعام، ليس لدي العبء الإضافي لشراء السكر أو زيت الطهي''، غير أن خبراء اقتصاد يشكون فيما إذا كانت هذه المساعدات الغذائية ستكون مستديمة على المدى الطويل· وحذر صندوق النقد الدولي الدول مراراً مما يعتبره إهداراً للمال في دعم ومعونات تفتقر إلى التمييز، وقال القبيسي: إن حصص الغذاء كلفت الحكومة العراقية أربعة مليارات دولار عام 2007 وقد طلبت وزارة التخطيط مثلي هذا المبلغ في العام الحالي لمواجهة الأسعار العالمية المتزايدة، لكنه ذكر أن الفواتير الضخمة من صادرات النفط الخام بأسعار قياسية تعني أن العراق يستطيع تحمل تكلفة استمرار هذا النظام، ومضى يقول إنه على الرغم من تزايد الأسعار، فإن الحكومة لديها القدرة على السداد، وأضاف أن العراقيين يحصلون على نفس الكمية والنوعية التي كانوا يحصلون عليها من قبل·
المصدر: بغداد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©