الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجامع الأموي بحلب تعرض للتدمير والحرق ثلاث مرات

الجامع الأموي بحلب تعرض للتدمير والحرق ثلاث مرات
25 أغسطس 2009 00:20
يعتبر الجامع الأموي في حلب درة مساجد الشمال السوري، وهو يضاهي الجامع الأموي في دمشق، في عراقته وتميزه العمراني، وكونه من المعالم الحضارية العربية الإسلامية الفريدة في سوريا. ويقع الجامع الشهير وسط مدينة حلب وبناه الخليفة سليمان بن عبد الملك ليضاهي فيه بناء أخيه الوليد للجامع الأموي في دمشق، وثمة رواية تقول إن الوليد هو من بدأ ببناء المسجد في حلب، ثم أكمله سليمان بعد توليه الخلافة. ويقول الدكتور شوقي شعث خبير الآثار والمتاحف: «اغتنى الجامع الأموي بحلب بإضافات كثيرة على مر العصور التاريخية التي مرت عليه، فلا يكاد عصر من العصور التاريخية الإسلامية إلا وله شاهد في المسجد، إضافة إلى ذلك، فإن القرارات المصيرية الهامة والأحداث التي ارتبطت بالجامع أكسبته أهمية خاصة. وظلت صلوات الجمع تقام فيه وكذا الاحتفالات والاجتماعات وغيرها من المناسبات الدينية والوطنية الهامة تعقد فيه، لأنه يقع في قلب المدينة الحافل بالنشاطات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية». وصف الجامع يقوم الجامع على مساحة كبيرة، فطوله 105 أمتار من الشرق إلى الغرب، وعرضه نحو 78 متراً من الجنوب إلى الشمال، وهو مشاد على نمط الجامع الأموي في دمشق. وللجامع أربعة أبواب: الباب الشمالي، ويقع إلى جوار المئذنة، والباب الغربي، والباب الشرقي، ثم الباب الجنوبي. وللجامع صحن واسع تبلغ أبعاده 79 متراً طولاً و47 متراً عرضاً، وتزين أرضه حجارة ملونة ومصقولة تتخذ أشكالاً مختلفة بالتناوب. ومئذنة المسجد مربعة يبلغ ارتفاعها نحو خمسين متراً. أما طول ضلعها فيبلغ نحو خمسة أمتار، ويزينها عدد من الكتابات والعناصر الزخرفية والعقود المفصصة. وحرم المسجد واسع ورحب يتألف من ثلاثة أروقة تقوم على دعائم حجرية ضخمة يبلغ عددها ثمانين دعامة، ويضم الحرم عدداً من المعالم كالمنبر والمحاريب وحجرة الخطيب والسدّة والمقصورات. ويقع منبر الجامع إلى اليمين من المحراب الأوسط، وهو قطعة فنية لم يكن لها مثيل، إلا في المسجد الأقصى، لأن كلا المنبرين صنعا في حلب. وتقول الرواية التاريخية إن المنبر قد صنع في الوقت الذي أمر فيه نور الدين زنكي بصنع منبر للمسجد الأقصى، نقله فيما بعد صلاح الدين بعد تحرير القدس سنة 583 هـ / 1187م. وقد صنع المنبر من أخشاب الأرز الحلبي والأبنوس ورصع بالعاج والصدف، يبلغ ارتفاعه نحو 3.57 متر وطوله 3.65 متر. أما عرضه فيبلغ 1.08 ويرقى إليه بعشر درجات، ويعد اليوم من أقدم المنابر الحلبية بعد إحراق الصهاينة للمنبر الحلبي في المسجد الأقصى بالقدس الشريف. أقسام المنبر يتكون المنبر من عدة أقسام هي المدخل ومجلس الخطيب والمعبر والمجنبتان. ويضم حرم المسجد ثلاثة محاريب، أكبرها وأوسعها المحراب الأوسط، وكان هذا المحراب قديماً مكرساً إلى الشافعية، أما المحراب الذي يقع إلى اليمين فمكرس إلى الحنفية، والمحراب الثالث الواقع إلى الجهة اليسرى فمكرس إلى الحنابلة. كان المحراب الأوسط محراباً جميلاً مصنوعاً من الخشب النفيس، ولم تبق منه عوادي الأيام إلا بقايا قليلة. والمحراب الحالي أقيم من الحجر المصقول ويأخذ تجويف المحراب شكل نصف دائرة ويتميز بالدقة والإتقان، يقع المحراب الأيمن إلى الغرب من المحراب الأوسط، ويعرف أحياناً باسم (محراب العلمين) لوجود علمين من أعلام الطرق الصوفية على جانبيه، وهو بسيط في بنائه الحجري، عميق التجويف وعقده مدبب. ليست عليه نقوش أو كتابات، وأخيراً يقع المحراب الأيسر إلى الشرق من المحراب الأوسط، وقد بني من الرخام الأصفر، شأنه في ذلك شأن المحراب الأوسط، تجويفه عميق لا يحتمل أي كتابة أو زخرفة. ترميم الجامع أمرت رئاسة الجمهورية العربية السورية في العام 1999 بتشكيل لجنة لإنجاز أعمال صيانة الجامع الأموي في حلب وترميمه وتجديده باعتباره أحد المعالم العربية الإسلامية التاريخية، وبدأت أعمال الترميم بدءاً من الشهر العاشر من عام 1999، حيث شملت تدعيم الأساسات، وتقوية الأعمدة ومعالجة الشقوق وتجديد المسجد وفق دراسات تاريخية وفنية دقيقة شارك فيها مختصون من البلاد العربية والأوروبية. وأنجزت أعمال الترميم في مارس 2006 بعد أن استمرت سبعة أعوام، وفي 8 مارس 2006 قام الرئيس بشار الأسد بافتتاح الجامع الأموي الكبير إيذاناً ببدء فعاليات احتفالية حلب عاصمة للثقافة الإسلامية. وهكذا عاد الجامع الأموي الكبير في حلب ليشمخ بذكر الله، وليظل آبدة من أوابد سوريا الدينية والحضارية، ودرة مساجد حلب وسوريا. محن قاسية عصفت بالجامع الأموي يعكس الجامع الأموي في حلب تاريخ المدينة وسوريا. فقد جابه محناً قاسية عبر تاريخه الطويل وتعرض للحرق والتدمير ثلاث مرات، فقد تعرض للنهب في أوائل العهد العباسي، فقام العباسيون بنقب حجارته ورسومه ونقلوها إلى جامع الأنبار في العراق، كي يمحوا آثار الأمويين، إلا أن الجامع عاد إلى عمارته وأهميته عندما أصبحت حلب عاصمة للإمارة الحمدانية. كما تعرض الجامع للحرق والتدمير على أيدي الإمبراطور البيزنطي نقفور فوكاس عام 351 هـ / 962 ميلاي. حين تمكن من دخول حلب، وأحرق الجامع الكبير وذبح الكثير من أهل حلب، كما أخذ كثيراً من الأسرى المدنيين، انتقاماً من الأمير الحمداني سيف الدولة، لكن الأخير تمكن من استعادة حلب من أيدي البيزنطيين وأصلح الجامع، ثم أكمل المهمة ابنه أبو المعالي سعد الدولة. وفي عام 656 هـ / 1258 م تعرضت البلاد العربية إلى غزوة مدمرة قادها هولاكو التتري، فاستولى على حلب، حيث قام حليفه سيس الأرمني بإحراق الجامع الأموي وقتل فيه جمعاً كبيراً من أهل حلب. وبعد هزيمة التتار في موقعة عين جالوت بفلسطين، دخلت حلب تحت حكم المماليك وأعيد إعمار جامعها الأموي الكبير، لكن صاحب سيس الأرمني شن هجوماً مفاجئاً على المدينة وأحرق جامعها، فأعاد نائب حلب المملوكي عمارة الجامع، ثم أكمل البناء والترميم الملك قلاوون، وتابع ذلك من بعده السلاطين المماليك. واهتمت الدولة العثمانية بالجامع الأموي الكبير بدءاً من العام 1516، فقامت بالكثير من الترميمات والإصلاحات فيه.
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©