الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أجواء شعبية وصوفية في أعمال سمير عبدالرحمن

أجواء شعبية وصوفية في أعمال سمير عبدالرحمن
25 أغسطس 2009 00:11
رغم تنوع تجربته الفنية فقد برع الفنان التشكيلي سمير عبدالرحمن في تقديم أعمال تعرف بالتشكيل بالحرف والخط العربي، وقدم لوحات معاصرة تحظى بكل قيم الفن التشكيلي وتسعى للجمال المعبر عن هوية إسلامية واضحة، ويصر على أن هذه الأعمال هدفها الاستفادة من مفردات التراث وتوظيفها في قالب فني معاصر بحثا عن هوية فنية مخالفة للهوية الغربية ولوحة معاصرة من حيث البناء والتكوين والشكل والطابع• نزعة صوفية وفي أعمال سمير عبدالرحمن التي استلهم فيها الحروف العربية والخط نجد، لفظ الجلالة، ولا اله إلا الله، بكثرة في أعماله، والبطل عنده ليس الخط أو الحرف وإنما اللوحة التشكيلية بمفرداتها المختلفة لأنه يحرص على أن يقدم لوحة معاصرة فيها كل قيم التشكيل من مساحات وفراغ وظل ونور، ومعظم أعماله فيها نزعة صوفية تأملية للكون والإنسان، حتى تجربة الصوفيين التي قدمها تمتلئ بالجو الروحاني والشعبي. والفنان سمير عبدالرحمن من مواليد مدينة طنطا التي تعلو بين أهلها النزعة الصوفية والدينية بحكم مولد السيد البدوي الشهير وما يقدم فيه من طقوس دينية وشعبية أثرت على مخيلة الفنان ونوازعه الدينية والفنية بالاضافة إلى تأثر الفنان بالجو الشعبي والموروث الفرعوني والقبطي والإسلامي وقراءاته المتشعبة لهذا التراث الخصب لا يمكن للفنان أن ينسلخ منه• إيقاع محكم ويقول الفنان سمير عبدالرحمن إن لوحاته تجسد مدى ارتباطه بالتراث الشعبي بمختلف ثقافاته وموروثاته من خلال رؤية فنية خاصة للأحداث الثقافية والمجتمعات الشعبية في بناء حركي تتناغم من خلاله المجموعات اللونية والتكوينات التشكيلية في تشابك وإيقاع محكم يبلور الرؤية الفنية للأحداث في اطار معاصر ويأتي استلهامه للموروثات الحضارية المختلفة في إطار تقديم أعمال تشكيلية معاصرة تنطلق من الموروثات الحضارية، وهناك فرق بين النقل والاستلهام• وبخصوص التشكيل بالحروف والخط العربي قال إنه معجب بالتجريد في الحروف العربية وجماليات التشكيل فيها وسواء كانت منثورة في اللوحة أو متشابكة فإنها توحي بنطق كلمات معينة وتكون في النهاية لوحة تشكيلية جمالية مجردة وفي أحيان كثيرة تعطي هذه الحروف ايحاء أو مسحة صوفية عند استخدام لفظ الجلالة أو كلمة التوحيد، وكل مفردات اللوحة تتسابق في ايجاد حالة فنية تشكيلية متكاملة تؤكد معنى فني وجمالي• الضحى والليل ويوضح أنه بدأ تجربته مع التشكيل بالحروف في أوائل السبعينيات من القرن الماضي عندما شارك في معرض بلوحة حروفية تكَّون كلمتي «الضحى والليل» ثم استخدم الحروف والزخارف في مشروع تخرجه بكلية الفنون الجميلة ليمزج بين الحضارتين الفرعونية والإسلامية، وتأثر بفنانين كبار أمثال يوسف سيدا وعمر النجدي وحسين الجبالي حيث كانت تجربتهم الفنية الحروفية والخطية متألقة في تلك الفترة• ويقول إنه كثيرا ما يخرج من تجربة التشكيل بالحروف ويقدم تجارب فنية مختلفة ثم يعود إلى هذه التجربة مرة أخرى حسب حالته الفنية وان كانت معظم أعماله فيها لمسة صوفية خاصة انه يقدر الحروف العربية وبالتحديد لفظ الجلالة وكلمة التوحيد وكثيرا ما يستخدمهما في الأعمال بغرض تقديم حالة تشكيلية معاصرة ترتبط بهويتنا الإسلامية• ويضيف أنه نادرا ما يلجأ للاسكتش في أعماله وإنما تكون اللوحة مرسومة في ذهنه ثم يعيد إنتاجها على اللوحة ويرتبط ذلك بحالته الفنية والذهنية ولا يفكر في شيء سوى الهدف من اللوحة وهو تقديم عمل فني تشكيلي معاصر ولهذا لا يعتبر نفسه امتدادا لتجارب فنية سابقة ولا يشغله كون لوحاته تحقق غرضا محددا• ويقول إن كل الحضارات التي مرت علينا أثرت فينا ولهذا لابد أن تكون موجودة في ذهن ووعي ومخزون الفنان الشرقي وهو لا يسعى لإنتاج أعمال إسلامية لأنه مقتنع بعدم وجود فن ديني وإنما هو مع الحضارات وفلسفتها ويسعى لانتاج أعمال معاصرة تمزج المخزون الموجود بداخله من أجل انتاج فني معاصر يمتاز بالقيمة والتفرد ويستلهم الموروثات والمفردات الحضارية المتعاقبة كالخط والحرف والأهلة والنجمة والرسوم على الجدران والطيور والشخوص، والفنان الجيد هو من يقدم حلولا جديدة لهذه المفردات التي تمثل أحد عناصر اللوحة• شحنة فنية ويؤكد أن استلهامه للحروف العربية في بعض أعماله ليس معناه إعادة صياغة الفنون الإسلامية مرة أخرى برغم انها فنون متميزة وتحمل فلسفة جمالية عظيمة وإنما بهدف إدخالها في شكل فني معاصر بغرض إنتاج لوحة تشكيلية معاصرة لها هوية فنية. الفنان الشرقي لابد أن تكون له هوية واضحة تختلف عن الهويات الأخرى بحكم نشأته وتأثره بالبيئة، وليس بالضرورة أن تكون هذه الهوية إسلامية أو قبطية أو شعبية وانما شرقية الطابع والملامح• ويقول إن الفن حالة مختلفة والفنان الجاد هو الذي يقدم قيمة جمالية وفنية في أعماله ولا يقيده شيء إلا تقييمه الشخصي للعمل الفني وهو لا ينفذ اللوحة الفنية إلا إذا كانت لديه شحنة فنية ترتبط بثقافته وفكره ورؤيته الخاصة التي لا يتدخل فيها أحد ولهذا فإنه ضد الفن الموجه والمباشر ولا يعنيه سوى المسألة التشكيلية المستمدة من مخزونه• ويشير: أننا نظلم الأعمال الفنية المعاصرة الجادة المستمدة من موروثنا الحضاري حين نطلق عليها أعمال إسلامية تخدم الإسلام لأن هذا الأمر يحصر تلك الأعمال في رؤية ضيقة تفقدها القيمة الفنية الجمالية وتحاول قراءتها بشكل خاطئ في حين أن النظر لتلك الأعمال برؤية جمالية بحتة يضيف إليها الكثير والدليل أن هذه الأعمال الفنية المستمدة من التراث الحضاري الخاص بنا عندما يتم عرضها في الخارج تحظى بإعجاب كبير برغم عدم إجادة مشاهديها لقراءة ما بها كلغة ولكنهم ينظرون إلى قيمتها الجمالية التجريدية ويرونها من أروع الفنون المعاصرة•
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©