السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حذار من «غوجرا» أخرى

24 أغسطس 2009 02:50
اندلعت الاضطرابات في قرية قرب «غوجرا» في مقاطعة البنجاب الباكستانية يوم 31 يوليو الماضي عندما ادُعي أن ثلاثة مسيحيين دنّسوا صفحات من المصحف الشريف في حفل عرس، وهي ادعاءات صرّحت الشرطة الباكستانية فيما بعد بأنها زائفة، جملة وتفصيلا. ونتيجة لذلك تم إحراق عشرات المنازل في منطقة تدعى «القرية المسيحية»، ونهبت مئات أخرى وتم تخريبها. كما أُحرق سبعة رجال ونساء وأطفال، أحياءً وأصيب كثيرون آخرون بجروح. ويعتبر حادث غوجرا واحداً من أكثر الأحداث مأساوية في تاريخ باكستان الحديث. وتقول السلطات الباكستانية إن متطرفين من إقليمي سوات وملاكند الباكستانيين خططوا للهجمات على الجالية المسيحية إلى جانب أعضاء من مجموعة طائفية أخرى قَدِمت إلى غوجرا من مركز قريب. وقد صرح الوزير الفيدرالي لشؤون الأقليات شهباز بهاتي في مؤتمر صحفي بعد أيام قليلة من الاضطرابات بأن الحكومة ستعوّض الضحايا وتعيد بناء البيوت التي أُحرِقَت من خلال إنشاء صندوق خاص تبلغ قيمته 200 مليون روبية (2.5 مليون دولار). وإضافة إلى ذلك تم اعتقال أكثر من 200 شخص وتوجيه التهم لهم، بمن فيهم مسؤولون محليون جرى طردهم، كانوا قد تجاهلوا الدلائل الواضحة لحدوث الهجمات. ومن المشاكل التي ظهرت بعد هذه الهجمات طبيعة معاملة الدولة للأحزاب السياسية الدينية داخل المجتمع الباكستاني. وتقوم الدولة بتوفير مساحة سياسية أوسع لهذه الأحزاب الدينية التي لا تملك قوة انتخابية تذكر، مقارنة بالأحزاب السياسية الكبرى. ومن الأمثلة الأكثر وضوحاً على ذلك ما حصل أثناء انتخابات عام 2002، عندما سمح الرئيس السابق الجنرال برويز مشرّف لحزبين دينيين هما «الجماعة الإسلامية» و«جماعة علماء الإسلام» بتشكيل حكومات إقليمية في المقاطعة الشمالية الغربية الحدودية وبلوشستان، تباعاً. وقد اعتمدت الدولة تقليدياً على هذه الأحزاب الدينية لتعزيز قبضتها على الأوضاع. وقد لعبت التحالفات الدينية لهذه الأحزاب، على سبيل المثال، دوراً أساسياً في دعم التعديل رقم 17 لدستور باكستان في ديسمبر 2003، مما مهّد الطريق لمشرف للاستمرار في الحكم كرئيس. كما لعبت الأحزاب الدينية أحياناً دوراً خِلافياً في مجتمع باكستان وسياساته من خلال إبراز الخلافات الدينية بين المجتمعات الفرعية، والتحريض على العنف في أسوأ الحالات. ويعتبر دعمها المستمر للقوانين التمييزية، مثل قانون التجديف والكفر، الذي يستخدم أحياناً لمحاكمة غير المسلمين، مثالا على ذلك. ويتوجب على المنظمات غير الحكومية مثل الاتحاد الدولي الإسلامي- المسيحي ومجلس السلام عبر الأديان، أن تعمل على مضاعفة جهودها لتعزيز التسامح والاحترام للأديان الأخرى. إلا أنه من الأهمية بمكان كذلك أن تتبنى الدولة سياسة استراتيجية ذات قاعدة واسعة، بما فيها تغيير المناهج المدرسية بهدف ترسيخ التسامح وإيجاد تفهّم أفضل للتنوع الثقافي والديني في عقول الطلبة داخل باكستان. إننا بحاجة كذلك إلى الدعم الفعال والنشط للأحزاب السياسية لتثقيف أنصارها حول كيفية التسامي عن التحامل والإجحاف والحذر من العناصر التي تحاول خلق توترات دينية. وكان بإمكان الزعماء السياسيين في منطقة التوتر الطائفي المذكورة أعلاه بالتأكيد جمع ما يكفي من القوة لكبح جماح الرعاع الغاضبين. فمن المفترض أن يتمتع المسؤول المنتخب بمهارات الإقناع، وأن يكون قادراً على التعامل مع الحشود الجامحة، ولو فعل المسؤولون المحليون ذلك لأمكن تجنّب المأساة في غوجرا. وليس تنوع باكستان في الثقافة واللغات والأديان مؤشراً أبداً على الضعف وإنما هو دليل على القوة. ولا يمكن إدخال ديمقراطية ثابتة وشرعية إلى أية دولة في غياب ثقافة ديمقراطية قوية تحافظ على الاحترام لهذا التنوع والتعدد. ميان إعجاز الحسن كاتب باكستاني ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©