الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رقبة سوريا تحت سيف التفتيش النووي

رقبة سوريا تحت سيف التفتيش النووي
25 يونيو 2008 22:30
بدأ فريق من مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية مباشرة مهامه تحت رمال الصحراء السورية، إثر المزاعم التي أثارتها الولايات المتحدة الأميركية بشأن وجود أنشطة نووية سرية هناك، وهي المهمة التي ربما تقرر مصير سوريا وعلاقتها بالمجتمع الدولي، وقد استقبلت دمشق هذه المهمة بمزيج من التشاؤم والتفاؤل الحذر، فبينما تخشى دمشق أن ينتهي بها الحال إلى ضرب عزلة دولية حولها، من شاكلة تلك التي فرضت على إيران، إلا أنها تأمل في الوقت نفسه، أن يسفر فتح أبوابها أمام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن تفاديها لأي عقوبات دولية محتملة، ''فالذي يسيطر على سوريا هذين اليومين، أن تتحول إلى جزيرة معزولة ومغلقة على نفسها'' على حد تعليق ''جوشوا لانديز'' خبير الشؤون السورية وأستاذ العلوم السياسية بجامعة أوكلاهوما· وفقا لمعلومات الحكومة الأميركية، فقد كان موقع ''الكبر'' الواقع في أقصى جنوب شرقي سوريا، الذي قصفته الطائرات الإسرائيلية في شهر سبتمبر من العام الماضي، موقعاً لمنشأة نووية كان يجري بناؤها بمساعدة من كوريا الشمالية، وبناء على تلك المزاعم، وضعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية سوريا على قائمتها الخاصة بالرقابة على الأنشطة النووية منذ شهر أبريل المنصرم، بعد أن توفر لها دليل فوتوغرافي على صورة لمفاعل نووي في الموقع المذكور، وقد سمحت دمشق لفريق المفتشين الدوليين بدخول الموقع، ولكن بعد أن استبقت ذلك بـ''تنظيف'' كامل للمكان إثر تعرضه للضربات الجوية الإسرائيلية، ثم تواترت معلومات إضافية نشرتها ''دير شبيجل'' الألمانية الصادرة يوم الأحد الماضي، زعمت فيها أن نشاطاً ثلاثياً جمع بين كل من طهران ودمشق و''بيونج يانج''، كان يجري في الموقع المذكور بهدف بناء مفاعل نووي لإنتاج البلوتونيوم القادر على تطوير السلاح النووي· غير أن سوريا نفت بشدة صحة هذه المزاعم - وهي عضو من أعضاء معاهدة حظر الانتشار النووي- قائلة إن الموقع عسكري بالفعل إلا إنه يخلو تماماً من أي نشاط نووي، ووصف الرئيس السوري ''بشار الأسد'' الأدلة المشار إليها على وجود نشاط نووي في بلاده بأنها ''مفبركة'' مائة بالمائة، ومهما يكن فقد جاءت زيارة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذه، في وقت حرج للغاية بالنسبة لسوريا، إلى جانب تهديدها بتقويض المكاسب الدبلوماسية التي حققتها دمشق مؤخراً، بعد فترة طويلة عانتها من الشجب الدولي، فقد بدأت سوريا تحسين علاقاتها الدبلوماسية، بُعيد اتفاق ''الدوحة'' الذي أبرم في شهر مايو الماضي، والذي توصل إلى تسوية مؤقتة للنزاعات السياسية الداخلية اللبنانية، إلى جانب استئناف محادثات السلام بين إسرائيل وقادة حركة حماس، بوساطة تركية مؤخراً، تقول دمشق إن لها دوراً كبيرا في إحداث هذا التحول، بفعل تأثيرها على قادة حركة حماس المقيمين في أراضيها، وفي مقدمة مؤشرات التقدم الدبلوماسي الذي أحرزته سوريا مؤخراً، استئناف باريس لعلاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، ودعوة الأولى للرئيس ''الأسد'' لزيارتها في شهر يوليو المقبل، وذلك لحضور المؤتمر الأوروبي-المتوسطي، إضافة إلى حضور الاحتفال بيوم ''الباستيل''· لكن ومع استمرار إثارة هذه الاتهامات بوجود أنشطة نووية سرية في أكثر من موقع من مواقعها، فإن من الطبيعي أن يزداد قلق السوريين من أن تفرض على بلادهم عزلة دولية شبيهة بتلك المفروضة على إيران، ولعل هذا هو المعنى الذي قصدت إليه صحيفة ''الوطن'' السورية الصادرة يوم الاثنين الماضي، بوصفها للاتهامات النووية الأميركية هذا بأنها: ''سيف مصلت على رقبة سوريا''، ومضت الصحيفة إلى نعت الاتهامات نفسها بأنها ''شكل من أشكال سياسة الابتزاز التي عادة ما تنتهي إلى استهداف مباشر''· وعلى حد رأي المحللين، فإن هذه المخاوف هي التي عجلت بتعاون دمشق غير المتوقع مع فريق المفتشين الدوليين، ومن رأي ''لانديز'' أن هذه المخاوف مبررة من الناحية الاقتصادية على الأقل، فخلافاً لطهران التي تواصل تحديها للغرب وعقوباته المفروضة عليها، اعتماداً على ما لها من موارد مالية هائلة تدرها عليها عائداتها النفطية الكبيرة، فإنه ليس لدمشق هذا الظهر المالي الذي يسندها· يجدر بالذكر أن سوريا فتحت أبوابها أمام فريق التفتيش الدولي، وأعلنت تعاونها معه، إلا أنها لا تزال تحكم قبضتها على عمليات التفتيش التي يباشرها، وفي هذا الإحكام ما يثير المقارنة بالتجربة الإيرانية، التي سمحت لفريق التفتيش الدولي بصلاحيات تفتيش محدودة، وضمن هذا الإحكام فقد رفض طلب لأعضاء الفريق الدولي الزائر لسوريا بزيارة ثلاثة مواقع أخرى مشتبه فيها، بينما حظر دخول الموقع الذي يجري تفتيشه على الصحفيين المحليين والدوليين معاً· وهذا ما دفع ''توم كيزي'' -المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية- إلى التصريح قائلاً في الأسبوع الماضي: ''الحقيقة أن هناك أدلة قوية وواضحة على ما كانت تقوم به سوريا سابقاً، وهذا ما يلزم السماح لفريق المفتشين الدوليين بإجراء تحقيق شامل في المنشأة المذكورة، إلى جانب فتح الطريق أمامهم لزيارة أي موقع آخر ربما يكون مثيراً لاهتمامهم''· وفي حين دعا ''محمد البرادعي'' -مدير عام الوكالة الدولية- دمشق إلى التحلي بالشفافية المطلقة في هذه التحقيقات، إلا أنه استبعد احتمال عثور مفتشيه على أية أدلة، إثر القصف الجوي الذي تعرض له الموقع من قبل إسرائيل، وفي الوقت نفسه انتقد ''البرادعي'' حجب كل من أميركا وإسرائيل للمعلومات الاستخباراتية التي توفرت سابقاً عن الموقع، شاجباً الضربة الأحادية العسكرية التي وجهت إليه من قبل إسرائيل· جولين بارنيس داسي- دمشق ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©