الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القرص المفروك «خبز الرحالة» ومستودع الحنين

القرص المفروك «خبز الرحالة» ومستودع الحنين
11 مايو 2010 20:55
يعتبر القرص المفروك من ألذ الأطباق الإماراتية الشعبية خصوصاً في الشتاء، حين يعمل على منح الطاقة والدفء، وهو سهل التحضير وربما يعود ذلك إلى الظروف الحياتية التي كان يعيشها الإنسان الخليجي والإماراتي بشكل خاص في الزمن البعيد. وبمرور الوقت أصبح القرص المفروك ويسمى في المملكة العربية السعودية قرص المجمار نسبة لتنور الجمر، أكثر الأطباق طلباً خلال الأسفار والترحال في الشتاء، وهو سهل التحضير، وعند إعداده ترى معظم المرتحلين يجتمعون عند صانع القرص لأخذ الخبرة، إذ لا يعلم أحدهم متى يضطر للسفر ضمن جماعة وربما لا يعرف تحضير القرص المفروك. المؤسف في الأمر أن الكثير من أبناء الإمارات لا يعرفون طريقة إعداده، وربما لا يهتمون بمعرفة كيفية صنعه، وقلة من الرجال والنساء ممن تربوا في المناطق الصحراوية وتوارثوا عن أجدادهم طريقة الصنع لا يزالون مرتبطين بنقل طريقة إعداد القرص المفروك الشعبي إلى أبنائهم وللأجيال القادمة، وهناك أيضا "هيئة الإمارات للهوية" التي من خلال مخيمها السنوي عملت على نقل الكثير من الممارسات والثقافات الشعبية إلى مختلف المراحل العمرية عن طريق طلاب وطالبات المدارس الذين تتم استضافتهم من أجل ذلك. يتكون القرص المفروك من الدقيق وشيء من الملح والسمن ويضاف إليه التمر، ويعجن ثم يفرد على هيئة قرص كبير، ولم يكن قديما يلف في القصدير ويطرح بين الجمر، الذي بدأ في الانطفاء حتى أصبح غالبه رماداً، ويترك حتى ينضج، وعلامة ذلك احتراق الطبقة العليا نوعاً ما، وبعد ذلك يترك ليبرد ويقطع ويضاف إليه السمن ويفرك بين الكفين. ولكن يفضل اليوم أن يدق كما كان يفعل البعض قديماً، ثم يسكب عليه العسل، وربما يضطر البعض إلى ذر السكر في مرحلة سابقة حين يكون ساخناً وقبل إضافة السمن. عند عجن القرص وخلال عملية الفرد يجب ألا يكون رقيقاً ولا غليظاً، وكان القدماء يفضلون استخدام حطب الغاف لصنع الجمر حيث لا تصدر رائحة سيئة خلال عملية الاحتراق، ولا يعتبر القرص فاخر المظهر، ولكنه يمنح الرحالة الشعور بالدفء والحيوية خلال السفر، وبعد نقل هذه الوصفة للأجيال الحديثة أصبح القرص المفروك صديق الرحلات الترفيهية، كما يقوم الكثير من أبناء الدولة بصنعه وهم خارج حدود الوطن، سواء عند السفر للعلاج أو للسفر من أجل السياحة، فهم يشعرون بالحنين للوطن فلا يجدون العزاء إلا بممارسة العادات الغذائية والاجتماعية التي اعتادوها وهم في الوطن. إن أياً من العادات التي تكاد تندثر، ماهي إلا ممارسات تعبر عن الحنين، وفرصة للتأمل في الماضي وتخيل الظروف التي كانت تواجه الإنسان وتدفعه لاختراع ما يتلاءم مع التحديات التي يواجهها. ومهما حاولت التقنيات الحديثة إنتاج تلك المأكولات فلن تستطيع إجادتها ومنحها المذاق الناتج عن تصنيعها في بيئتها الطبيعية وبمواد بسيطة دون إضافات مصنعة، لذلك ورغم أن الإنسان الإماراتي توافرت له التقنيات الحديثة التي يحملها معه حتى خلال رحلة صحراوية أو جبلية في الدولة، إلا أنه يجد نفسه مدفوعاً لممارسة العادات القديمة كما حصل عليها. وكمثال على ذلك ربما يكون لدى شخص ما مزرعة بها فيلا مكيفة، لكنه يفرش الحصير في الخارج ويشعل الجمر في التنور أو الكوار ويصنع الوجبات على الفحم أو الحطب، رغم أن الفرن الحديث موجود داخل الفيلا أو الشاليه. (المصدر: هيئة الإمارات للهوية)
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©