الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإحياء في الشعر الإماراتي

الإحياء في الشعر الإماراتي
25 يونيو 2008 21:27
لم يكن الشعر في الإمارات بمعزل عن العناصر الثقافية التي أسهمت في تطور حركة الشعر في الوطن العربي بشكل عام، وهذا ما يمكن اكتشافه بصورة جلية في أواخر القرن التاسع عشر، الذي شهد ولادة الشاعر الكبير سالم بن علي العويس (1887 ؟ 1958)، وقد بدأت موهبته الشعرية في البروز وهو في السن السادسة عشرة أي في سنة ،1903 وكانت هذه الفترة فترة إحياء للشعر العربي بمنطقة الإمارات على الخصوص· لقد اطلع سالم العويس على الشعر الجاهلي، وخاصة المعلقات وابن نباتة السعدي ودريد بن الصمة وشعر أبي تمام والمتنبي وغيره، والواقع أن في شعره إلماحات كثيرة مرتبطة بالمعلقات وبنصوص المتنبي التي كثيراً ما أسس قصائده على منوالها· ويبدو لي أنه قد تأثر كثيراً بهذا الأخير· ولذلك فإن شعره كما أعتقد ينقسم الى قسمين، الأول يمكن وصفه بأنه كلاسيكي، وهذه المرحلة كانت نتيجة تأثره بأصداء الشعر في السعودية والعراق على الخصوص قبل سنة ،1952 وكان هذان القطران أقل الأقطار تأثراً بالعالم، لكن تراثاً حياً من الشعر بقي ماثلاً فيهما، واستطاع أن يتسرّب إلى منطقة الإمارات، ويصل إلى الشاعر سالم العويس· والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما العوامل التي جعلت سالم العويس يستجيب بسرعة إلى الثورة الناصرية، وتظهر هذه الاستجابة في شعره بشكل لافت للنظر؟ وأنا أعتقد أن هذا يعود إلى أن الشعر العراقي الذي تأثر به سالم العويس كان يتأسس على الموضوع السياسي الثوري الذي برز في الشعر العراقي في أوائل القرن التاسع عشر نتيجة المراكز الدينية الموجودة في المدن العراقية الرئيسية، وخصوصاً في البصرة· لقد توفرت للشاعر سالم العويس جملة من العناصر الثقافية التي أسهمت بشكل أو بآخر في انضاج تجربته الشعرية، وأهلته ليكون الشاعر الإحيائي الرئيسي في الإمارات، ومن ثم نجح في ربط الشعراء اللاحقين بالنماذج العربية التراثية الممتازة· ولذلك فإن شعره قد تميّز بمحاكاة شعر القدماء، وفهمه للشعر يتجلى في البيتين الآتيين، حيث يقول: ماذا أقول وخير القول أصدقه والقول لغو إذا طارت حراراته طول القصائد شيء غير نافعها والقول ما سدّدت نهجا إشاراته فهو كما يتضح يؤمن بأن الشعر لابد أن يقدم موضوعاً صادقاً، والصدق هنا ينطلق من السعي إلى تبني القضايا العربية والإسلامية والترويج لها، ولذلك فلقد برزت في شعره موضوعات تؤكد الوحدة العربية، وتسعى الى مقاومة الوجود الاستعماري· كما أن البيتين السابقين يلمحان إلى أن الشاعر مولع باللغة التصويرية، تلك التي يطلق عليها بـ ''نهج الإشارات''، كما أنه لا يفضل القصائد الطويلة، فالعبرة بالصدق والنفع وليس بالقصيدة الطويلة التي لا حرارة فيها· ويظهر جلياً أن فهم الشعرية هنا يصدر عن الشفاهي أكثر من كونه كتابياً، خاصة في استعماله لفظ ''القول'' بدل الكتابة· ومثل هذا الفهم لشعريته جعله كثيراً ما يرتبط بالأساليب الفخمة التراثية، والألفاظ الجزلة والاستعارات بدل الصورة الشعرية الممتدة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©