الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوريا الشمالية: تجربة صاروخية واستياء دولي

18 مارس 2012
جازفت كوريا الشمالية بتعريض اتفاقها مع الولايات المتحدة للحصول على مساعدات غذائية، لخطر جديد، وذلك بإعلانها إطلاق صاروخ بعيد المدى يحمل قمراً صناعياً لوضعه في الفضاء. فقد قال الإعلام الرسمي في كوريا الشمالية إن إطلاق الصاروخ يصادف الاحتفالات الكبيرة التي ستُنظم في 15 أبريل المقبل بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد "القائد العظيم" كيم يونج سونج الذي حكم البلاد لنصف قرن من الزمن قبل أن يسلم السلطة إلى نجله كيم يونج إيل في عام 1994، والذي توفي في في شهر ديسمبر الماضي ليسلم بدوره الحكم لابنه الرئيس الحالي. ولم يتأخر رد فعل الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، والذي جاء مندداً بالخطوة الكورية، هذه الخطوة التي أُعلن عنها بعد سلسلة من الزيارات قام بها نجل كيم يونج إيل الثالث وقائد البلاد الجديد إلى مواقع عسكرية قريبة من المنطقة منزوعة السلاح التي تفصل الكوريتين منذ انتهاء الحرب بينهما في خمسينيات القرن الماضي. وتشكل خطة إطلاق صاروخ بعيد المدى سبباً آخر من أسباب زيادة التوتر في المنطقة بعد تصاعد الآمال في واشنطن التي وقعت في فبراير الماضي على اتفاق مع بيونج يانج يقضي بوقف التجارب الصاروخية مقابل حصول البلاد على معونات غذائية. لكن الاتفاق كان محط شك كبير منذ البداية لدى كوريا الجنوبية الذي اعتبرته مجرد مناورة من بيونج يانج هدفها خداع الولايات المتحدة والالتفاف على كوريا الجنوبية. وقد ألمحت وزيرة الخارجية الأميركية في معرض ردها على الخطوة الكورية، بأن إطلاق صاروخ جديد قد ينسف الاتفاق الموقع مع بيونج يانج، والذي بموجبه كانت الولايات المتحدة ستورد 240 ألف طن من المواد الغذائية إلى كوريا الشمالية. ولتنفيذ الاتفاق كان الموفد الأميركي، "روبرت كينج"، يجري مباحثات في بكين لإتمام تفاصيل إيصال الشحنة إلى وجهتها، وأضافت وزيرة الخارجية أن إطلاق الصاروخ "يمثل تهديداً للأمن الإقليمي كما يناقض إعلان كوريا الجنوبية مؤخراً وقف تجاربها الصاروخية". واستدعت التجربة الصاروخية المعلن عنها ذكريات مشابهة قامت فيها كوريا الشمالية عندما أطلقت صواريخ طويلة المدى في أغسطس 1998 وأبريل 2009، أصرت أنها تحمل أقماراً اصطناعية لوضعها في مداراتها. لكن المحللين المتابعين للشأن الكوري نفوا وجود أية أقمار صناعية، مؤكدين أن الهدف الحقيقي كان اختبار قدرات الصاروخ الكوري، "تايبودونج"، على حمل أسلحة الدمار الشامل، سواء نووية أو بيولوجية أو كيماوية، واحتمال وصولها إلى هاواي أو ألاسكا، بل حتى الساحل الغربي للولايات المتحدة. وفي هذا الإطار يقول "لي جونج مين"، عميد كلية العلاقات الدولية بجامعة "يونسي" بكوريا الجنوبية: "إذا ما مضت بيونج يانج في خطة إطلاق الصاروخ بعيد المدى، فلا مفر للولايات المتحدة من مراجعة اتفاق مد كوريا الشمالية بالمواد الغذائية، فلا أحد يستطع الوثوق بهؤلاء الناس". وكانت الشكوك حول إقدام كوريا الجنوبية على الخطوة قد بدأت تتصاعد في الجارة الجنوبية بعدما حث كيم يونج أون جنوده على البقاء في وضعية استنفار قصوى استعداداً لضرب النظام في كوريا الجنوبية، والذي عادة ما يوصف في إعلام الشمال بأنه نظام "خائن". ورغم تجاهل سيؤول لذلك الخطاب، فإنها أقرت بالاستفزاز الذي يمثله إطلاق صاروخ بعيد المدى. ويعتقد الخبراء أن كوريا الشمالية تعيش على وقع حملة دعائية شرسة ترمي إلى بناء مؤهلات القائد الجديد كشخصية عسكرية متميزة، حيث غالباً ما يتم تشبيه القائد الشاب بوالده، سواء في مظهره أو شخصيته الصارمة وروحه القتالية، لاسيما أن القائد الراحل سبق له إطلاق صواريخ مماثلة في إطار صراعه مع الولايات المتحدة وخصمه الجنوبي. ولا يريد القائد الجديد أن يبدو أقل حسماً من والده. غير أن التداعيات قد تكون مؤلمة بالنسبة لكوريا الشمالية التي تعاني من نقص حاد في المواد الغذائية يصل إلى حد المجاعة أحياناً، وهو ما يشير إليه "كيم تاي وو"، رئيس المعهد الكوري للوحدة بين البلدين، قائلا: "إطلاق صواريخ بعيدة المدى يخرق الاتفاق الموقع مع الولايات المتحدة، وهذه الأخيرة لن تسكت عما يجري، وأقل ما يمكنها فعله وقف شحنات الغذاء التي كانت تتهيأ لإرسالها إلى الشمال". لكن هناك من المتابعين من يعبر عن مخاوف أخرى إزاء المستقبل، فرئيس محطة إذاعة كوريا التي تبث من الجنوب، وتصل عبر الموجات القصيرة إلى الشمال، قال إن إطلاق الصواريخ ربما يكون مجرد مقدمة لتجربة نووية مقبلة قد تجرى نهاية السنة الحالية، وهو يضع هذه التجربة في سياق السياسة الداخلية الكورية، حيث يحتمل أن تكون كوريا الشمالية بصدد إرسال إشارات من خلال إطلاق صواريخ بعيدة المدى لجس ردة فعل أوباما في خضم حملته الانتخابية، ومعها ردة فعل الدول الإقليمية مثل كوريا الجنوبية واليابان المتخوفتين من تنامي القدرات النووية لبيونج يانج. وعلى أساس ردود الفعل تلك ستبني القيادة الجديدة في كوريا الشمالية سياستها المقبلة، وما إذا كان من الآمن بالنسبة لها المضي قدماً في تجارب أخرى تتجاوز الصواريخ إلى مواد نووية. دونالد كيرك - سيؤول ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©