الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الثورة السورية... مواجهة بنهايات مفتوحة

الثورة السورية... مواجهة بنهايات مفتوحة
18 مارس 2012
بعد انقضاء عام على اندلاع الانتفاضة السورية، بدا لافتاً للنظر إلى حد كبير، أن نظام الأسد، هو الذي اهتم بالاحتفال بذكراها، لا المعارضة السورية، كما قد يتوقع. وكانت التجمعات الصاخبة المؤيدة للأسد، التي انطلقت في شوارع العاصمة دمشق، وغيرها من المدن السورية هي آخر علامات الاحتفال الصادرة عن حكومة توصف في الخارج على نطاق واسع، بأنها محاصرة أو محكوم عليها بالسقوط. ولكن في الوقت الذي أُطيحت فيه أربعة نظم عربية من السلطة خلال الأربعة عشر شهراً الماضية، تمكن نظام الأسد العنيد في التشبث بالسلطة، على رغم حركة الانتفاضة المحتدمة التي اجتاحت مساحات كبيرة من سوريا ونجحت في السيطرة على مناطق عديدة، مؤقتاً على الأقل. وسبب مشاعر "الظفر" التي بدت واضحة يوم الخميس الماضي في شوارع دمشق، هي تلك النتائج التي تحققت في ساحات المعارك في محافظتي إدلب وحمص المضطربتين، بعد أن تمكنت القوات الحكومية المزودة بالدبابات والمدفعية من دحر قوات المعارضين المسلحة بالبنادق الآلية، والقنابل اليدوية وإجلائها من "المناطق المحررة" في المحافظتين المذكورتين. و"كانت الرصاصة الواحدة التي تنطلق من بندقية كلاشنكوف تُقابل بقذيفة من دبابة" بحسب ما قال "مازن أرجا" الناشط الإعلامي السوري المعارض في سياق وصفه لشراسة قوات الأسد. وبعد أن توقعوا في البداية أن الرئيس السوري سوف يتنحى سريعاً عن السلطة، يقر الرسميون في واشنطن وغيرها من العواصم الغربية الآن بأنه قد ينجح في الاستمرار والبقاء في السلطة لوقت ليس بالقصير. وقال مسؤول أميركي رفض الكشف عن هويته "إن قبضة حكومة الأسد ما تزال قوية على جهازها الأمني ويمكن توقع أنها ستقاتل حتى النهاية". وكان تطور المعارضة من مجرد حركة احتجاج إلى انتفاضة مسلحة شملت أجزاء عديدة من البلاد، قد مثل تحديّاً صعباً لقوات الأمن السورية التي فقدت ما يقرب من 2000 من أفرادها، وفقاً للأرقام الحكومية. ولكن البعض في سوريا يقولون إن الطبيعة التي يزداد عنفها لقوات المعارضة قد أدت إلى إبعاد كثير من أبناء الطبقة الوسطى السورية عن الاستمرار في تأييد المعارضة خوفاً من اندلاع العنف الطائفي، وسيادة حالة من الفوضى على النمط العراقي، إذا ما سقط نظام الأسد. ولكن على رغم أن الوضع يبدو أفضل الآن لنظام الأسد، مقارنة بما كان عليه منذ عدة أسابيع، عندما وصل التمرد المسلح لأبواب دمشق، إلا أن احتمالات بقاء حكومته في الأمد الطويل تظل قاتمة -كما يرى الخبراء. فقوة الأسد تتآكل بانتظام وسط اقتصاد متداع، وعزلة دبلوماسية، وقوات تمرد باتت متمرسة الآن على ممارسة أعمال العنف في ردود فعلها، كالتخريب وزرع الألغام على جوانب الطرق -كما يقولون. ولاشك أن هناك ارتياحاً يسود الآن القصر الرئاسي في دمشق الذي أثخنته المعارك بسبب استمرار حالة الجمود الدولي حيال كيفية التعامل مع الوضع الذي يزداد تعقيداً في سوريا. ولكن الشروخ الجديدة التي ظهرت في صفوف المعارضة السورية المنقسمة على نفسها انقساماً عميقاً لم تساعد قضية الثورة على نظام الأسد. وكانت أكثر تلك الشروخ، هي تلك التي طالت المجلس الوطني السوري الذي يمثل المظلة الجامعة الأكبر لفصائل المعارضة، الذي شهد انشقاقات كبيرة الأسبوع الماضي. وفي معرض تبرير استقالته وصف "هيثم المالح" المعارض البارز، المجلس الوطني السوري بأنه "أوتوقراطي"، ولا يختلف من هذه الناحية عن حزب "البعث" السوري الحاكم. وقال المالح أيضاً "إن المجلس لا يريد أن يكون ممثلاً للفريق الديمقراطي"، أما على الأرض، فإن الأسد يواجه معارضة تتفق على هدف واحد، هو الإطاحة به. وعلى رغم أن قوات المعارضة تعاني من نقص السلاح والمعدات، إلا أن احتمال حصولها على المزيد منها بات وشيكاً للغاية، بعد أن أعلنت دولتان عربيتان دعمهما لتسليح قوات الثوار. ويقول بعض الخبراء إنه قد يتبين أن الانتصارات الأخيرة التي حققتها قوات الأسد هي في حقيقتها انتصارات جوفاء، طالما أن تلك القوات المنتشرة على امتداد مساحة كبيرة، تضطر في نهاية المطاف لسحب أجزاء من وحداتها لإطفاء نيران الانتفاضة المندلعة في أماكن أخرى. وكان الأسد قد أثبت أن حكومته لن تتردد للحظة في اتخاذ أي خطوات مهما بدت قاسية في سبيل المحافظة على السلطة. وهذه الحقيقة يعبر عنها ارتفاع حصيلة القتلى التي بلغت 8000 قتيل منذ أن اندلعت الانتفاضة - كما تقول مصادر الأمم المتحدة. ويقول "أنور البني" المحامي البارز المتخصص في الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان، وهو معارض للنظام في دمشق: "إن النظام سيستمر في القتل إذا لم يوقفه أحد". ويؤكد قادة المعارضة لنظام الأسد أنه ليست لديهم أي خطط للتراجع، وأن إصلاحات الأسد المقترحة مثل الدستور الجديد، والانتخابات البرلمانية لم يكن لها تأثير يذكر في وضع حد لمطالبتهم بإقصائه عن السلطة. ويقول "بيتر هارلنج" من "مجموعة الأزمات الدولية" التي تتخذ من العاصمة البلجيكية بروكسل مقراً لها: "إن المشكلة التي يواجهها النظام السوري تتمثل في حقيقة انفصال علاقته مع قطاع كبير من شعبه... وعلى ما يبدو أن النظام لا يحقق أي تقدم في إصلاح هذه العلاقة المشروخة". باتريك جيه. ماكدونيل - بيروت بول ريتشتر - واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «أم. سي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©