الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

قطاع كبير من الشباب العربي يجهلون مفهوم المواطنة

قطاع كبير من الشباب العربي يجهلون مفهوم المواطنة
9 مايو 2017 22:43
إبراهيم سليم (أبوظبي) كشفت نتائج استطلاع شارك فيه 7 آلاف شاب عربي، يمثلون 10 بلدان عربية، تتراوح أعمارهم بين 15 و33 عاماً، جهل قطاع كبير من الشبان بمفهوم وحقوق المواطنة، واعتماد البعض على البرامج المتلفزة، في الحصول على المعلومات الدينية، وأنّ الجانب الأهم في الإسلام عندهم هو العيش وفق الأخلاق والآداب الإسلامية، وأنّهم يرفضون عموماً الجماعات المتطرّفة كـ«داعش» و«القاعدة»، كما أن إمام مسجد الحي، أهم شخصية بالنسبة لهم في الأمور الشرعية، على الرغم من عدم تأهيله للفتوى. وذكر الشباب المشاركون في الاستطلاع أن «العيش وفق الأخلاق والآداب الإسلامية» أهم من جوانب الإسلام عندهم، واتفق غالبيتهم على أنّ المحتوى الثقافي ينبغي حظره إذا انتهك قيم المجتمع الأخلاقية والسلوكية. وشمل الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة طابة للأبحاث والاستشارات، بالتعاون مع مؤسسة زغبي للخدمات البحثية، حول «مواقف جيل الشباب المسلم من الدين وعلمائه»، شباباً من سلطنة عمــان وقطــر ولبنــان وتونــس والجزائــر والســودان والعــراق، وليبيــا وموريتانيــا واليمــن، فيما سبقه استطلاع العام الماضي، شمل 8 دول أخرى لفهم المسارات المستقبلية لصلة الشباب بالدين، في خطوة تستهدف المعالجة الفعلية لكثير من المسائل المتعلّقة بالشباب وفهمهم للدين. نتائج وعرض جيمس زغبي، مدير مؤسسة زغبي للخدمات البحثية، أهم نتائج الاستطلاع، خلال مؤتمر عقد أمس الأول، في فندق بارك روتانا، بحضور عدد من المهتمين، أعقبته جلسة حوارية حول نتائج الاستطلاع التي تضمنت أنّ الهوية الوطنية هي الهوية الأساسية عند الشباب العربي المشمولين في الاستطلاع؛ وأنّهم يريدون أن يعرفهم الآخرون بدينهم؛ وأنهم يعتقدون أنّ المواطنين غير المسلمين في البلاد الإسلامية، ينبغي أن يُعاملوا بمساواة في الحقوق؛ وأنّ الجانب الأهم في الإسلام عندهم هو العيش وفق الأخلاق والآداب الإسلامية، وأنّهم لا يعتقدون أنّ الخطاب الديني يصطدم مع العالَم الحديث، ولكن إذا عُمِد إلى الإصلاح أو التجديد فينبغي أن يقوم به علماء ومؤسسات دينية، كما أنّهم يقدّرون المفتين والعلماء بأنّهم الأحق في إصدار الفتاوى الدينية. كما أظهرت النتائج رغبة الشباب في أن تكون مدة خطبة الجمعة معقولة؛ وأنّهم يقصدون إمام مسجد الحيّ، ثمّ مركز الفتوى المحلي، ثمّ البرنامج الدينية المتلفزة للإجابة عن استفساراتهم الدينية؛ وأنّ الإرهاب والتطرّف باسم الدين أهمّ أسباب التشكّك في الدين؛ وأنّهم يرفضون عموماً الجماعات المتطرّفة كـ«داعش» و«القاعدة»، مع أنّ لدى قلة منهم موقفًا متأرجحاً حيالها. وعقدت جلسة حوارية، شارك فيها فضيلة الشيخ الحبيب علي الجفري، وفضيلة الشيخ أحمد الكبيسي، وجيمس زغبي، وأدارتها الدكتورة جميلة خانجي، مستشارة الدراسات والبحوث في مؤسسة التنمية الأسرية. وأوضح الجفري أنّ النتائج تتطلب دراسة وتمعنًا من قبل فئات مختلفة في المجتمع، وتفكيرًا جادّاً مع أصحاب القرار، كما نحتاج إلى تجديد في تفكيك جذور الفكر المتطرّف وفي مجال الاجتهادات الفقهية في المتغيّرات لا الثوابت، وأنّ المؤامرة على الأمّة قائمة ولكن لم تكن لتنجح لولا الضعف والوهن الذي أصابها؛ وأنّ النسبة بين الشباب (1-6%) الذين يتفقون مع المنظمات المتطرّفة كـ«داعش» نسبة خطيرة. وانتقد الجفري دور المثقفين الذين اعتادوا إلقاء اللوم على الخطاب الديني، وفي المدارس والجامعات، والدور الخطير للإعلام الذي كثيراً ما ينتهج التشنيع على علماء الدين، وفي دور المسؤولين. وبحسب نتائج الدراسة وافق معظم المشاركين في الاستطلاع عـلى أن الجماعـات المتطّرفـة كـ«داعـش» و«القاعـدة» ضاّلـة وتسـيء إلى الإسـلام، وقلة قليلة في كل بلد (6% أعلى نسبة) رأت أن هذه الجماعات «على الصواب والهدى»، وفي لبنــان، كان لــدى أربعة مــن كل 10، وفــي ُعمــان 37%، آراء متضاربــة حــول الجماعــات المتطرفــة باختيارهــم، وهو خيار مثيــر للقلــق. وتكمن الخطورة في أن الشــباب العــربي الذيــن يعتقــدون بأنــه قــد يوجــد بعـض صـواب عنـد هـذه الجماعـات سـيكون لديهـم ميـل وقابليـة لمـا تبّثـه مـن رسائل وتأثير؛ ما يشـّكل تحدياً أكبر مــن بقــاء هــذه الجماعــات في مناطــق الصــراع الجــاري في ســورية والعــراق. وبينت الدراسة أن سبب انضمام شباب وشابّات إلى جماعات كـ«داعش» و«القاعدة»، «القناعة بأنّ هذه الجماعات تمثّل الحق»، وقد ذكرت هذا السبب أغلبية في تونس والجزائر والسودان وليبيا وموريتانيا واليمن والعراق وعُمان، أما السبب الثاني فكان «الخطابات والتعاليم الدينية المتطرّفة»، ما يفسر انضمام شباب وشابّات إلى الجماعات المتطرّفة، واختاره أكثر من أربعة من كلِّ 10 أشخاص، كما أشار البعض إلى أن من الأسباب «تدنّي مستويات التعليم» و«ظلم الحكومات»، و«التمييز ضد الأقليات المسلمة في الدول الأجنبية» و«الاحتلال الأجنبي لأراضٍ إسلامية» و«شعور الشباب بالاغتراب». وبينت الدراسة وجود انقسام بين العينة حول التشكك في الدين، ففي خمس دول هي السودان وعُمان والعراق ولبنان واليمن، تعتقد أغلبية تتراوح بين 53 و60 %، ازدياد نسبة التشكّك في الدين، بين شباب جيلهم، ومن جهة أخرى، قال أكثر من ستة من كلِّ 10 مستجيبين إنّهم لا يعتقدون أنّ التشكّك في الدين قد ازداد بين أفراد جيلهم، وكان هذا الاعتقاد أقوى في قطر وليبيا فالجزائر وموريتانيا ثمّ تونس، والسبب يعود إلى الإرهابَ والتطرّف باسم الدين، إضافة إلى السلوك غير الأخلاقي للمنتسبين للدين، وقد عُدَّ التخلّف الحضاري ثالثَ أهم سبب للتشكّك إلا أن جميع الشباب المشاركين في الاستطلاع رأوا أنّ التخلّف الحضاري ليس سبباً للتشكّك، وأن الدين غير مسؤول عن تدهور العالم العربي. إمام مسجد الحيّ وأظهرت الدراسة أهمية دور إمام مسجد الحيّ، والذي تبين أنه يشكل أهمَّ مصدر مألوف للحصول على إجابات عن الأسئلة الدينية، وسهولة الوصول إليه، والاقتناع برأيه، وهو ما يطرح سؤالاً مهماً، بحسب الدراسة، حول مدى قدرة إمام مسجد الحيّ على الإجابة عن الأسئلة المعقّدة، المختلفة عن المسائل العامّة المتعلّقة بالدين والطاعة والعبادة، خاصة أن جيل الشباب يثير أسئلة شائكة، ومنها في الغالب ما لم يتمرّس أئمة المساجد في إمكانية الإجابة عنها. خطبة الجمعة وتبين من الاستطلاع وجود آراء سلبية عن خطب الجمعة، إمّا «رتيبة ومملة»، وإمّا «مسيّسة بإفراط»، وإمّا «صوت الحكومة»، في حين مال العراقيون والعُمانيون والقطريون إلى آراء إيجابية، إمّا «ذات صلة بحياتي» وإمّا «مُلهِمة»، وكانت نسبة وصف الخطبة بالتسييس المفرط لافتة في لبنان وموريتانيا، وهو ما وصفها به حوالي خُمس المستجيبين في الجزائر والسودان والعراق واليمن، ما يعني أن النظرة السلبية إلى خطبة الجمعة تطرح تحدّياً وفرصة لإدارات الشؤون الإسلامية في هذه البلدان لتحسين الخطبة. وفيما يتعلّق بمقترحات تحسين خطبة الجمعة، أراد أغلب الشباب أن تكون مدتها معقولة، وهو ما اختير بنسبة أعلى في العراق وعُمان واليمن وتونس والجزائر وليبيا والسودان وموريتانيا، وكان خلاف هذا في لبنان وقطر، حيث رغب المستجيبون في رؤية خطيب أكثر براعة في إلقاء الخطبة، وإجمالاً جميع الخيارات الثلاثة كانت معتبرة، وأقلها في الاعتبار كان رؤية خطيب أكثر تأهيلاً في الجزائر بنسبة 19%. البرامج المتلفزة أظهرت الدراسة قلقاً بسبب أن البرامج الدينية المتلفزة، تأتي في مقدمة الخيارات لحصول الإرشاد والتوجيه للشباب في ستة بلدان، هي قطر والعراق واليمن وعُمان وتونس وليبيا، ومصدر القلق من هذه النتيجة، والذي ينبغي أن تستشعره المؤسسات الدينية والعلماء. فالتلفاز فضاء غير منضبط لا يشترط الأهلية والاختصاص في من يتكلّم في الدين والفتوى والأحكام الدينية. المرجعية الدينية واحتل مفتي البلاد وإمام مسجد الحي قمة المرجعيةَ التي يمنحها الشباب العربي المسلم، وعلى الرغم من أن إمام مسجد الحيّ، لم يكن الخيار الأول في جميع البلدان، لكن ما زالت أعداد مهمّة في معظم البلدان تعترف بأنّ له مرجعية دينية في إصدار الفتوى، على الرغم من أنّه ليس له هذه المرجعية، وذلك أنّ أغلب أئمة المساجد لم يعطَ تدريباً على الفتوى ولا تخويلاً بممارستها، وهذا يشير إلى أهمية إمام مسجد الحيّ في حياة الشباب العربي، واعترفت غالبية الشباب في جميع البلدان، ما عدا لبنان، بدور المرجعية الدينية المعتبرة. ويعتقد 50% من المستجيبين في قطر، و44% في لبنان، أنّ الدعاة الذين لديهم برامج متلفزة لهم هذا الحق، على الرغم من أنّ التلفاز ليس وسيلة معتبرة يمكن بها تقويم، أو تحديد، أهليتهم الدينية والعلمية. وقد يكون سبب نسبة هذا الخيار العالية في قطر انتشارَ برامج الفتاوى المتلفزة وشعبيتها، وذكر ما يقارب 10% من اللبنانيين والقطريين أنّ لأيِّ مسلم متديّن الحقَّ في الفتوى؛ ومع أنّ هذه النسبة قليلة إلا أنّها مقلقة، وذلك أنّها تبدي قصوراً في فهم ما يجب على المرء اكتسابُه من مؤهلات ومهارات وعلوم كي يصبح عالماً مخوّلاً بالفتوى. أجمع المشاركون الذين شملهم الاستطلاع في 10 دول على أن «بلدي» هو المصدر الأهم لهويتهم، وهذا الخيار أقوى في تونس 60%، وقطر 59%، وعُمان 57%، والجزائر 56%، وفي موريتانيا تخطى 39% بقليل خيار «عائلتي أو قبيلتي»؛ وكان خيار «عائلتي أو قبيلتي» مهمّاً في ليبيا بنسبة 28%، وعند المستجيبين من شباب أهل السنّة في اليمن 30%، والعراق 28%، و«كوني عربياً» هو الخيار الأقوى بين الشباب اللبنانيين، في حين أنّ النسبة الأعلى في اختيار «الدين» مصدراً للهوية كانت بين العمانيين. حقوق غير المسلمين يعتقد نصف الشباب في جميع البلدان المشمولة في الاستطلاع ما عدا ليبيا أنّ المواطنين غير المسلمين في البلاد الإسلامية ينبغي أن يتمتعوا بمعاملة متساوية في الحقوق. وهذه الرؤية أقوى في قطر بنسبة 89%، ولبنان 78%، والجزائر71%، والسودان 68%، وكانت ليبيا الدولة الوحيدة التي قال فيها أكثرية بنسبة طفيفة إنّ المواطنين غير المسلمين في البلاد الإسلامية لا ينبغي أن يُعاملوا بمساواة في الحقوق؛ وهذا ما قاله تقريباً 40% من الشباب في خمسة بلدان: تونس والعراق وعُمان وموريتانيا، واليمن. وتثير هذه النتائج الكثير من القلق إزاء حالة الافتقار الشديد عند الشباب العربي في فهمهم لمسألة منح الحقوق لجميع المواطنين والنظرة الإسلامية للمواطَنة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©