الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ملامح البيئة المحلية تشكِّل عناصر ومكونات الحدائق المنزلية

ملامح البيئة المحلية تشكِّل عناصر ومكونات الحدائق المنزلية
18 مارس 2013 20:22
استطاعت منسقة الحدائق مريم سيف مصبح، رسم أبعاد عدد من الحدائق المنزلية، التي باشرت تنظيمها وتنسيقها وترتيبها بعد أن عهد إليها عدد من الصديقات بهذه المهمة، نظرا لما تتمتع به من خبرة وشغف في تحويل الفضاء الواسع والخالي الذي يحيط بالمنزل إلى بيئة تجود فيها الحياة، وتحويل هذه المملكة إلى حيز تتسيد فيه معاني الراحة والبهجة والجمال، والاستمتاع بمراقبة النباتات وهي تشق طريقها بعد أن وضعت لها الرواسي والثوابت التي خطط لها وفقا لطبيعة المكان ومساحته، ليتحول المكان من أرض تعثو الرياح في رمالها، إلى واحة غناء تنبض بالحياة وتغرد فيها العصافير. وقد حاولت المصممة أن تكون لها لمسة خاصة ونمط يعكس ثقافة البيئة المحلية بكافة عناصرها، والتي ترجمتها لتكون عنوان الحدائق للعديد من المنازل. خولة علي (دبي) - توضح منسقة الحدائق مريم سيف في بداية حديثها قائلة، إن الرغبة في إيجاد متنفس حي، دفع بالكثيرين للاهتمام بالغطاء النباتي، وتحويل المنازل إلى واحة غناء ترسو على أعتابها كل معاني الراحة وتمنحها قدرا من الخصوصية التي يبحث عنها المرء ما أن تطأ قدماه عتبة المنزل، رغبته منه في تفريغ الشحنة السلبية التي يتجرعها نتيجة ما يعج به المحيط الخارجي من تلوث بيئي، وضغوط لا تنتهي، فهي فرصة للهروب إلى أجواء تحمل طاقات إيجابية، عدا عن جمالية الفناء المحيط بالمنزل والذي يجسد أيضا مدى ما يتمتع به أصحاب المنزل من ذوق واهتمام بهذا الغطاء النباتي الذي أصبح يشكل مؤشرا قويا على مدى تطور وتحضر الشعوب، الذين بلا شك أدركوا تماما مدى أهمية إيجاد الرقعة الزراعية في أجواء المنزل، وبث تلك الروح فيه، حتى لو كانت الحديقة بسيطة في شكلها ومكوناتها، فهي بلا شك تمنح المنزل أناقة وجاذبية لافتة. مساحة الحديقة وتتابع مريم قائلة: سرعان ما تعتري النفس أحاسيس بالراحة والهدوء والرغبة في الاسترخاء ما أن يلمح المرء الطبيعة بردائها الأخضر الذي يرمز للراحة والانغماس في الاسترخاء. وعملية تصميم الحديقة المنزلية تتطلب قدرا من فهم ومعرفة ما يرغب فيه أصحاب المنزل، وتحديد وظيفة هذه الحديقة، ومكوناتها التي ترسمها المساحة المتوافرة. فلا نستطيع أن نضع كافة مكونات الحديقة في مساحة ضيقة، فالأمر بلا شك سيؤثر سلبا على مرتادي الحديقة الذين سينزعجون لحظة الجلوس فيها، وأيضا لا يمكن أن تكون الحديقة بسيطة جداً في حين أن المساحة الشاسعة يمكن أن تكون ملمة بكافة الأفكار والمشاهد الطبيعية التي قد تتشكل بها حديقة المنزل. فدراسة المساحة أمر مهم قبل الشروع في وضع الأفكار والتصميم، وبعد وضوح المساحة، نبدأ في توزيع مكونات الحديقة ووظيفة كل حيز من المكان أو أي عنصر فيه، فكل جزء منه لابد أن يتمتع بتقسيم معين، فهناك كما هو معروف الحديقة الأمامية وهي واجهة المنزل فلا يمكن أن يستهان بها، وفي نفس الوقت لابد أن تتماشى مع نوع وطراز المنزل، إذ لا يمكن أن نختار تصميما قد يطغى على طراز المنزل، أو يتنافر مع ألوانه وتصاميمه، وإنما لابد أن يسهم هذا التصميم في إبراز جمالية المنزل وتدعيمه، فوجود الأشجار الكثيفة والعالية والظليلة من الممكن أن يحجب المنزل، ويشوه منظره أمام الزائرين فيتحول المكان إلى بيئة موحشة ومنفرة للآخرين، لذا فإن عملية وضع التصميم الصحيح وتوزيع مكونات الحديقة بشكل علمي ومدروس، تمنح صورة مغايرة للمكان، فتكون اللوحة على قدر من الإبداع والجاذبية لتهفو إليها النفوس. لوحات طبيعية وتشير مريم مصبح موضحة: شرعت بتصميم الكثير من حدائق المنازل، وأحيانا أباشر وضع لمساتي على التصميم دون معاونة من أحد، فأشعر برغبة قوية في أن أضع التصور واللوحة الطبيعية المرسومة في ذهني حول ملامح هذه الحديقة التي تعانق طراز المنزل وهندسته المعمارية، فهذا الأمر في الحقيقة يجعلني أكثر رضا وثقة بنفسي. وحول نوعية ونمط الحدائق التي تصممها وتنفذها، توضح أنها ساهمت في تنفيذ العديد من أنماط الحدائق منها الحديقة الطبيعية، والهندسية والمختلطة، والحديقة التي تنضح بالثقافة والتراث المحلي في مكوناتها، وهذا يتوقف، كما أشارت، إلى طبيعة وهندسة المنزل، وأيضا رغبة أصحاب الحديقة الذين بلا شك هم من سينتفعون بهذه الحديقة أكثر من غيرهم، فلابد أن تلائم رغباتهم وميولهم. وتضيف مريم مصبح: ربما ما يميز تصاميمي وما أميل له بشكل أكبر تصميم الحدائق التي تتسم بالبيئة المحلية، من خلال توزيع الأشجار ونباتات البيئة المحلية كأشجار النخيل التي تقف في صفوف متتالية، فتعيد للأذهان مزارع النخيل العالية والتي تتدلى منها الشماريخ وهي محملة بلآلئ الرطب، ويمكن زراعتها في خطوط موازية للجدار، كما قمت بتوزيع عدد من جرار الفخار بالإضافة إلى عدد من الحجارة الملونة التي ساهمت في إبراز المكان بشكل أنيق ومنظم. عناصر البيئة المحلية وتؤكد مريم: أحاول أن أدمج بين الحديث من خلال انتقاء بعض الكراسي للجلسات لتحقيق قدر من الراحة عند الجلوس عليها، وبين المفاهيم والصور التراثية التي تعكس واقع المكان، من خلال استخدامها كمكونات للحديقة وعناصرها الأساسية، ومنها محطة الجلوس والتي يمكن أن تكون على شكل جلسات الخيم مرفقاً بها ركن للشوي، حيث عمدت إلى أن يكون على شكل الشوايات التقليدية وهو «التنور» الأرضي، وعلى مقربة من المكان قد توجد «الطوي»، أي البئر والذي قمت بصناعته من مواد معاد تدويرها، فالمرء لابد أن يبدع ويحاول أن يستغل كل خامة بطريقة توفر الحماية للبيئة وتوفر المال أيضا، فعملية صناعة وتصميم هذا العنصر لم تأخذ سوى دقائق بسيطة فهو مكون من وعاء دهان فارغ، وعدد من الأخشاب التي لم أعد بحاجة إليها، وبعض الحجارة والأسمنت، والذي قمت بوضعه حول جدار الوعاء مع تغطيته بالحجارة ووضع الخشب على فوهة الوعاء ثم قمت بربط الحبل الذي يتدلى في فوهة الوعاء أي البئر، لتشكل هذه القطعة إحدى عناصر البيئة المحلية. كما وزعت عددا من الإنارات على شكل «فنر» في تفاصيل الحديقة، وإنارة الممرات جاءت على شكل فخار تم وضع إضاءة داخله، لا تتأثر بالأجواء الخارجية كالرطوبة والأمطار، ولخلق نوع من الجاذبية في الممرات صممتها بطريقة بسيطة ولكن بأفكار مميزة، حيث تم رصفها بالأسمنت وتوزيع قطع الكريستال الملون عليها، حتى يتوهج الممر ليلاً فتتألق الحديقة وتزداد بهاء. وتقول مريم: نظرا لكوني أفضل النباتات والأشجار التي يستفاد من ثمارها، أحاول بقدر الإمكان أن أشجع على زراعة الأشجار التي تعيش في البيئة المحلية، ومنها النخيل والليمون والمانجا، وتفضل زراعتها عند حدود السور، إضافة إلى زراعة أشجار الزينة والتي يجب أن تكون قريبة من مداخل المنزل، كالياسمين والزهور الموسمية التي تعمل على كسر وتيرة اللون الأخضر. توزيع الأشجار بالحديقة تشير منسقة الحدائق مريم مصبح قائلة: توزع الأشجار الكبيرة في الزوايا وفي خطوط موازية للجدار، ويتم ترك وسط الحديقة خالياً لوضع مكونات الحديقة كالجلسات ونحوها. وأجد أن الكثير من أصحاب المنازل يشكون من عدم توافر مساحة كافة في فناء منازلهم لاستيعاب مكونات الحديقة، نظرا للزراعة العشوائية للشجيرات التي تتوزع في كل أنحاء الحديقة، خاصة في المنتصف، حيث نجدها بشكل كثيف وهنا يكمن الخطأ، فلابد من ترك وسط ومنتصف الحديقة فارغا تماما والبدء في زراعة الأشجار عند حدود السور، حتى يمكن استغلال المكان في وضع جلسة أو محطة للعب الأطفال ونحوه من مفردات الحديقة، فالتنظيم أمر مهم قبل البدء في توزيع محتويات الحديقة. وكل منزل يمكن أن تصمم له حديقة سواء كانت مساحة الأفنية كبيرة أو صغيرة، فالمساحات الضيقة يمكن أن يتم اختيار القطع الصغيرة لها كمفردات للحديقة، مثل الجلسة والنوافير والأحواض وغيرها، وتوضع في زاوية واحدة من المكان، في حين تكون المساحات الواسعة أكثر استيعاباً للقطع الكبيرة من مفردات الحديقة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©