الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انفتاح أوباما... إضعاف لشافيز

انفتاح أوباما... إضعاف لشافيز
21 أغسطس 2009 23:31
«الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز، كذاب ومثير للمشاكل». إذا كان أعضاء الكونجرس وكتاب الأعمدة يمكنهم قول ذلك، فإن الرئيس أوباما فعل حسناً حين لم يقله، رغم انتقادات المنتقدين الذين يريدون من الإدارة الأميركية موقفاً أكثر صرامة وقوة من الرئيس الفنزويلي. والشاهد على نجاح أسلوب أوباما الدبلوماسي هو أن شافيز وأحلامه الاشتراكية في المنطقة، تُمنى بالانتكاسة تلو الأخرى في أميركا اللاتينية منذ تنصيب أوباما وتعيينه لهيلاري كلينتون وزيرة للخارجية. فخلال الأسبوع الماضي فقط، انشق اثنان من حلفاء شافيز عنه؛ حيث كانت الإكوادور وفنزويلا قد تحالفتا من قبل ضد كولومبيا المجاورة بشأن حرب هذه الأخيرة ضد قوات «فارك» المتمردة، لكن الرئيس الإكوادوري «روفائيل كوريا» تلقى للتو غصن زيتون أهداه له الرئيس الكولومبي «ألفارو يوريبي». بل إن نائب الرئيس الإكوادوري ذهب إلى حد القول إن بلده لن يسمح لشافيز بالزج به في حرب مع كولومبيا. كما رفض وزير الدفاع الإكوادوري محاولة فنزويلية جديدة لتصنيف قوات «فارك» كمنظمة شرعية، حيث قال صراحة إن الإكوادور «لن تتسامح» مع «فارك». ثم إنه إذا كان من الواضح أن فنزويلا تأوي قوات «فارك» وتمدها بالسلاح -رغم إنكار شافيز المتكرر- فإن المسؤولين الأميركيين والكولومبيين يقولون إن الإكوادور تقوم حالياً بمحاربة هذه المليشيا على مناطقها الحدودية. وعلاوة على ذلك، فقد أرغم البرلمان في باراجواي الرئيس اليساري فيرناندو لوجو على سحب مشروع قانون كان سيسمح لفنزويلا بالانضمام إلى معاهدة «ميركسور» التجارية التي تضم أيضاً البرازيل والأرجنتين والأوروجواي. ويذكر هنا أن البرازيل كانت قد رفضت عضوية فنزويلا العام الماضي. أما في هندوراس، فقد أخذت الحملة التي تزعمها شافيز لإعادة صديقه مانويل سيلايا إلى الرئاسة، تفقد زخمها بعد أن انتهى الأمر بمعظم بلدان المنطقة إلى الاعتراف، على مضض، بحقيقة أن سيلايا يتحمل، جزئياً على الأقل، مسؤولية الأزمة الدستورية التي وقعت فيها البلاد. ثم إن تنحيته عن السلطة لم تكن انقلاباً بالمعنى المعروف، حيث عمد الجيش إلى ترحيله إلى الخارج بعد أن أمرت المحكمة العليا باعتقاله لخرقه الدستور. ومعلوم أن سيلايا كان يحاول اتباع النموذج الديماغوجي لشافيز والمتمثل في استعمال الاستفتاءات لإضعاف المؤسسات الديمقراطية في البلاد وإفراغها من محتواها. وفي الأرجنتين، خسر حليفا شافيز، الرئيسة كريستينا فيرنانديز دي كرشنر وزوجها، انتخابات الكونجرس مؤخراً، وباتا اليوم ضعيفين سياسياً، الأمر الذي يقلص تأثير شافيز إلى بلدين صغيرين هما بوليفيا ونيكاراجوا. ومما زاد من عرقلة مشاريعه حقيقة أن متاعب فنزويلا الاقتصادية والاحتياطات النفطية التي تدار على نحو سيء، أثرت كثيراً على سخائه وعطائه؛ إذ لم يرصد هذا العام سوى 6 مليارات دولار للمساعدات الخارجية، مقارنة مع 79 مليار دولار العام الماضي. بيد أن الاختبار الرئيسي لتأثير شافيز ونفوذه هو الذي سيأتي حين تعقد قمة «أوناسور» الطارئة الأسبوع المقبل في بوينس آيريس، والتي دُعي إليها قصد بحث موضوع تمديد استعمال القواعد الكولومبية من قبل القوات الأميركية، والذي تمت الموافقة عليه مبدئياً هذا الأسبوع. شافيز يندد بالاتفاق ويصفه بأنه تهديد له وللمنطقة، معللا موقفه بتدخلات أميركية سابقة في المنطقة. والحال أن التفاصيل النهائية مازالت موضوع تفاوض، كما أن أوباما وكلينتون ويوريبي يؤكدون جميعهم على أن الاتفاق الذي يدوم 10 سنوات ليس سوى تمديد وتوسيع للمساعدات العسكرية التي تقدمها أميركا لكولومبيا حاليا، ومن ذلك تدريب القوات الكولومبية وجمع المعلومات الاستخباراتية لمحاربة المخدرات والمليشيا المتمردة، في إطار «مخطط كولومبيا»، ويشددون على أنه لن تكون ثمة أسلحة أميركية هجومية مثل مقاتلات «إف 16» أو وحدات محاربة ترابط في كولومبيا، ولا تغيير في السقف المحدد للقوات الأميركية (1400 جندي). غير أنه بعملهم على نحو أخرق وفي سرية، سمح المفاوضون بتسريبات صورت المشروع على أنه مخطط أميركي، وليس كفكرة كولومبية، مثلما هو في الحقيقة. وفي هذه الأثناء، تكسب الإدارة الأميركية دعم البرازيليين ولاعبين أساسيين آخرين، وإن لم يكن من المعروف حتى الآن حجم هذا الدعم. بيد أن تراجع نفوذ شافيز والقبول الإقليمي الممكن للاتفاق الكولومبي، يعودان في المقام الأول إلى قدرة إدارة أوباما على مد يد مفتوحة وأذن صاغية للجميع، بمن فيهم شافيز نفسه، وإحباطها لمحاولات استغلال المخاوف اللاتينية من تدخل أميركي غير موجود. والحق أنها نجحت في كسب قدر من التأثير باتساقها مع بقية بلدان أميركا اللاتينية في التنديد بخلع سيلايا من السلطة، وفي الانفتاح على كوبا، مع الحرص في الوقت نفسه على البقاء وفية للقيم الديمقراطية الأميركية. إن المنتقدين الذين يطالبون بسياسات متصلبة قد تؤدي إلى قطيعة مع فنزويلا يجب أن يتأملوا فشل مثل هذه السياسات في التأثير على الأحداث في كوبا وإيران وكوريا الشمالية وعراق ما قبل الحرب. صحيح أن شافيز يشكل مصدر إزعاج للولايات المتحدة، ولكنه قطعا لا يمثل تهديدا لها، وتجب معاملته مع أخذ أميركا اللاتينية في عين الاعتبار. والحق أن أوباما وكلينتون يبليان بلاءً حسنا حتى الآن.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©