الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصائب النفايات

18 مارس 2012
هل استوقفك يوما تل من النفايات مكدسة أمام بيتك أو حارتك؟، وماذا كانت ردة فعلك عندما تشاهد لعبة ما اشتريتها بالأمس لطفلك، بعد أن كلفتك ثمناً لا يستهان به مرمية بحاوية النفايات لأنها أصبحت تالفة؟، وكم تنفق شهريا على أغراض منزلية، تكتشف أنها ليست بالكفاءة المطلوبة، وما هو معدل مصروفك المتكرر شهريا على نفس السلع، وهل خطر ببالك أن مافيا الجيوب وتلوث البيئة، لها نفس الأثر السيء على حياتك؟. ذات يوم طلب أحد الأصدقاء، وهو تاجر عربي، أن أقوم بمتابعة شحنة تجارية له، قادمة من إحدى دول شرق آسيا إلى بلادنا العربية، وحينها أمضيت عدة أيام علمتني أن التجار العرب لم يفقهوا أو يعيروا أي اهتمام لخطورة غش الآخرين، وأن من يتاجر، كي يكسب عليه أن يكون نزيهاً حتى يبقى ناجحا، وإما يتقاعد عن العمل والتجارة، وفي الصين وأغلب دول شرق آسيا المصنعة، هناك تصنيفات لنخب البضاعة التي يتم إنتاجها. وما يحصل أن التاجر العربي وللأسف أثناء اتفاقه مع إدارة المصنع، فإن طلبه لا يتعدى النوعية الرديئة من البضاعة، والتي لا تحتوي على أي تصنيف من الجودة، وغالبيتها تسمى «ستوك» من الصنف الرابع، وهو النوع الذي تم رفضه من قبل التجار الأميركان والأوربيين، بسبب رداءة نوعية البضاعة ليسيل لها لعاب التاجر العربي، ومن ثم يقرر شحنها إلى بلادنا بتسعيرة المستورد الغربي والأميركي، إلا أن عمر البضاعة وإن طال لا يتعدى بضعة أيام، وعندما تريد مجادلة صاحب المتجر، يقول لك إنها بضاعة صينية، ومن الطبيعي لا تدوم أكثر من أيام وأحيانا ساعات. هل عرفت الآن أن ولدك يرتدي ملابس من أردأ النوعيات وبنفس أسعار الدرجة الأولى التي يرتديها ذات الطفل الأوروبي أو الأميركي؟، والأدهى من ذلك لو فكرنا بمعادلة حسابية بسيطة، تفترض أنك اشتريت لعبة لأحد أبنائك بمبلغ 10 دولارات أميركية، فأعتقد أن العمر الافتراضي لتلك اللعبة لا يتجاوز أسبوعاً واحداً، وبهذا فإنك مطالب بشراء لعبة أخرى ورمي الأولى في سلة النفايات. بينما على النقيض من ذلك يحدث في أميركا وأوروبا، حيث إن جودة نفس اللعبة تكون بنفس السعر لدى الطفل العربي، إلا أن عمرها قد يدوم لأشهر وبالمقابل لا يتطلب رميها في النفايات، والمثال أعلاه ينطبق أيضا على الملابس بأنواعها والأجهزة الكهربائية المنزلية والأثاث، وحتى الأدوات الصناعية، لذلك فإن حجم النفايات في أبوظبي لعام 2010 كان 13 ألف طن في مدينة تعد الأنظف بيئياً، أما في دبي فقد بلغت عام 2011 معدل كمية النفايات ثمانية آلاف طن يومياً، ولا أريد التطرق لمدن عربية تعد حاليا أشبه بمواقع طمر النفايات. وتعتبر اليوم النفايات الإلكترونية من أخطر الأنواع ذات الأثر المدمر للبيئة وصحة الإنسان، بما تحويه من مكونات مثل الرصاص والزرنيخ والكثير من المعادن الضارة للحياة البيئية والمعيشية، ولا أريد الحديث عن المقارنة بين الأسواق العربية والأوربية أو الأميركية، ولكن الغاية هنا هي الاهتمام بحجم النفايات التي تنتج في الدول العربية نتيجة كمية البضائع التالفة، وبالتأكيد تلف البضائع يعني استيراد بضائع جديدة، وأعتقد أن ذلك لا يلبي سوى طموح التاجر الذي تزيد أرباحه الشخصية على حساب دولة بأكملها. لذا أوجه انتباه الجهات الرقابية بأنها مسؤولة تماما بمتابعة جودة البضائع المستوردة، وتحديد صلاحيتها وجودتها بل مطالبة بمقارنة نوعية السلع المصدرة من المنشأ.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©