الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«النووي» الأميركي... درس من كارثة اليابان

«النووي» الأميركي... درس من كارثة اليابان
21 مارس 2011 22:10
دفع شبح الكارثة النووية في اليابان، ممثلي الصناعة النووية في الولايات المتحدة، لتقديم تطمينات للجمهور الأميركي، بأن وقوع كارثة شبيهة في أميركا ليس بالأمر المتوقع لأن المنشآت النووية فيها أدق تصميماً، وأفضل تجهيزاً، وأكثر أماناً، كما أن نظام الإشراف الحكومي على مثل تلك المنشآت فيها أكثر صرامة، وبالتالي فإن احتمال تعرضها لزلزال بنفس قوة زلزال اليابان ليس مرجحاً لحد كبير. إذا كنت تؤمن بذلك، فلدي قصة من خليج المكسيك عن صمامات أمان كان موثوقا بأنها لا يمكن أن تتعرض للانفجار، أريد أن أوضحها لك. منذ خمسة وعشرين عاما، وبالنيابة عن مجموعة من سكان منطقة "سان لويس أوبيسبو"، كانت تطلق على نفسها مسمى" أمهات السلام"، ناشدت بصفتي تلك، المفوضية النووية التنظيمية الأميركية، وبعد ذلك المحاكم الفيدرالية، تعطيل رخصة التشغيل الخاصة بمنشأة "ديابلو كانيون" النووية" التي كانت لا تبعد سوى ميلين عن خط انكسار "هوسجري" الزلزالي الذي يمكن أن يتسبب في هزة أرضية قوتها 7.5على مقياس رختر. كان سبب دعوتنا تلك هو أن تلك المنشأة لم تكن تملك خططاً كافية للطوارئ، كما أنها رفضت النظر في احتمال أن يؤدي وقوع زلزال إلى سلسلة من الحوادث المتعاقبة، التي يمكن أن ينتج عنها تسرب للإشعاع تماماً مثلما حدث في اليابان مؤخراً. رفضت المفوضية النووية التنظيمية الأميركية في ذلك الوقت الاستماع إلى هواجسنا، بل إنها حذرت العاملين لديها، والجمهور من مجرد النظر في احتمالات تجسدها في الواقع، بحجة أن المنشأة المذكورة كانت مصممة بطريقة تمكنها من "الصمود أمام أقوى الزلازل" وبالتالي فإن تعرضها لذلك لن يقود بالضرورة إلى حدوث تسرب إشعاعي. وعندما رفعنا الأمر إلى المحاكم الفيدرالية المختصة، فإن إحدى تلك المحاكم حكمت بأن"احتمال حدوث تسرب من تلك المنشأة يكاد يصل إلى الصفر" وأن المفوضية النووية كانت بالتالي محقة في وجهة نظرها. ولكن القاضية "باتريشيا والد"، وكبير القضاة "روث بادر جينسبيرج" وغيرهما، اعترضوا على هذا الحكم بشدة، ووصفوا قرار المفوضية التنظيمية النووية الأميركية بأنه" غير قابل للتفسير من الناحية القانونية والمنطقية ومن ناحية الحس العام". ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث قامت "والد" بتوجيه انتقادات حادة للأغلبية التي وافقت على قرار المفوضية، وعلى حكم المحكمة الفيدرالية بأن احتمال حدوث زلزال في منطقة ما ليس بالشيء الذي يدعو إلى إجراء تخطيط للطوارئ. وقالت"والد" في ذلك الوقت أيضا إنه لو" تبين فيما بعد أن الأغلبية كانت على خطأ في أمر كهذا" فإن التاريخ لن يكون لديه وقت لإجراء إعادة للمحاكمة". هذا الهاجس يسيطر علينا اليوم، ونحن نشاهد تفاصيل الكارثة النووية في اليابان وهي تتكشف أمامنا تدريجياً. ولو كانت الجهات اليابانية التنظيمية العاملة في المجال النووي، قد سُئلت قبل وقوع الزلزال بيوم واحد عن احتمال تعرض مفاعل "فوكوشيما دايتشي" لخطر من أي نوع، لكان من المؤكد أن إجابتها ستكون بالنفي القاطع. ولكن ما حدث بعد الزلزال القوي الذي ضرب اليابان بقوة 8.9 على مقياس ريختر، هو انصهار ثلاث وحدات من المفاعل المذكور وتعرض وحدة رابعة تحتوي على قضبان وقود منضب لتوقف المبردات عن العمل، ولحريق يخشى العلماء، أن يؤدي لحدوث تلوث نووي خارج الموقع. ليس من الواضح حتى الآن ما إذا كنا نشاهد سلسلة من الأحداث، تشبه حادث جزيرة "ثري مايل" في مقاطعة دوفين، بنسلفانيا عام 1979 الذي حدث فيه انصهار جزئي في إحدى وحدات مفاعل مقام في تلك الجزيرة، أم أننا نشاهد سلسلة من التطورات تشبه ما حدث إبان كارثة تشيرنوبيل في أوكرانيا بالاتحاد السوفييتي السابق عام 1986 بيد أننا نستطيع القول مع ذلك إننا نتجاهل - على نحو خطر - ما يحدث في اليابان، وما يمكن أن يترتب عليه من تداعيات على منشآتنا النووية. فهذه الكارثة -في اليابان- تتطلب منا أن نقوم بمراجعة، أو تحديث، منظمات الأمان النووي الحيوية في مفاعلاتنا، وكذلك خطط الاستجابة لحالات الطوارئ خصوصا في المنشآت النووية المقامة على امتداد سواحلنا. إذا كان من الصحيح أن الحوادث الخطيرة في المفاعلات النووية قليلة، وأن المدة التي تفصل بين الوحدة والأخرى كبيرة.. فإنه من الصحيح أيضاً، أن عواقب تلك الحوادث عادة ما تكون كارثية. لذلك فإنه ـ حتى بالنسبة للمدافعين عن الصناعة النووية في الولايات المتحدةـ سيكون من الغباء التغافل عن المخاطر التي يمكن تجنبها، إذا ما اتخذت الخطوات اللازمة، وأعدت السياسات المناسبة (مثل وضع مفاعل نووي في منطقة نشاط زلزالي مثلما كان الحال في مفاعل "ديبالو كانيون" المشار إليه في بداية هذا المقال. والمؤكد في هذا السياق أن الفشل في نظام الأمان في المفاعل النووي الياباني المذكور، الذي كان يظن من قبل العلماء اليابانيين أنه مؤمن ضد الأعطال، يلقى فعلا بظلال من الشك على الدور الذي يمكن للطاقة النووية أن تلعبه في تنظيف التلوث الناتج عن أنواع الوقود الإحفوري والذي يؤدي لأخطار كبيرة على البيئة، في هذه الفترة التي ننتقل فيها إلى عصر الطاقة النظيفة. ليس هناك مجال للجدل في هذا السياق حول أن الصناعة النووية، والمفوضية التنظيمية النووية الأميركية لم يقوما بما فيه الكفاية على مدى السنين، للحصول على ثقة الجمهور الأميركي، الذي كان يجب أن يعرف من خلال جهود الصناعة والمفوضية، أن الطاقة النووية ليست رخيصة، وليست نظيفة تماماً، وليست مؤمنة تماما ضد الحوادث. الآن وفي الوقت الذي تجاهد فيه اليابان من أجل احتواء الآثار الناتجة عن تعطل أربع وحدات في مفاعلها المذكور، وخروجها عن السيطرة، فإننا جميعاً، وبصرف النظر عن آراءنا عن الطاقة النووية، مطالبون بالتركيز ليس على التطمينات القائلة بأن هذا الأمر ليس متوقعاً حدوثه في الولايات المتحدة، وأنما بالتركيز على اتخاذ الإجراءات الفعلية الموثوقة التي تضمن فعلاً أنه لن يحدث ـ بأي حال من الأحوال. جويل آر. رينولدز مدير برنامج ساوثرن كاليفورنيا التابع للمجلس الدفاعي للموارد الطبيعية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي.تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©