الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خديجة بنت خويلد

21 أغسطس 2009 23:05
نموذج فريد للمرأة المسلمة العابدة الزاهدة التي قلما يجود الزمان بمثلها، ساندت زوجها بكل ما تملك، وعندما سمعت أن الناس يتحدثون عنها على أنها الثرية التي تزوجت من فقير سرعان ما وهبت مالها لزوجها مفضلة أن يقال عليها إنها أصبحت فقيرة وزوجها أصبح ثريا؛ إنها أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصي، أول من آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم. ولدت السيدة خديجة بمكة وكان أبوها من أشراف مكة وأثريائها وكان حليفاً لبني عبدالدار بن قصي، تزوجها أبوهالة النباش من زرارة وأنجبت له ابناً يدعي هالة، وبنتاً تدعي هنداً، ولما مات عنها أبوهالة تزوجت من عتيق بن عابد بن مخزوم، وأنجبت له بنتاً، ومات عنها. يذكر أبو الفضل العسقلاني في «الإصابة في تمييز الصحابة» ما يدل على رجاحة عقل السيدة خديجة وأنها ليست كسائر النساء فيقول: عن ابن عباس أن نساء أهل مكة اجتمعن في عيد لهن في الجاهلية فتمثل لهن رجل، فلما قرب نادى بأعلى صوته: يا نساء مكة إنه سيكون في بلدكن نبي يقال له أحمد فمن استطاعت منكن أن تكون زوجا له فلتفعل فحصبنه ـ أي أبعدنه ـ إلا خديجة فإنها عضت على قوله ولم تعرض له. قال عنها ابن إسحاق كما في «السيرة النبوية لابن كثير» كانت خديجة بنت خويلد تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال على مالها مضاربة. فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه، بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج لها في مال تاجرا إلى الشام وتعطيه أفضل ما تعطي غيره من التجار، مع غلام لها يقال له ميسرة، فقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وخرج في مالها ذاك، وخرج معه غلامها ميسرة حتى نزل الشام، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب من الرهبان، فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال: من هذا الرجل الذي نزل تحت الشجرة ؟ فقال ميسرة: هذا رجل من قريش من أهل الحرم. فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي. قام محمد بمهمته التي خرج لها وهي التجارة، واشترى ما أراد أن يشتري، ثم أقبل قافلا إلى مكة ومعه ميسرة، فإذا كانت الهاجرة واشتد الحر، كان ميسرة يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو يسير على بعيره. فلما قدم مكة حدث السيدة خديجة عن قول الراهب، وعما كان يرى من إظلال الملائكة إياه، وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة، مع ما أراد الله بها من كرامتها. فلما أخبرها ميسرة ما أخبرها ـ تذكرت ما كان من حديث الرجل في شأن الرسول الذي سوف يرسل في بلدهن ـ بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له فيما يزعمون، يا ابن عم إني قد رغبت فيك لقرابتك ووسطتك في قومك، وأمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك، ثم عرضت نفسها عليه ـ وكانت أوسط نساء قريش نسبا وأعظمهن شرفا وأكثرهن مالا ـ فلما قالت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك لاعمامه، فخرج معه عمه حمزة حتى دخل على خويلد بن أسد فخطبها إليه، فتزوجها عليه الصلاة والسلام، وأصدقها عشرين بكرة، وظلت مع النبي نعم الزوجة والأم. وكانت رضي الله عنها أول امرأة تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت. وتزوجها النبي وهو ابن خمس وعشرين سنة، وكان عمرها رضي الله عنها آنذاك جاوز الأربعين. ويشير الزركلي في الأعلام إلى قصة إسلامها فيقول «ولما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاها إلى الاسلام، فكانت أول من أسلم من الرجال والنساء، ومكثا يصليان سرا إلى أن ظهرت الدعوة. ومنذ اليوم الأول للدعوة جندت رضي الله عنها نفسها لمؤازرة النبي صلى الله عليه وسلم، يقول سيد قطب في تفسيره «في ظلال القرآن» وهو يتحدث عما حدث للنبي بعد نزول الوحي عليه أول مرة وعودته إلى بيته وكيف استقبلته السيدة خديجة بالبشارة من أن الله لن يخزيه أبدا «فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجف بوادره، حتى دخل على خديجة، فقال «زملوني زملوني» فزملته حتى ذهب عنه الروع، فقال: يا خديجة مالي؟ وأخبرها الخبر، وقال «قد خشيت على نفسي» فقالت له: كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا: إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. كان رسول الله شديد الحب لها حتى أن أم المؤمنين السيدة عائشة كانت تغار منها فقد أورد الإمام مسلم في صحيحه عن مسروق عن عائشة قالت: كان رسول الله لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة، فيحسن الثناء عليها فذكرها يوماً من الأيام فأدركتني الغيرة، فقلت: هل كانت إلا عجوزاً، فقد أبدلك الله خيراً منها، فغضب حتي اهتز مقدم شعره من الغضب ثم قال: «لا والله ما أبدلني الله خيراً منها، آمنت إذ كفر الناس وصدقتني وكذبني الناس وواستني في مالها إذ حرمني الناس ورزقني الله منها أولاداً إذ حرمني أولاد النساء» . قالت عائشة: فقلت في نفسي لا أذكرها بسيئة أبداً. لقد ظلت السيدة خديجة على عهدها مع النبي تحمل عنه وتدافع بكل ما تملك من مال وجاه حتى وافتها المنية وقد بشرها رسول الله بأنها من خير نساء الدنيا، فقد أخرج البخاري ومسلم عن علي بن أبي طالب قال: سمعت رسول الله يقول: «خير نسائها خديجة بنت خويلد وخير نسائها مريم بنت عمران «وكذلك أخرج البخاري ومسلم: عن أبي هريرة - رضي الله تعالي عنه - قال : قال رسول الله:» أتاني جبريل فقال: يا رسول الله هذه خديجة ومعها إناء فيه طعام - أو إدام - وشراب وإذا هي أتتك فاقرأ عليها من ربها السلام ومنّي».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©