الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«المروشدية» تقضي 50 عاماً من عمرها في رحاب الطب الشعبي

«المروشدية» تقضي 50 عاماً من عمرها في رحاب الطب الشعبي
27 مارس 2014 20:34
أعرب خادم محمد الرميثي عن بالغ سعادته بفوز والدته الراحلة موزة بنت مروشد السبوسي بجائزة أبوظبي التي تنظم تحت رعاية الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وشهدها سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني تكريماً للشخصيات المميزة التي قدمت أعمالا جليلة في المجتمع. وكانت موزة المعروفة بـ«المروشدية» عملت على مدار 50 عاماً من عمرها، وقد وري جثمانها الثرى عام 2001، بالعلاج عبر الطب الشعبي لمعرفتها الواسعة باستخدام الأعشاب، وقد قدمت خدماتها الصحية لمئات المرضى مجاناً، حيث تعد موزة من النساء الإماراتيات الرائدات اللواتي عشن وعملن في فترة ما قبل اكتشاف النفط في الدولة، وكانت قد تولت مهمة إعالة أسرتها بعد وفاة زوجها وحازت احترام أفراد المجتمع وبالأخص في المنطقة الشرقية لإمارة أبوظبي وأصبحت قدوة للنساء في جيلها والأجيال التالية. لكبيرة التونسي (أبوظبي) عن أعمال موزة بنت مروشد السبوسي الجليلة، قال خادم الرميثي الذي تسلم الجائزة بالنيابة عن والدته: نظرا لشدتها وقوتها وحكمة رأيها وتفانيها في عملها، كانت لها مكانة كبيرة في المجتمع وحظيت باحترام وحب الجميع، مؤكداً أنها كانت تحتل مكانة الطبيب آنذاك وتقوم بإسداء خدمات علاجية في وقت كان الناس يموتون بسبب أمراض بسيطة، حيث كانت تقوم بتشخيص بعض الأمراض ومعالجتها، كما كانت تقوم بتوسيم الأطفال وتوليد النساء، متفانية في عملها، حيث كانت تلبي الدعوات وتذهب للمريض مهما بعدت المسافة بينها وبينهم على جمل أو مشياً على الأقدام، ومن جهة أخرى أشار إلى أن والدته تكفلت بتربيته إلى جانب إخوانه الستة الذين بقوا أيتاما صغاراً بعد وفاة والده. دروس الحياة وأشار خادم الرميثي عضو المجلس الاستشاري إلى أن والدته التي توفيت الجمعة 16 مارس عام 2001 وسنها تتجاوز 94 سنة، كانت تحتل لديهم مكانة الأب والأم، حيث قامت على تربيتهم وفقاً للقيم والأخلاق والمبادئ، وكانت تعلمهم الاعتماد على النفس وتحمل المسؤولية، إلى جانب حرصها على تعليمهم القرآن وقت إقامتهم في مدينة العين، خاصة أن منطقة سويحان آنذاك كانت لا تتوافر بها كتاتيب، وأكد أنها كانت تقطع المسافات الطوال من أجل جمع الحطب ورعي الإبل والمواشي، وكذا جلب المؤن من مدينة أبوظبي على راحلتها «الجمل». وفاة الوالد وقال خادم الرميثي لـ «الاتحاد»: عندما توفي والدي كان عمري لا يتجاوز 6 سنوات، تركنا نحن ثلاثة أولاد وأربع بنات كانت أصغرنا لا تتجاوز الأيام حين توفي والدي، رحمه الله، وأذكر أن والدتي حينها كانت صبورة قوية، ذهبت إلى أبوظبي لجلب المؤن على جمل وظلت هناك 5 أيام، لكن الجيران والتضامن كان يخفف المصاعب شيئا ما على الناس، كما أن بساطة الحياة أسهمت في تجاوز الكثير من معيقات الحياة. وأضاف: رغم الصعوبات وقلة ذات اليد، فإن والدتي كانت لها القدرة على التوفيق بين مهام الأسرة وبين مساعدة الناس الذين كانوا يعوِّلون عليها ويستنجدون بها، فلا أذكر أنها كانت تتخلف عنهم رغم ظروفها، حيث لجأ إليها الناس في كل وقت بالليل والنهار، وأذكر أنها كانت تجهز راحلتها وتتوجه لبيت المريض الذي كان آنذاك عبارة عن عريش، وتعالجه سواء بالمسح، أو الكي أو بالأعشاب التي كانت تجمعها بنفسها. أمراض مستعصية ومن الأمراض التي كانت تعالجها موزة بنت مروشد السبوسي الصفار والكبد والمغص بأنواعه، وانتفاخ البطن، وغيرها من الأمراض، قال ابنها إنها كانت تتعرف عليها عن طريق المسح باليد على جسد المريض، حيث تعتبر موزة السبوسي واحدة من أبناء هذه الأرض الطيبة التي أعطتها كد العمر وتعب السنين بكل ما تملك من جهد ومعرفة، فاستحقت هذا الاعتراف من خلال جائزة أبوظبي في دورتها السابعة. وبرعت موزة في الطب الشعبي واشتهرت به، حيث مارست الكي «الوسم» عشرات السنين منذ بداية عملها كطبيب شعبي، عالجت خلالها العديد من أبناء منطقة العين وسويحان، وتمكنت بإمكانياتها المحدودة من علاج العديد من الأمراض، إلى جانب توليد النساء ومعالجة الأطفال حديثي الولادة والنساء الحوامل اللواتي يعانين مشاكل تأخر الحمل أو عدم ثباته. وتوفيت موزة بنت مروشد السبوسي وسنها يتجاوز 94 سنة، ولم تشتك من ضغط الدم، أو سكري، ولم يسبق لها أن نامت في مستشفى من أجل العلاج وفق ابنها خادم الرميثي الذي قال إنها توفيت وذاكرتها قوية تتذكر الأمور التي مرت بها كبيرة وصغيرة، ولها القدرة على الحديث والتواصل التي امتدت منذ زمن ما قبل قيام الاتحاد وتواصلت إلى فترة قصيرة قبل وفاتها. جائزة أبوظبي خادم الرميثي أكد أن التكريم الذي حظيت به الوالدة موزة بنت مروشد السبوسي من قبل الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في جائزة أبوظبي، بمثابة تاج على رأسه ورؤوس إخوانه وأولادهم، مثمناً حرص القيادة الحكيمة على تكريمها وتكريم أمثالها من الخيرين الذين قدموا للإمارات خدمات جليلة، واعتبر ذلك اعترافا بما قدمته سنوات عديدة من أجل خدمة الناس. قصص العلاج وقال الرميثي: إن الوالدة كانت تعتمد في علاج المرَضى على الطب الشعبي الذي كان يمارس في إمارات الدولة آنذاك، خاصة العلاج بالكي والأعشاب، وقال إنه يذكر أنها عالجت رجلا في الخمسينات، كان على سرير المرض، ولا ينفذ لجوفه إلا الماء عن طريق ملعقة صغيرة، وكان في سويحان طريح الفراش في بيت من العريش، حيث تقضي الأسرة أيام الشتاء، ولجأت لها عائلته تستنجد بها، فحصته الوالدة وعالجته بالأعشاب وبعد 6 أيام استرجع عافيته، كما أذكر أنها كانت تعالج حديثي الولادة، حيث يدخل الصغير باكيا ليرجع مع والدته بصحة وعافية بعد أن تمسح على جسمه بيديها إلى جانب توسيم البعض منهم، عندما تحدد موضع المرض وتحديداً إذا احتاج إلى ذلك، حيث كانت لها طريقة معينة في كي الأطفال خاصة، إذ كانت تلهيهم وتخفي وراءها قطعة التوسيم «الكي» وهي تشبه المسمار الصغير ولا يشعر بها، كما أن أدواتها من الأعشاب وقطعة التوسيم لم تكن تفارقها. على يد الأمهات والجدات الرميثي أوضح أن والدته كانت بداية قصتها مع الطب الشعبي الأولى على يد الأمهات والجدات والتي تفوقت عليهن باهتمامها بمساعدة الكثيرين من المرضى الذين يمرضون بسبب قلة الموارد وعدم حصولهم على العلاج اللازم، نظرا لعدم وجود مستشفيات، حيث كانت تعالجهم بالكي والمسح والأعشاب مشيراً إلى أن «الميسم» هو أداة الكي، وعبارة عن قطعة من الحديد توضع على النار حتى تصبح حمراء اللون ثم توضع على المكان المصاب في جسم المريض. وقال إنها كانت تعالج بهذه الطريقة كثيراً من الأمراض منها كبد القفا، الفتاق، أبو الصفار وأبو جنيب، وعرق النسا، وورم الطحال، وأوجاع الفقرات والرأس، وبعض أمراض الأطفال، كانتفاخ البطن والغازات وغيرهما من الأمراض التي ترتبط بصغار السن، وفي هذا الصدد ذكر أن سيدة لجأت لوالدته عندما كان أولادها يموتون مباشرة بعد الولادة، وتوفي لها أكثر من ولد وعالجتها والدته وعالجت الصغير ولا يزال على قيد الحياة إلى يومنها هذا. حركة ونوع العيش بالنسبة للعلاج بالأعشاب فإنها كانت تعمل على جمع أعشاب الحلول والحبة الحمراء والسوداء، والزعتر، ووفقاً لابنها خادم الرميثي، فإنها كانت تقوم بتنظيفها وتنقيتها وتحميصها إن احتاجت لذلك، وتخلط بعضها بالعسل، موضحا أن المواد الطبيعية تساعد على الشفاء ولن تضر أبدا، منتقدا المواد التي يستهلكها الصغار والكبار اليوم نتيجة لأن طبيعة الحياة تغيرت، مما أدى إلى ارتفاع نسبة الأمراض بين السكان، بالإضافة إلى الوسائل العصرية السهلة، وانتشار الأكل غير الصحي إلى جانب كثرة تناول الأدوية، مؤكداً أن والدته لم يسبق لها أن عانت من مرض معين، ولم تعان من ضغط الدم أو السكري، وأرجع ذلك إلى كثرة حركتها ونشاطها سعيا وراء الرزق، وتقديم خدماتها العلاجية للناس، حيث كانت تقطع يوميا عدة كيلومترات مشياً. الحلقة الأخيرة علاقات قوية مع أهل العين أوضح خادم محمد الرميثي أن والدته كانت رطبة اللسان، يحبها الكل، تبدأ حديثها بذكر الله وما شاء الله، وتدعو بالصلاح والخير للجميع، مما جعل النساء يجتمعن عندها دائما، ولا يمر عرس دون حضورها، إلى جانب ربطها لعلاقات قوية مع أهل مدينة العين، والذين كانوا يلجؤون إليها أيضا لعلاجهم وعلاج أبنائهم، إلى جانب الاستفادة من خبرتها في الحياة التي كونتها على مدار عدة سنوات، وأنها تتمتع بشهرة واسعة عند البدو وأهل الصحراء، وذاع صيتها في إمارات الدولة التي كانت لا تتوانى في زيارتها وعلاج أهلها. الخطوات الأولى إلى بر الأمان والحياة العملية قبل أن يشتد عود خادم توفي والده، فبدأ خطواته الأولى إلى جانب والدته وإخوانه منهم الراحل مطر الرميثي، وعبد الله الرميثي، والبنات حمدة ومريم وشيخة ونعيمة، ليواجهوا ظروف الحياة التي لم تكن سهلة، حيث استطاعت أن تعلمهم الوالدة وتعتني بهم إلى أن وصلوا إلى بر الأمان، ليشغلوا مناصب مهمة. وقال: عندما توفي والدي كنا نعيش بين مدينة العين وسويحان، في رحلة الصيف والشتاء، القيظ في العين والشتاء في سويحان، وكانت تربطها علاقات طيبة مع جيرانها وجاراتها الذين كانوا يمدون لها يد العون والمساعدة، ورغم ذلك فإن الحمل كان ثقيلا عليها، تحطب وترعى حلالها «الأغنام والجمال» وتهتم بأولادها وتحملنا على الجمال للرحيل من سويحان إلى العين، وأذكر أيامها أن أيام فصل الشتاء كانت ممطرة، حيث كنا نتبع الكلأ أينما وجد، وبالتالي كنا في رحلات دائمة، إلى جانب تنقلها لجلب المؤن من تمر وسكر وطحين من مكان إلى آخر، ولكن عندما اشتد عودي وعود إخواني خف الحمل عليها وأصبحنا نساعدها، وكانت سعادتها كبيرة جدا عندما ذهبنا للحج أول مرة في حياتها، وكان ذلك سنة 1967، حيث ذهبنا من أبوظبي إلى قطر عبر الطائرة ثم أتممنا الرحلة برا في سيارة، وبعد قضاء مناسك الحج ورجوعنا إلى قطر اشتريت أول سيارة جيب ورجعنا من خلالها إلى أبوظبي، وكانت أول سيارة نشتريها، وكانت سعادتها غير محدودة، ثم أخذتها أكثر من مرة للحج فيما بعد. ويؤكد خادم الرميثي الذي عمل لدى المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، عندما كان حاكماً لمدينة العين أن الحياة تغيرت في العين، مؤكدا أن الشيخ زايد رحمه الله أدخل الإصلاحات الممكنة لتحقيق طموحات مواطنيه وتحسين أحوالهم المعيشية، ما جعل الأمور تتغير وينعم الكل في رغد العيش. ذكريات الأحفاد كان للفقيدة موزة بنت مروشد السبوسي مكانة خاصة عند أحفادها الذين يتجاوزون المائة بين الأولاد والأحفاد، نتيجة التعامل الطيب معهم، وفي هذا الإطار قال علي خادم الرميثي إن جدته كان لا يتردد على لسانها إلا الكلام الطيب، وإنه لم يذكر في حياته أن رآها غاضبة، وإنها كانت تحتفظ بالأشياء الجميلة دائما لأحفادها وتزودهم بها حين ذهابهم للمدرسة. وقال: كانت فرحة الصغار تدخل السعادة على قلبها، وكنا نطلق عليها اسم «مرحابة» لأنها كانت ترحب بكل زوارها وتحسن معاملتهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©