الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبد القدير ··· وشبكته المستعصية

عبد القدير ··· وشبكته المستعصية
23 يونيو 2008 02:16
ظل العالم الباكستاني ''عبد القدير خان'' يعيش في حالة من الخزي لأكثر من أربع سنوات معزولا في بيته بالعاصمة ''إسلام أباد'' بعد الاعتراف بتورطه في بيع التكنولوجيا النووية لليبيا وإيران وكوريا الشمالية، لكن رغم ذلك مازالت صورته كبطل قومي ناصعة لم تلطخها شائبة لدى مواطنيه الذين يعتبرونه أب الترسانة النووية لباكستان، ومصدر فخر لبلد كان يعاني من التهميش، ومنذ أن تولى التحالف الجديد مقاليد الحكومة في باكستان والزخم يتكاثف لإطلاق سراح ''خان'' ورفع الإقامة الجبرية المفروضة عليه، تمهيداً لإعادته إلى سابق مجده· وكخطوة أولى في هذا الاتجاه سُمح لـ''عبد القدير'' في شهر أبريل الماضي بكسر طوق الصمت، حيث أجرى لقاءات مع الإعلام الباكستاني والدولي، ولم يتردد في الإدلاء بتصريحات انتقد فيها الرئيس ''برويز مشرف'' واتهمه بالضغط عليه للاعتراف بجرائم لم يرتكبها، محملا إياه مسؤولية تحويل البلاد إلى ''جمهورية موز''، والواقع أن انتقادات العالم الباكستاني تنسجم تماماً مع المساعي الجارية حالياً في الساحة السياسية الداخلية لتشويه سمعة ''مشرف'' والنيل من مكانته، وتُظهر الانتقادات أيضاً براعة ''خان'' في توظيف الصراع السياسي في باكستان لتحقيق مكاسب شخصية، لا سيما وأنه كان دائم الانتقال في تأييده من قيادة إلى أخرى، وفي ظل الخروج المرتقب للرئيس ''برويز مشرف'' من معترك السياسة إثر تضييق الخناق عليه من قبل الحكومة، ينتظر ''خان'' بفارغ الصبر حصوله على حريته وعودته مجدداً إلى حياته العادية· وما كان لهذه التطورات أن تكتسي أية أهمية لو لم تتزامن مع التقرير الذي أصدره ''ديفيد أولبرايت''، المفتش الأممي السابق للأسلحة النووية -الإثنين الماضي- وأشار فيه إلى توزيع ''خان'' وشبكته لنسخ إلكترونية عن نماذج لسلاح نووي مصغر، وهكذا وجد ''خان'' نفسه يتصدر عنوانين الصحف فيما تصاعدت التساؤلات حول الحجم الحقيقي للأضرار التي تسببت فيها السوق العالمية للتكنولوجيا النووية التي أنشأها· وقد سبق للمحققين الدوليين اكتشاف بصمات العالم الباكستاني في العديد من المواقع النووية عبر العالم، لكن بيعه للتكنولوجيا المخصصة لتخصيب اليورانيوم إلى كل من إيران وكوريا الشمالية وليبيا، بالإضافة إلى طرف آخر على الأقل مازال مجهولا، أدى إلى تضييق الخناق عليه وانتهى باعترافه في العام ·2004 والأكثر من ذلك باعت شبكة ''خان'' تصميماً لأحد الرؤوس النووية التي طورتها الصين في العام ،1966 وفي كتابنا الأخير حول ''عبد القدير خان'' أوضحنا كيف وجه تعليماته لأحد شركائه السويسريين لوضع نسخ إلكترونية عن مخططات لرؤوس حربية وتوزيعها على شبكته، تمهيداً لبيعها للأطراف الراغبة في ذلك، واللافت أن هذه المعلومات الجديدة حول شبكة ''خان'' النووية لم تُكتشف إلا في العام 2003 عندما شرعت الاستخبارات البريطانية والأميركية في تعقب أنشطة الشبكة وتجمع المعلومات حول نسخ إليكترونية تروج في الأسواق، لا سيما وأن المحققين الدوليين اعتقدوا في البداية أن تلك التصميمات الحديثة للرؤوس النووية تعود إلى النسخ الصينية القديمة في العام ·1966 ولم تكتشف المعلومات الجديدة إلا لاحقاً عندما عثرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على نسخ مشفرة في العام 2003 لتصميمات معقدة داخل أجهزة كمبيوتر لأشخاص تابعين لشبكة ''خان''، والحقيقة أن ما اكتشفته المنظمة العالمية كان صادماً، حيث وقعت على تصميمات إلكترونية معقدة لرؤوس نووية متطورة يمكن تثبيتها على صواريخ إيرانية أو كورية، وتفيد التقديرات أن النسخ الجديدة هي تصميمات باكستانية مطورة للرأس الصيني في العام ،1966 وتعليقاً على هذه المعلومات الجديدة قال ''ديفيد أولبرايت'' -المفتش الدولي السابق- ''إن المعلومات التي تم العثور عليها تختلف عن تلك التي في حوزتنا، ولا توجد معلومات بتلك الجودة خارج الدول النووية'' ومع أنه لا يوجد لحد الآن ما يدل على وصول تلك التصميمات إلى دول مارقة، أو جماعات إرهابية، إلا أنه من الصعب تحديد الجهة التي حصلت على المعلومات الإلكترونية بالنظر إلى سهوله نقلها من جهاز كمبيوتر إلى آخر· ورغم تأكيد أحد الخبراء الذين اطلعوا على المعلومات بأنها تفتقد لبعض العناصر الأساسية، إلا أنه شدد في الوقت نفسه على أهميتها القصوى بالنسبة لأية دولة تسعى إلى تطوير السلاح النووي، وبالطبع لم يتردد ''عبد القدير'' في نفي المعلومات الجديدة، معتبراً أنها ''كومة من الأكاذيب''، كما أن أنصاره في باكستان لم يفتر تأييدهم حتى بعد انكشاف المعلومات الأخيرة وتورط ''خان'' الواضح في تسويق التكنولوجيا النووية، فقد جدد نواب في البرلمان الباكستاني دعوتهم لإطلاق سراحه، رغم الإرث السلبي الذي خلفه في مجال الانتشار النووي· حتى لو تغلب المنطق السليم في باكستان وظل ''عبد القدير خان'' رهن الإقامة الجبرية، فإنه يتعين التحقيق معه من قبل خبراء دوليين لتحديد المواد التي باعها، والجهات التي اشترتها منه، والحقيقة أنه كان يتعين على الولايات المتحدة المطالبة بذلك منذ وقت بعيد، لكنها امتنعت عن ذلك مخافة تهديد موقع الرئيس ''برويز مشرف''، واليوم بعدما وصلت العلاقات الباكستانية الأميركية إلى أدنى مستوى لها بسبب القصف الأميركي الذي أودى بحياة 11 جنديا باكستانيا، تحولت مسؤولية التحقيق مع ''عبد القدير خان'' إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية· دوجلاس فرانتز، وكاثرين كولينز مؤلفا كتاب ''الجهادي النووي: قصة الرجل الذي باع العالم أخطر الأسرار'' ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©