الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التضخم وسوق العمل الأميركية

8 مايو 2017 22:27
أظهرت تقارير عن سوق الوظائف في أميركا مثل التقرير الذي صدر يوم الجمعة الماضي أن أرباب العمل أضافوا 211 ألف وظيفة في أبريل، وأن معدل البطالة انخفض إلى 4.4% في أدنى مستوى له منذ مايو 2007، وحققت مؤشرات أخرى في سوق العمل مكاسب كبيرة. فقد بلغ معدل البطالة الجزئية 8.6%، وأعتقد أن هذا المعدل يتسق مع التوظيف الكامل، وكانت البطالة طويلة المدى ارتفعت بشدة عبر السنوات المبكرة على الطريق إلى هذا التعافي، ولكنها انخفضت مرة أخرى إلى نحو 1% من قوة العمل، وهذا هو أقل مستوى لها منذ مايو 2008 لتعود ثانية إلى مستواها المنخفض في فترة ما قبل الكساد، وانخفض عدد من يعملون بدوام جزئي بغير اختيارهم -وهي الشريحة التي تعزز معدل البطالة الجزئية إلى جانب شريحة العاطلين عن العمل- إلى ما يقرب من أربعة ملايين مقارنة مع القمة التي بلغتها عند 9.2 مليون في سبتمبر عام 2010، بينما كانت تبلغ 5.3 مليون في شهر أبريل. إذن بلغنا التوظيف الكامل لكل العمال، أليس كذلك؟ وبهذا أعني الحالة المرغوبة بشدة التي يعادل فيها تقريباً عدد الوظائف عدد الباحثين عن العمل، وهذا يعد تقدماً كبيراً على مستويات كثيرة، والتوظيف الكامل استثناء للقاعدة في العقود المديدة الماضية، فبين نهايات أربعينيات ونهايات سبعينيات القرن العشرين حققنا التوظيف الكامل 70% من الوقت، وبعد ذلك لم نحقق التوظيف الكامل إلا خلال أقل من 30% من الوقت، وإذا كنا قد حققنا ذلك فإن هذه أنباء سارة طال انتظارها بالنسبة للعمال، لأن ندرة العمال في السوق تعطيهم قوة تفاوضية يفتقرون إليها في أسواق العمل الأضعف، وليس من باب المصادفة أن الفترة التي يقل فيها احتمال بلوغ كامل التوظيف تصبح فترة ركود حقيقي في الأجور وتصاعداً في عدم المساواة. وتصاعد الأجور يذكي زيادة الأسعار، وهذا يصل بنا إلى بيت القصيد، وهو أن من بين كل المؤشرات التي تفيد بأننا قد بلغنا نسبة التوظيف الكامل هناك مؤشر مهم للغاية يتركني متشككاً بدرجة ما على الأقل في هذا، وهو التضخم! والطريقة الرئيسية التي يستند إليها الاقتصاديون في تقرير أننا قد بلغنا مرحلة التوظيف الكامل هي مراقبة العلاقة بين التضخم والبطالة، وهناك تسلسل مفترض يمضي على النحو التالي، وهو: أولاً تؤدي الندرة في الأيدي العاملة إلى نمو أسرع في الأجور. وهذا يقلص هوامش الأرباح لأصحاب العمل، وبالتالي يؤدي إلى نقل جانب كبير من التكلفة الزائدة في العمالة إلى المستهلكين، مما يزيد نسبة التضخم. وتقرير صباح الجمعة الماضي يشير إلى هبوط بالفعل في البطالة إلى مستويات تتسق مع رؤية الاحتياطي الفيدرالي للتوظيف الكامل، وإلى تسارع طفيف في زيادة الأجور، فقد كانت نسبة الزيادة في الأجور نحو 2%، وأصبحت الآن نحو 2.5%. فماذا عن التضخم؟ وأنا سأستخدم هنا المعيار المحوري لقياس التضخم وهو «الإنفاق الشخصي على الاستهلاك»، وهو المعيار المفضل لديَّ الاحتياطي الفيدرالي. ويتضح من البيانات أن التضخم لم يتعافَ كثيراً، بل ظل أدنى من المعدل الذي يستهدفه الاحتياطي الفيدرالي، والذي يبلغ 2%، وهو ما بقي عليه لسنوات حتى الآن، واليوم إذا ذهب المرء لشراء سلع البقالة أو لتزويد سيارته بالوقود سيلاحظ على الأرجح ارتفاع الأسعار عما كانت عليه قبل بضعة أشهر. صحيح أن النمو السنوي في مؤشر الأسعار إجمالاً ومجموعة من معايير التضخم ترتفع بالتأكيد، ولكن ليس بسرعة كبيرة مما يوحي إما بأننا لم نبلغ بعد التوظيف الكامل، أو على الأقل أن هناك بعضاً من العلاقات في هذه السلسلة التي تحدثنا عنها سلفاً مكسورة. ولكن ما أعتقد أنه يجري هنا هو أن توقعات التضخم خاضعة لسيطرة جيدة للغاية، ما يعني أن الناس يتوقعون أن يبقى الاحتياطي الفيدرالي على التضخم عند النسبة المستهدفة وهي 2%. وقلة الأيدي العاملة تؤدي إلى بعض النمو في الأجور، ولكن ليس بقدر كبير. وتسارع ارتفاع الأجور لا يبدو خطيراً إلى حد مقلق، وحتى في ظل انخفاض البطالة في قوة العمل الأميركية التي هي بلا نقابات، فإن قدرة العمال على التفاوض ما زالت مقيدة. وعلى رغم انخفاض الدولار عن ذروة سعره التي بلغها في الآونة الأخيرة، فإنه ما زال قوياً في الأسواق العالمية، وهذا يؤدي إلى خفض التضخم نتيجة رخص الواردات، والأهم من هذا فيما أعتقد أن نمو الأجور لا يغذي نمو الأسعار أو على الأقل ليس بشكل كبير، وعلى رغم أنني أرحب بسعادة وأحتفي بالتوظيف شبه الكامل في سوق العمل، ولكن من الصعب تقديم حجة مفحمة على أننا قد بلغنا سوق تشغيل كامل في ظل تضخم يتسارع قليلاً ولكنه ما زال أيضاً بطيئاً. *خبير اقتصادي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©