الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

منهج إسلامي متكامل لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة

منهج إسلامي متكامل لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة
20 أغسطس 2009 21:00
تتضمن الشريعة الإسلامية منهجاً إسلامياً متكاملاً لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، ينطلق مما تتميز به من قيم الرحمة والتكافل والرأفة والتيسير ورفع الحرج وقد حرصت الشريعة علـى تأكيد هذه القيم مع ذوي الاحتياجات الخاصة حيث قررت لهم الكثير من الأحكام الفقهية تخفيفا لهم ومراعاة لظروفهم وحثت على التعامل معهم بحب وحنان وإدماجهم في المجتمع. يقول الدكتور أحمد كريمة -استاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر- إن الإسلام ينظر إلى ذوي الاحتياجات الخاصة نظرة رعاية وعناية انطلاقا من مبدأ عموم التكريم لبني آدم دون اعتبار بمعتقد أو لون أو صحة أو مرض، قال الله تعالى:«ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا» سورة الإسراء : الآية 70 . وخص الإسلام المعاقين بمزيد من الرعاية فقد جعل القرآن الكريم الإعاقة أو العاهة بلاء يؤدي بالمبتلي الصابر إلى الجنة يقول الله عز وجل:»إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب»10 الزمر. وجعلت الشريعة الإسلامية الإعاقة كالعمى أو العجز في أحد الأعضاء ، من الأعذار المبيحة للتخفيف والتيسير في الأحكام الفقهية العلمية مثل الترخيص في التخلف عن الجهاد في سبيل الله عز وجل ويقول الله تعالى:«ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج»الفتح17 . أحكام مخففة وتضمنت الشريعة أحكاما مخففة في أداء العبادات كالطهارات وصفة أداء الصلوات فأصحاب العاهات يؤدون ما يستطيعون من الوضوء والغسل والصلاة من قيام أو قعود والأصل في هذا قوله سبحانه وتعالى:»لا يكلف الله نفسا إلا وسعها»268 البقرة ، وقوله -صلى الله عليه وسلم:-»اذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم» أخرجه البخاري ومسلم. وكذلك عدم حضور الجماعات في الصلوات لغير الأعمى كالمقعد، والانابة في الحج للعاجز عن أداء بعض الشعائر كرمي الجمرات أو الطواف والسعي جالسا، أو سقوط الحج ابتداء عمن لا يمكنه الوصول إلى مكة لفقد شرط الصحة وسلامة البدن والصور والأمثلة فيما سوى ذلك كثيرة غزيرة مستفيضة. ويضيف د.كريمة: حرم الإسلام السخرية والاستهزاء منهم وبهم، يقول الله تعالى:» يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن». وقد عاتب الله جل شأنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإعراضه وعبوسه مرة في وجه عبدالله بن أم مكتوم-رضي الله عنه- حينما قطع كلامه مع أكابر قريش:»عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى»سورة عبس الآية 41، ولم يجعل الإسلام الإعاقة حائلا أو مانعا دون تولي صاحبها الولايات العامة فقد استخلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابن أم مكتوم الأعمى على المدينة في إحدى غزواته للدفاع عن دين الله الحق، وأوجب الإسلام رعاية المعوقين ماليا من بيت مال المسلمين حتى لو كان المعوق غير مسلم كما فعل عمر -رضي الله عنه- مع المعوق والفقير اليهودي. وحرم الإسلام قتل ذوي الاحتياجات في المعارك الحربية وكل هذا يدلل على تكريم الإسلام لأصحاب الحاجات الخاصة. ويقول الدكتور حامد أبو طالب -استاذ الشريعة بجامعة الأزهر- إن منهج الإسلام في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة يتسم بالكمال والانسانية والرحمة لأنه ينطلق من مبادئ الاسلام الحنيف التي تساوي بين الناس في الحقوق والواجبات وتجعل مناط التفضيل تقوى الله عز وجل ويقول الله تعالى:«إن أكرمكم عند الله اتقاكم» فالأصل في الاسلام أن الانسان مكرم في اصل خلقه وقد بين القرآن هذه الحقيقة في قول الله تعالى:«ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا» الاسراء70. مساعدة ذوي الاحتياجات ماليا كما أكد المنهج الاسلامي أن ما لدى الانسان من نقص أو كمال انما هو بمشيئة الله سبحانه، وينادي الاسلام بالتحلي بالقيم الايمانية السامية حيث يطالب اتباعه بعدم تحقير أي فرد او جماعة لأي سبب كان وبعدم النفور من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتتجلى مبادئ الاسلام العظيمة في حرصه على رفع المشقة عن غير القادرين مصداقا لقوله تعالى:«لا يكلف الله نفسا إلا وسعها»البقرة 268 وتأكيده مساعدة الضعفاء والمحتاجين وعدم تركهم دون عون وسد احتياجاتهم المادية والنفسية والحق سبحانه يقول:»وفي أموالهم حق للسائل والمحروم» الذاريات 19 والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: انما تنصرون وترزقون بضعافكم». واضاف: الشريعة الاسلامية تميزت بالسبق في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة وتقرير الكثير من المبادئ التشريعية التي تضمن لهم ممارسة حياتهم دون صعوبات أو مشقة او إهدار لحقوقهم.ويتأكد ذلك من قول الله تعالى:»فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا او لا يستطيع ان يمل هو فليملل وليه بالعدل...» البقرة 282. وحرص الصحابة رضوان الله عليهم على تأكيد هذه الحقوق وتكريسها في الواقع، فكان الخلفاء يدخلون ذوي الاحتياجات الخاصة والضعفاء والمرضى في مصارف الزكاة ويذكر أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مر اثناء سفره الى الشام بقوم اصابهم الجذام فقرر لهم نفقة من بيت المال، وحرص عمر بن عبدالعزيز على أن يكون لكل مقعد خادم يقوم على امره ولكل كفيف غلام يدله. حق التعليم كما اتاحت الدولة الاسلامية التعليم لذوي الاحتياجات الخاصة ولم تمنعهم من طلب العلم لذلك لم يكن غريبا ان نجد بعضهم يتفوق ويبرز في مجال العلوم الاسلامية، وايضا كان هناك نظام الوقف الذي خصص جانب منه للانفاق على هؤلاء. وعن واجب المجتمع المسلم نحو هذه الفئة يقول الدكتور محمود الضبع -الاستاذ بكلية التربية جامعة قناة السويس-: الاسلام اكد اولوية هذه الفئة في التمتع بكافة الحقوق والمزايا ويجب على المجتمع ان يحيط هؤلاء بالرعاية الكاملة والشاملة منذ مرحلة الطفولة في جميع النواحي الصحية والنفسية والاقتصادية، والعمل على سد احتياجاتهم وتوفير حياة كريمة لهم وتعليمهم حسب قدراتهم ومستواهم وتشجيعهم وتكريمهم خاصة من كانت له موهبة أو استطاع اكتساب حرفة نافعة. ويؤكد أنه ومن المهم ان ننشر الوعي بين افراد المجتمع بكيفية التعامل مع هذه الفئة وبضرورة جعلهم يشعرون بأنهم جزء من المجتمع وهذا يتحقق باتباع المنهج النبوي القائم على الرحمة والعطف والحلم والتواضع والصبر والبذل والدعاء بالشفاء لهم فقد كان الرسول الكريم يدعو لذوي الاحتياجات الخاصة بالشفاء تثبيتا لهم على تحمل البلاء. مسؤولية الأسرة ويضيف: يجب على الاسرة المسلمة أن تبذل الجهد المضاعف مع الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة وتحمل مسؤوليته بصبر ورضا وحب وحرص على تربيته على أحسن ما يكون ومراعاة ظروفه وقدراته واشعاره بالحب والحنان والرحمة وتربيته على الثقة بالنفس وتعويده على الاعتماد على ذاته فيما يستطيع القيام به واعداده لممارسة حياته المستقبلية والعمل على تقوية ارادته وعزيمته وتنمية مواهبه واختيار الوسائل التي تمكنه من ذلك.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©