الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأزمة الاقتصادية···التحدي الأول

الأزمة الاقتصادية···التحدي الأول
20 يناير 2009 02:51
الأحوال الاقتصادية الحالية بما تحمله من مشكلات جمة، تعد بالنسبة لباراك أوباما حملاً ثقيلاً من جهة وفرصة رائعة من جهة أخرى· فنحن نعاني من ركود المبيعات، وانخفاض أسعار الأسهم والسندات، ونقص الإنتاج· كما انجرف الأميركيون أو استدرجوا إلى حالة من اليأس الجماعي والحيرة· فهم لا يعرفون ما الذي ينتظرهم في الغد ويتساءلون عما إذا ما كان هناك أحد آخر يعرف· ولا يقتصر الأمر على ذلك حيث فقد الأميركيون ذلك الإحساس بالسيطرة على الغد الذي كانوا يمتلكونه من قبل· وإذا ما تمكن أوباما من استرداد ذلك الشعور، فإنه سيكون قد قطع شوطاً طويلاً نحو إحياء الاقتصاد، وضمان ولاية رئاسية ناجحة· وما يقلق الناس ليس الحالة الاقتصادية الحالية فقط· فهذه الحالة وإنْ كانت قد وصلت إلى درجة كبيرة من السوء، إلا أنها ليست غير مسبوقة· فعلى سبيل المثال نجد أنه على رغم الزيادة الأخيرة في نسبة البطالة ووصولها إلى 7,2 في المئة في ديسمبر الماضي، فإنها تظل أقل من أعلى معدل وصلت إليه من قبل، وهو ذلك الذي ساد خلال فترات الكساد العشر في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهو 7,6 في المئة· ما يجعل الناس يحسون بحالة من عدم الاستقرار هو تلك الفكرة الغامضة بأنهم يتجهون نحو شيء جديد لم يعرفوه من قبل، شيء ينذر بالخطر ومتواصل خصوصاً على ضوء التنبؤات الحالية التي تقول إن معدل البطالة يمكن أن يصل إلى 9 في المئة، ويظل على ذلك لفترة، وأن التوسع - إذا كان هناك توسع في الأصل - قد يتواصل بصعوبة بالغة، وأن مكاسب الدخل ستكون محدودة أو غير موجودة· ويجب أن نأخذ في اعتبارنا أن الكساد الكبير كان عنواناً لفترة فقدنا فيها السيطرة على اقتصادنا· فعلى الرغم من كل الأحلام التي خلقها ''العقد الجديد''، الذي اقترحه ''روزفلت'' على الشعب الأميركي فإن الكساد استمر لفترة لا تقل عن عقد من الزمان، ولم ينته إلا مع الحرب العالمية الثانية· فحتى عام 1940 كان متوسط البطالة يدور حول 15 في المئة في المتوسط· والحقيقة أن القلق الذي ينتاب الشعوب اليوم بصدد عدم قدرة الحكومات على التغلب على المشكلات التي تعاني منها الاقتصادات اليوم، هو الذي يبرر لدى الناس الإقدام على إجراء تشبيهات كئيبة· والتشاؤم يمتد عبر الخطوط الطبقية والسياسية· ففي مسح أجراه ''مركز بيو للأبحاث'' في شهر ديسمبر الماضي على عينة من الأشخاص، وجه إليهم سؤالاً كانت صيغته هي:''هل تعتقد أن الأحوال الاقتصادية ستسوء خلال الاثني عشر شهراً القادمة؟''· بلغت نسبة من أجابوا على هذا السؤال بالإيجاب (أي أنهم يعتقدون أن تلك الأحوال ستسوء خلال تلك الفترة) 51 في المئة من الأفراد الذين تبلغ دخولهم السنوية 30 ألف دولار كحد أقصى· أما بالنسبة للأشخاص الذين تزيد دخولهم عن 100 ألف دولار فقد كانت النسبة قريبة من ذلك حيث بلغت 53 في المئة تقريباً· كان من ضمن الأسئلة الأخرى التي تم توجيهها في إطار هذا المسح: ''هل تعتقد أن نسبة البطالة ستزداد خلال فترة العام المقبل؟'' فأجاب 57 في المئة من ''الديمقراطيين'' بالإيجاب، وبلغت هذه النسبة لدى المستقلين 64 في المئة ولدى ''الجمهوريين'' 66 في المئة· وهذا القنوط العام له أسباب عديدة منها أنه نظراً لأن أعداداً أكبر من الأميركيين أصبحت تستثمر أموالهم في البورصات، فإنهم أصبحوا أكثر قابلية للتعرض للتأرجحات السيكولوجية والمالية العنيفة للأسواق· فالاندفاع لاقتناء المساكن بنظام الرهن العقاري جعل العديد من الأميركيين من أصحاب الدخول الثابتة أكثر فقراً، وهناك سبب ثالث أن التباطؤ الاقتصادي الحالي دفع العديد من المصانع والشركات لتقليص عملياتها، وجعلها بالتالي مضطرة للاستغناء عن أعداد متزايدة من العمالة· وكان العمال من أصحاب الياقات الزرقاء هم أكثر من تأثر بالاتجاه للاستغناء عن العمالة في البداية، أما الآن فإن هناك فئات أخرى انضمت لذلك مثل المصرفيين، والصحفيين والعلماء لدرجة يمكن معها القول إنه ما من أحد مهما كان مركزه أو سنه أصبح بمنأى عن البطالة· منذ الحرب العالمية الثانية لم يتعرض الأميركيون لصدمة اقتصادية مثل تلك الحالية سوى مرة واحدة وذلك عندما ارتفع التضخم في عقد السبعينيات حتى وصل إلى 13 في المئة عام ·1979 وأدى ذلك إلى التأثير على الأجور والمرتبات وقيمة حسابات التوفير وفي ذلك الوقت وكما هو الحال الآن شعر الناس بالخوف وأحسوا أن التضخم سيتجاوز نطاق السيطرة، كما شعروا مثلما نشعر الآن بأنهم قد فقدوا القدرة على رسم مسار مستقبلهم قبل أن يتمكن رونالد ريجان ورئيس الاحتياطي الفيدرالي، ''بول فولكر'' السيطرة على التضخم من خلال إجراءات قوية وضعت الاقتصاد من جديد على طريق النمو· هناك نواح شبه بين ما حدث في ذلك الوقت وبين ما يواجهه أوباما حاليا لقد اكتسب ريجان شهرته على أساس انه الرجل الذي أعاد تأسيس النظام الاقتصادي وأعاد للدولة سيطرته على المستقبل· إذا ما تمكن أوباما من التغلب على الشعور بالعجز فمن المؤكد أنه سيتمكن من حصد الكثير من الثمار السياسية· ليس من الضروري أن تتجسد تلك الثمار في صورة ازدهار، وإنما الضروري هو أن يتمكن الاقتصاد مجددا من استعادة القدرة على النمو المستدام لإقناع معظم الناس أنه قابل للسيطرة وأن أميركا لم تنحدر إلى عصر جديد أسود· إن التدهور الاقتصادي الحالي قد وقع على أيدي قوة سوقية غامضة تكاد تكون بالكاد مفهومة والمجهود اللازم لمواجهة هذه القوى والتغلب عليها والحيلولة دونها ودون إلحاق المزيد من الأضرار هو مجهود هائل وإذا لم يتمكن أوباما من مواجهة تلك القوى فإن العبء الذي سيترتب على ذلك سوف يكون فادحا إلى أقصى درجة· روبرت صامويلصون محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©