الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إسرائيل لن تتنازل عن إلغاء فلسطين

إسرائيل لن تتنازل عن إلغاء فلسطين
20 أغسطس 2009 00:20
«جواناثان كووك»، صحفي بريطاني يقيم في الناصرة، وله الكثير من الكتابات عن القضية الفلسطينية منها: «الدم والدين» و»اسرائيل وحوار الحضارات»، و»اختفاء فلسطين» الذي صدرت ترجمته مؤخرا في القاهرة، والذي بدأه بواقعة تعرض لها في ربيع عام 2003، فقد كتب مقالا وبعث به إلى صحيفة «هيرالد تريبيون» عن «جدار الأمن» او ما نعرفه نحن باسم الجدار العازل. ورغم ان مقالاته سبق ان نشرت في الـ «هيرالد» إلا أن هذا المقال واجه تعنتا من هيئة التحرير ولم يتم نشره لشهور. وفي مايو 2003 تراجعت هيئة التحرير عن مخاوفها تجاه المقال، وبادرت بنشره، وربما كان سبب هذا التحول ان الرئيس الأميركي السابق بوش ألقى خطابا انتقد فيه بناء هذا الجدار. ذهب المؤلف في مقاله إلى أن إسرائيل تستخدم هذا الجدار لضم مساحات كبيرة من اراضي الضفة، خاصة الأراضي الزراعية وتلك التي تقع بجوار آبار المياه الجوفية، لتحرم الفلسطينيين من مصادر المياه ومن الاراضي الزراعية، مما يجعل من الصعب قيام دولة فلسطينية في المستقبل، وكان ذلك الاستنتاج مبكرا وقت كتابته، وأحدث رد فعل عنيفا لدى اللوبي المناصر لإسرائيل. تأسيس تاريخي ويؤكد المؤلف أن الفلسطينيين تعرضوا لمحاولة محو وإلغاء، نفذتها سلطات الانتداب البريطانية، حيث سمحت بتهجير أعداد ضخمة من اليهود، خلال سنوات الانتداب. ويكفي ان نعرف انه تم تهجير مئة ألف يهودي دفعة واحدة بعد ثورة 1936 في فلسطين. مع ذلك ظل الفلسطينيون يشكلون ثلثي سكان فلسطين حين صدر قرار التقسيم في نوفمبر 1947، الذي أعطى للفلسطينيين أقل من نصف مساحة فلسطين. وفي 1948 استولت اسرائيل على 78 في المئة من الاراضي الفلسطينية. وفي يونيو 1967 احتلت اسرائيل ما تبقى من الاراضي الفلسطينية. من يومها، تركز النضال الفلسطيني والعربي على استعادة الاراضي المحتلة في 1967 والعودة إلى حدود ما قبل 5 يونيو أي مساحة الـ 22 في المئة من الارض. وتم توقيع اتفاق اوسلو عام 1993 لكن إسرائيل زادت معدل الاستيطان في اراضي الضفة، وسجل أعلى معدل للاستيطان بعد عام 1993. وفي عام 2000 عرض رئيس وزراء اسرائيل «ايهود باراك» على الفلسطينيين ان يحصلوا على 80 في المئة فقط من اراضي ما قبل 1967 أي 17.6 في المئة من اراضي فلسطين مع عدم العودة إلى القدس، وبقاء المستوطنات، ورفض صقور اسرائيل ذلك العرض واعتبروه مساساً بأرض اسرائيل التاريخية وأمن الدولة العبرية، ثم عرض شارون ان يحصل الفلسطينيون على 42 في المئة فقط من الاراضي التي عرضها عليهم سلفه باراك، أي 7.04 في المئة من ارض فلسطين. والحقيقة أن ما قام به شارون ومن قبله باراك، لم يتجاوز ما يسميه المؤلف «القول الشائن» لجولدا مائير عام 1969: «لم يكن ثمة شيء اسمه الفلسطينيون. لم يكن الامر وكأنه كان هناك شعب فلسطيني في فلسطين ثم أتينا نحن وألقينا بهم خارجها، لم يكن لهم وجود». إن عدم وجود شعب فلسطيني وأمة فلسطينية مقولة قديمة في الفكر الصهيوني قال بها تيودور هرتزل في روايته «الأرض القديمة الجديدة» عام 1903، وهي غير كتابه عن الدولة اليهودية حيث يتخيل هيرتزل ان فلسطين أصبحت دولة يهودية ويبدو فيها السكان الاصليون في فلسطين باعتبارهم غرباء غير مميزين مثل قطاع الطرق ويعيشون في قرى متخلفة. وفي مقابل هؤلاء يأتي الصهاينة/ اليهود الاوروبيون الذين يتميزون بالنبل، وبينما هم يستردون ارتباطهم بالأرض الموعودة يأتون معهم بحضارة يفترض انها تفيد السكان الأصليين أيضاً. رواية هرتزل صارت عقيدة لدى الصهاينة والاسرائيليين وغيرهم في أوروبا والولايات المتحدة، فقد قدمت الشعب الفلسطيني باعتباره غير مرتبط بأرضه وهو مجموعة من قطاع الطرق استولوا على الارض من أصحابها الحقيقيين، بينما اليهود ينتظرون ويناضلون للعودة الى وطنهم وهم يذهبون الى فلسطين بالتحضر والثراء والخير. والمعنى العميق ان من يرفض وجودهم ويقاومهم يصبح طبقا لذلك بربريا ومعاديا للحضارة وضد التقدم، وفي هذه الحالة ينبغي قتله وإلغاء وجوده. واقترح عدد من السياسيين والباحثين داخل اسرائيل وخارجها اقامة دولة واحدة تضم الاسرائيليين والفلسطينيين وهي دولة علمانية ديمقراطية تؤمن بالمواطن وتعطي كافة المواطنين حقوقهم بالتساوي، وهي الفكرة التي تتصدى اسرائيل لها الآن، فهي تتبنى فكرة يهودية الدولة وترى ان فكرة او مشروع الدولة الواحدة تقضي على الصهيونية. «لا دولة ولا دولتين» الحل الآخر هو حل إقامة دولتين، والمؤلف يعده وهماً، فلو قامت دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، فستفقد اسرائيل دورها وقيمتها لدى الغرب، وتفقد الدعم المادي، والمساندة الدولية، والأخطر ان جيش الدفاع سوف يصبح بلا دور، ويفترض تسريحه وهذا مستحيل بالنسبة لاسرائيل، التي تريد حالة متوترة وعدائية باستمرار كي تبقى إسرائيل هي الدولة القوية، ذات القدرات المخابراتية الخارقة التي تفيد الغرب وتستفيد منه. وبهذا المعنى فإن اسرائيل لا تريد دولة واحدة ولا دولتين، هي تريد إلغاء فلسطين والفلسطينيين. ويطالب المؤلف بالسعي دائما لكشف كذب اسرائيل ونزع المصداقية عنها، وكشف زيف الأفكار الصهيونية وساعتها فقط، لن تكون هناك مشكلة في اقامة دولة واحدة، أو دولتين معا.. وتصبح المشكلة هنا ثقافية وفكرية في المقام الأول. ويجب ان يتصدى لها الباحثون والمؤرخون والصحفيون كل في موقعه. ? الكتاب: اختفاء فلسطين ? المؤلف: جوناثان كوول ? تقديم: عبدالعال الباقوري ? ترجمة: د.فاطمة نصر ? الناشر : إصدارات سطور بالقاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©