الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النساء الأفغانيات... وسقف المشاركة السياسية

النساء الأفغانيات... وسقف المشاركة السياسية
19 أغسطس 2009 23:56
حين طرقت فرضانة بركزاي وزميلاتها من الناشطات في الحملة الانتخابية باب منزل السيد أحمدين بهلوان، استقبل الأخير جمع النساء وأشار إلى بوستر معلق على جدران بيته من الداخل تظهر فيه صورة الرئيس الحالي حامد كرزاي. وفي تلك الإشارة، تأكيد على أن موقفه الانتخابي لن يتغير وأنه سيصوت حتماً لصالح كرزاي. وقد تذكرت الآنسة بركزاي أن بهلوان لم يحتج لجهد لإقناعه بالتصويت لصالح الرئيس منذ زيارة ناشطات الحملة الانتخابية لمنزله في المرة السابقة. وفي هذه المرة، أشار الناخب بهلوان إلى النساء ضمن الأسرة بالتصويت لصالح كرزاي أيضاً. ولا تمثل حالة بهلوان استثناء في سلوك الرجال إزاء النساء، إذ كثيراً ما يملي الذكور إرادتهم السياسية على النساء ويأمرونهن بالتصويت لصالح المرشح الذي يختارونه هم. غير أن الآنسة بركزاي تعمل على تصحيح هذه الصورة بنفي أن تكون حالة كل العائلات مثل عائلة بهلوان المذكورة. وحسب رأيها، فإن هناك نساء استطعن إقناع أزواجهن وإخوانهن وآبائهن بالتصويت لصالح المرشح الذي اخترنه. ثم إن ممارسة الاقتراع الفعلي تظل أمراً خاصاً بين المرأة وضميرها في نهاية الأمر، حين تتجه إحداهن فعلاً إلى صندوق الاقتراع. ويمثل الدور الذي أدته النساء في المعركة الانتخابية الحالية، مكاسب سياسية كبيرة للنساء الأفغانيات، إلى جانب كونه يشير إلى جملة من التحديات المستقبلية التي تنتظرهن مع بدء أفغانستان السير في طريق التحول الديمقراطي بالفعل. وتقول مسعودة جلال -وزيرة الشؤون النسائية سابقاً- معلقة على هذا الدور النسوي الجديد: «لقد رأينا تقدماً كبيراً في مجال الحقوق السياسية للنساء، غير أن ما تم الاتفاق عليه بشأنهن وما أعلن الالتزام به لم يتحقق بعد. وعليه، يمكن القول إن حياة النساء الأفغانيات لم تشهد تحولاً كبيراً يذكر حتى الآن». وعلى رغم مثل هذه الآراء غير المتفائلة، إلا أن مجرد مشاركة النساء الأفغانيات في المعارك الانتخابية بكل هذا القدر من النشاط وسعة المشاركة، يعد بحد ذاته مكسباً كبيراً لهن، خاصةً إذا ما أخذنا في الاعتبار أنه كان لا يسمح للنساء بالخروج وحدهن في الشارع حتى وقت قريب جداً. وبفضل ذلك التقدم، تضم اليوم قائمة المرشحين للمنصب الرئاسي اسمي امرأتين ضمن المرشحين البالغ عددهم 41. وعلى رغم أن أياً منهن لم تحظ بدعم شعبي يذكر، إلا أن تزايد مشاركة النساء في الحملة الانتخابية كان موضوعاً رئيسياً تناولته برامج قناة التلفزيون الأفغانية يوم الأحد الماضي. وفي ذلك الحوار، كان من رأي المرشح الرئاسي رمضان بشاردوست أنه ينبغي ألا ينظر إلى النساء باعتبارهن جنساً أقل من الرجال. في حين علّق بسم الله أحمدي -وهو مواطن عادي من سكان العاصمة كابول- قائلاً عن ذلك الحوار إنه لم يرق له؛ لأن ما جاء فيه من حديث عن دور النساء وأهمية مشاركتهن في كافة جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية العامة كان محض هراء! يذكر أن دور النساء في المعركة الانتخابية الحالية لم يقتصر على مشاركتهن بصفة الناشطات الانتخابيات فحسب، فمن الملاحظ أن المرشحين الرئاسيين الأساسيين المتنافسين على المنصب: حامد كرزاي وأشرف غاني، سعى كل منهما إلى مخاطبة النساء واستقطاب دعمهن لحملته عن طريق تنظيم مواكب نسائية مؤيدة. كما انضمت آلاف النساء إلى موكب حملة كرزاي الانتخابية الذي نظم يوم الخميس الماضي في العاصمة كابول، حيث اعتد الرئيس بانحيازه للنساء وإعادة فتحه لمدارس الفتيات التي كانت حكومة «طالبان» قد أغلقتها من قبل. كما نسب كرزاي لحكومته فضل تعيينها للنساء في منصب حكام المحافظات، فضلاً عن تعيينهن في المناصب الوزارية، فيما يعد أول بادرة من نوعها في تاريخ أفغانستان الحديث. وبعد أن انفض ذلك الموكب الانتخابي، أعربت الكثير من المشاركات فيه عن تقديرهن لتركيز حملة كرزاي على تعليم النساء وتأهيلهن، إلا أنهن اشتكين من ضعف رواتب وزارة التعليم -حيث تعمل غالبية النساء العاملات- ووصفنها بأنها لا تكفي حتى لتوفير الطعام لعائلاتهن. كما ينبغي القول أيضاً إن السياسات التمثيلية النيابية التي تتبناها أفغانستان في إطار تحولها أكثر فأكثر نحو الديمقراطية، ليس بالضرورة أن تكون سياسات مدافعة عن حريات النساء. والدليل أن الرئيس الحالي كرزاي وقّع في شهر مارس المنصرم على قانون خاص بالأقلية الشيعية في بلاده، وصفه المنتقدون بأنه يقنن عملياً تقاليد غير مناسبة. وقد أرغمت الضغوط المحلية من قبل النساء الأفغانيات، والدولية من قبل المجتمع الدولي، الرئيس على تعليق البدء في تنفيذ ذلك القانون. ولم تكن النسخة المنقحة من القانون الصادرة في الشهر الماضي أفضل حالاً من سابقتها؛ لأنها تعطي الزوج سلطة مطلقة، كما يقول المنتقدون. وترى الوزيرة السابقة «مسعودة جلال» أن مثل هذه التشريعات والممارسات تشير بوضوح إلى افتقار الحكومة للحساسية تجاه مسألة النوع «الجندر». وأضافت قائلة إنها كافحت لعدة سنوات من أجل إصدار قانون من شأنه حماية النساء ضد العنف المنزلي الذي يتعرضن له. كما أوضحت الآنسة «جلال» قائلة إن معظم المكاسب التي تحققت للنساء قد حدثت في أيام التحول الأولى بعد سقوط نظام «طالبان» وبداية النظام الحالي. أما بقية التعهدات الحكومية المعلنة دولياً بتحسين أوضاع النساء وسن التشريعات المساندة لحرياتهن، فلم يتم الوفاء بها حتى الآن. وفي رأي «جلال» أنه لا سبيل لتحقيق هذه الوعود إلا بزيادة تمثيل النساء ومشاركتهن في الجهاز الحكومي. بن أرنولد - كابول يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©