الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

كواليس حياة نجوم الإعلام على مواقع التواصل .. هل تفسد المصداقية المهنية؟

كواليس حياة نجوم الإعلام على مواقع التواصل .. هل تفسد المصداقية المهنية؟
8 مايو 2017 20:29
دينا جوني (دبي) أوجدت وسائل التواصل الاجتماعي على اختلافها منصة لا متناهية لنجوم الإعلام لإظهار جوانب شخصية من حياتهم اليومية بشكل مكثف، إلى جانب عرض آرائهم في العديد من المجالات التي قد لا تظهر بالضرورة على الشاشة. وفي الوقت الذي يُناط بالإعلاميين لعب أدوار في التأثير على المجتمعات والإسهام في دور فاعل في الحوار الحضاري، ونشر القيم الإيجابية بين الجمهور من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت الصور خلال لحظات الاسترخاء وتناول الأطعمة في المطبخ أو المطعم، وممارسة الرياضة في الأندية الرياضية، تحتل مساحة كبيرة من «النيوز فيد» أو تغذية الأخبار على «فيسبوك» أو «تويتر» أو «الإنستجرام» لإشباع نهم المتلقين في معرفة كواليس حياة نجوم الإعلام العرب. لا يجد بعض الإعلاميين الذين التقتهم «الاتحاد» على هامش منتدى الإعلام العربي، أي تضاد بين أن يكون وجهاً ترويجياً على وسائل التواصل الاجتماعي خدمة لرسالة أو قضية ما، وبين الجانب الشخصي الذي قد يكون أحياناً بعيداً كل البعد عن هدف أو أجواء تلك القضية، معتبرين أن ذلك لا يؤثر سلباً على فاعلية الرسالة أو مصداقيتها، فيما يعتبر آخرون أن الإعلامي ليس أستاذاً، والمبالغة في الحديث عن القيم والترويج لها لا يحمل سوى معنى واحد هو أن تلك القيم غير موجودة أساساً، لافتين إلى أن إظهار أسلوب الحياة السعيد والإيجابي هو أبلغ ردّ على أخبار التطرف والإرهاب والتشاؤم التي تسيطر على وسائل الإعلام على اختلافها. الرسالة والتأثير يرى الكاتب الصحفي عماد الدين حسين، رئيس تحرير جريدة الشروق المصرية، أن الظهور الكثير على وسائل التواصل الاجتماعي لا يعني التأثير الكبير. فالتأثير يكون من خلال رسالة معينة يتم إقناع الناس بها فيتابعونها، لافتاً إلى أن هذه الرسالة يمكن أن تكون في الفن أو الدين أو كرة القدم أو السياسة. وأورد حسين ظاهرة استعانة مستشفى السرطان في مصر بالنجوم من الممثلين والإعلاميين بهدف جمع التبرعات، التي تزيد نسبتها بحسب مستوى محبة الناس لهذا النجم أو ذاك، لافتاً إلى أنه في هذه الحالة فإن تأثير استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الجانب الشخصي لم يضر بالقضية-الهدف، بل على العكس كان لها تأثير إيجابي. وقال: إن الإعلامي أكثر احتكاكاً بصورة يومية مع الجمهور، سواء من خلال الصحافة المقروءة أو المرئية أو وسائل التواصل الاجتماعي، لأن صنعته هي الكلام والإقناع، فيبدو أكثر تأثيراً. ولفت إلى أن التأثير في الرأي العام لم يعد حكراً على الإعلامي وحده، وإنما أي فرد قرر جذب المتابعين عبر فكرة ما، ليصبح بالتالي أهم من كثير من الإعلاميين في أي مكان في العالم. وأشار إلى أن هذه التغيرات خلقت لدى الحكومات حاجة الاستعانة بالمدونين لخدمة هدف ما، وبالتالي فإنه كلما زاد تأثير وسائل الإعلام زاد بالضرورة تأثير الإعلاميين. رؤية مختلفة أما وسام بريدي الإعلامي التلفزيوني اللبناني، فقدّم رؤية مختلفة لرسالة الإعلامي في العصر الحالي، رافضاً بذلك الأدوار التقليدية المتعلقة بنشر القيم ودعم القضايا العربية، والتي لم تساهم في انتشال الأمة من الحضيض الذي تعيش فيه، مشدداً على ضرورة التركيز على نشر الإيجابية من خلال أسلوب الحياة المعيش، وليس من خلال التنظير الأيديولوجي. وقال بريدي: الإعلامي ليس مدرّساً، وليس مضطراً للخروج بأفكار لكي يتم تبنيها، سواء من المتلقي، أو من جهات حكومية أو خاصة. الإعلام برأيه هو أسلوب حياة، وبالتالي لا يوجد ضرر من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لكي تتعلم الناس من أجواء تلك الحياة الإيجابية. وأكد أنه من المهم في الحوار الحضاري في منتدى دبي، أو أي حوار إعلامي في العالم أن نظهر ما هو حقيقي ومعاش، وليس أن نتكلم فقط عنه، أو أن نعيشه في الأفكار الرنانة التي لا تغني ولا تسمن من جوع. وقال: إنه بنظرة سريعة على مواقع التواصل الاجتماعي أو الإعلام بشكل عام، نلاحظ أن الإعلاميين يتكلمون عن مبادئ عظيمة جداً، لكننا في الواقع نعيش في الحضيض. وقال: ما يحصل في الإعلام اليوم وكيفية محاربة الأيديولوجيات المتطرفة في العالم العربي، لم يسفر إلا في ترسيخ هذه الصورة المتطرفة، لافتاً إلى أن هذه المحاربة من قبل الإعلام والإعلاميين تتم اليوم عبر المبالغة في إظهار الجانب الوحشي، بدلاً من التركيز على المبادئ والقيم الإيجابية. وأشار إلى أنه على قدر تطرّف الجماعات أو الأفراد اليوم، بقدر ما تكون التغطية الإعلامية أكبر، وبالتالي إفراد الشاشات والصفحات والمواقع لعرض هذه التجاوزات اللاإنسانية. واعتبر أن دور الإعلامي اليوم هو ضخ الإيجابية في المجتمع عبر أسلوب الحياة اليومي. فبدلاً من الحديث عن قيم التسامح، يمكن لجانب من أسلوب حياة الصحفيين الذي يتم تشاركه عبر وسائل التواصل الاجتماعي- على سبيل المثال- أن يعكس تلك القيم بشكل تطبيقي وأقرب إلى الواقع من التنظير، فالتكنولوجيا تتطور والمحتوى لا يزال تقليدياً. وأشار إلى أنه ليس عبثاً أن تطلق حكومة الإمارات وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، وزارات كالسعادة والتسامح، لأن المجتمع العربي هو الأحوج إلى تلك الطاقة اليوم. وقال: إنه على الميديا أن تواكب ذلك وتلعب دوراً في ضخ الإيجابية في المجتمعات، من خلال أفكار جديدة، من خلال الإضاءة على ممارسات مختلفة عبر شخصيات ومشاريع مختلفة في العالم العربي. وقال: مقابل فرد البث الفضائي لأي عمل إرهابي لأيام متعددة والمبالغة في التحليل وسرد الخلفيات والتوقعات، فإن أي عمل إنساني إذا تم عرضه لا يأخذ أكثر من دقيقة في نشرة الأخبار وينتهي الأمر. التشاؤم على حساب الإيجابية واعتبر أن ما نعيشه في العالم العربي، ونظرة العالم الغربي للعرب والإسلام سببها العرب أنفسهم، لأن هذه هي الصورة التي قدموها عن أنفسهم، ولم يفترِ عليهم أحد. إذ يسود في معظم الفضائيات اليوم التشاؤم على حساب الإيجابية، بسبب حب الأفراد والإعلام للبكاء والنعي، ما نفر الشباب العربي من بلدانهم وحطّ بهم في الإمارات. وأشار إلى أن الإمارات مختلفة عن العالم العربي؛ لأنه توجد إيجابية رائعة، ويوجد إثبات يومي أننا يمكن أن نحقق الكثير ونكون لاعباً أساسياً على الساحة الدولية، وهي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تفعل ولا تنظّر. التعريف القانوني وقال محمد عبد الهادي، رئيس تحرير صحيفة الأهرام، إن الصورة الشخصية للإعلامي على وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر على فعالية ومصداقية الرسالة، إلا أن ماهية هذا التأثير سلباً أو إيجاباً تحددها دراسة مسبقة للتأكد ما إذا كانت الاستعانة بهذا النجم ستفيد الهدف أو تضره. فالمعيار في الاختيار هنا هو مدى التأثير، أي التأثير الذي يحقق الهدف. من جهة ثانية، تطرق عبد الهادي إلى غياب أي تعريف وتعامل قانوني محدد مع التواصل الاجتماعي في عالمنا العربي لغاية اليوم، لافتاً إلى أن اعتبار وسائل التواصل الاجتماعي وسائل نشر يجب أن تواكبها قوانين واضحة مثلما هو معمول به في أميركا وأوروبا. وقال: إنه في الولايات المتحدة على سبيل المثال، تعاطفت إحدى مراسلات قناة السي إن إن مع الفلسطينيين في غزة فتم فصلها بسبب مخالفتها لسياسة نشر المؤسسة. أما في عالمنا العربي، فإذا خرج أحد الصحفيين عن خط المؤسسة، تبدأ «قلة الأدب» والحملات على التواصل الاجتماعي. وإذا نشر أحدهم على «فيسبوك» رأياً فيه تخطٍ لحدود الأخلاق، وتمت ملاحقته واتخاذ الإجراءات المناسبة لذلك، تخرج صيحات المطالبة بعد تقييد الحريات الشخصية وحرية التعبير. وحش لا يشبع أما الإعلامي اللبناني زافين قيومجيان، فيرى أنه لا يوجد معيار واحد يحكم العلاقة بين تكثيف الظهور الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي لنجوم الإعلام وبين مهمتهم أو رسالتهم المهنية. وأرجع ذلك إلى طبيعة التواصل الاجتماعي وما تفرضه على الأفراد أو الإعلاميين الفاعلين. وقال: إن تلك الوسائل تدفع لخوض سباق مع الوقت. فإذا كنا قد تعودنا أن إطلالة أي إعلامي في السابق محصورة في ساعة محددة خلال يوم محدد، فإن التواصل الاجتماعي تخلق ضغطاً لأنها تدفع بضرورة الوجود المستمر. لذلك فكل الإعلاميين الفاعلين على التواصل الاجتماعي هم في لهاث مستمر للحفاظ على وجودهم، لأنهم يعلمون جيداً أنه بغيابهم سيحل آخرون مكانهم ويسرقون الأضواء والمتابعين. واعتبر أن التواصل الاجتماعي بالنسبة له أشبه بالوحش الذي لا يشبع، ويحتاج دوماً إلى مزيد من المواد، لذلك تشهد تلك المنصات اليوم هذا الانحدار الكبير في المحتوى، لذلك فإن الإعلامي يختار اليوم ما يريد أن يكونه على التواصل الاجتماعي وجدولة الظهور اليومي من خلال «بوست» واحد أو عشرة وفقاً لرغبة كل إعلامي، لذلك فإنه لا يوجد صح أو خطأ في هذا الإطار، فإذا كان الإعلامي شخصاً جدياً في حياته اليومية، فلن يظهر على التواصل الاجتماعي مستلقياً على الكنبة، فالأمر هنا جداً ذاتي ويرتبط بطباع وشخصية الفرد. من هنا، فإن المؤسسة أو الحكومة تختار بناء على قوة التأثير، وبناء على شخصية الإعلامي وفق متطلبات الرسالة. وقال: أبرز استخدامات وسائل التواصل الاجتماعي هو إظهار الجانب الشخصي أو الذاتي والإنساني، ومشاركة ذلك مع العامة أو مع بقية الجمهور أو الأصدقاء. جمهور للغث وآخر للسمين أما فيصل عباس، رئيس تحرير صحيفة «عرب نيوز»، فاعتبر أن الإعلاميين هم رواة للقصص، وبالتالي من المهم أن يبقى التركيز على المحتوى، خصوصاً على وسائل التواصل الاجتماعي. وأكد أنه ضد مسألة التنافس أو من سيزيح الآخر على التواصل الاجتماعي، فمن هو قادر على بناء «ماركة مسجلة» أو براند، سواء كان إعلامياً أو مؤسسة، فهو بالتأكيد سيبقى. أما من يختار الغرق في مهنة التلفزيون أو الصحيفة أو الراديو فسينتهي. وأشار إلى أن هناك جمهوراً للغث وهناك جمهور للسمين، ولا أحد سيلغي الآخر، لافتاً أن قراء مجلة الإيكونوميست في بريطانيا مختلفون تماماً عن قراء التابلويد أو الدايلي مايل. وقال: أي كاتب أكاديمي ذي شهرة سيكون له متابعون، وعارضة الأزياء سيكون لها أيضاً متابعون مختلفون. وبالتالي لا يوجد هناك مشكلة، وإنما مزيد من الخيارات. هذا الأمر يحتاج إلى مزيد من الجهد للبقاء، لكنه يخلق مزيداً من المنافسة الحميدة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©