نادي تراث الإمارات ذاكرة البلاد

لا بد لمن يأتي إلى أبوظبي أو يخرج منها سالكا شارع المرور، من أن يمرّ بذلك الجسر المطل على البناء الجميل لمقر ''نادي تراث الإمارات''، كذلك الأمر لكل من يرغب في معرفة تراث الدولة، لابد له من المرور بالنادي ليكون بذلك سلك الدرب الصحيحة لمعرفة تراث الدولة؛ ماضيها وحاضرها وما تتطلع إليه مستقبلاً في مجال حماية وإحياء ونشر التراث، إذ يمثل النادي بكل أقسامه جسر المرور إلى المعرفة· تبدو نوافذ البناء الأنيق المؤلف من 6 طوابق، كعيون تطل على المدينة، أما الجهات فمفتوحة على مداها الأزرق من الأعلى والأخضر من الأسفل· ويتوج البناء شعار النادي ''الصقر''، فيما يستند على مدخله لوح تراثي كُتب عليه ''نادي تراث الإمارات''، يشير إلى بوابة خشبية قديمة تقود إلى ''ذاكرة المكان'' بجوار المكتبة· منذ الخطوة الأولى تشعر بدخولك عوالم الأجداد بكل تفاصيلهم اليومية، فردهة الاستقبال وحجرات المبنى تم تصميمها وفق الطراز الشعبي القديم· وكل ما حولك مصنوع ببراعة الأيدي الماهرة التي استخدمت الصوف وسعف النخيل وخشب الغاف لإنجاز مفروشات النادي ومستلزماته، كمجالس الضيافة والخيام والمناديس والقناديل ودلال القهوة والمباخر ومرشات ماء الورد، فضلاً عن مجسمات لكل ما يتصل بتفاصيل البيئة المحلية· كما أن غرف الإدارة والموظفين وصالة الاجتماع تم تصميمها جميعاً وفق طراز خيام البادية· وعلى وجوه الجدران تبتسم لوحات تشكيلية رصدت بعض تقاليد الآباء في حياتهم اليومية كقوافل الإبل والخيول والصقور و''طوي'' الماء وغيرها، فضلاً عن اللوحة الأجمل التي تصوّر راعي التراث الأول الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ''رحمه الله''، إلى جانب لوحات أخرى تزين مجلس الضيافة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ''حفظه الله''، وسمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس نادي تراث الإمارات، الذي يرعى ويشرف ويحرص على حضور معظم الفعاليات التي يقيمها النادي لبث روح الحماسة والتشجيع في نفوس أبناء وبنات الدولة· باقة من بطاقة عقب الجولة في أرجاء النادي، تحدث سعادة محمد سيف النيادي مدير عام النادي عن نشأته فقال: ''تأسس نادي تراث الإمارات في أبوظبي في الخامس من سبتمبر 1993 بناءً على توجيهات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ''رحمه الله''، وتم إشهاره في الثالث من يونيو 1997 بموجب المرسوم الأميري رقم 14 لسنة ،1997 كهيئة مستقلة تابعة لحكومة أبوظبي، برئاسة سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيّان نائب رئيس مجلس الوزراء· وتتمثل أهدافه في المحافظة على تراث الدولة، تثقيف الأجيال حول تراث الآباء والأجداد، نشر الوعي الفكري والثقافي لتعميق الحس الوطني لديهم، ترسيخ الالتزام بتراثهم وإثراء نفوسهم بكل معطيات الثقافة والمعرفة، تنظيم المعارض والأنشطة التراثية، وتشجيع الدراسات والبحوث والإصدارات المتصلة بتراث الدولة''· أنشطة وفعاليات وعن الفعاليات المتنوعة التي يقيمها النادي، يقول النيادي: ''ينبثق عن النادي نحو 15 مرفقاً، تقام في جميعها أنشطة وفعاليات دورية أهمها: مهرجان القرية التراثي، سباقات القدرة، السباقات البحرية، الملتقيات الطلابية، سباقات الإبل التراثية الأصيلة، إضافة إلى أنشطة النادي في مهرجان يوم الاتحاد، ومهرجان رمضان التراثي، والمسابقات المتنوعة· كما يصدر سنوياً منتجات وإصدارات القرية التراثية، ومركز البحوث البيئية، إضافة إلى مجلة التراث، وإصدارات أخرى كالدواوين الشعرية والكتب التراثية''· محلياً وعالمياً أما بشأن الخدمات التي يقدمها النادي كمكان حافظ لذاكرة المنطقة ويعرّف بها، فيقول النيادي: ''منذ نشأته يواصل النادي اهتمامه بالتراث والعمل على إحيائه والمحافظة عليه، وكرس لأجل ذلك كافة الجهود الرسمية والفردية، ووفر الإمكانيات المادية والتنظيمية والإعلامية، ولم يقتصر هذا الاهتمام على النادي ومرافقه، بل امتد لتقديم كل ما يلزم لنشر التراث عبر الدوائر والمؤسسات الرسمية في مقدمتها الجامعات والمدارس، وجمعيات النفع العام والشركات الخاصة، بحيث باتت الفعاليات التراثية ضمن أولويات جميع الهيئات والمؤسسات والمهرجانات· ولم يقتصر إحياء التراث ونشره على إمارات الدولة، بل هدفت أنشطة وفعاليات النادي إلى التعريف بتاريخ وتراث الدولة (آداب وفنون وآثار وحرِف وعادات وتقاليد وتفاصيل أخرى متعددة) عبر المشاركات الخارجية في المحافل العربية والدولية، وتعزيز العلاقة في مجالات التراث مع المهتمين به محلياً وعربياً ودولياً''· أحلام وطموحات على الرغـم من تحقيق أهدافه، ثمة تطلعات يسعى إليها النادي، كما يقول النيادي: ''لا يتوقف النادي اليوم عند جملة الأهداف والغايات النبيلة التي حققها خلال مسيرته التي نشدت نشر وترسيخ التراث، وتأهيل قطاع الشباب والناشئة ليكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع، بل وكي يستمر النادي ككيان قادر على رعاية القيم التقليدية لشعب الإمارات ويتجاوب مع احتياجاته ومواهبه وتطلعاته، بما يتواكب مع طبيعة العصر ومتطلباته· يتم الآن بتوجيهات من سمو الشيخ سلطان بن زايد تسخير كل الإمكانيات والسبل لتحقيق طموحات النادي، ولتفعيل أكثر وأكبر لدور فروعه ومرافقه والمراكز والروابط واللجان التاريخية والتراثية والعلمية التي تبحث في تاريخه وتراثه، وتنشره وتحافظ عليه، بما يخدم أحلام وطموحات أبناء الدولة وتطلعاتهم المستقبلية المنطلقة من فهم وتقدير ماضي أجدادهم''·