الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدرس الأشد قسوة

الدرس الأشد قسوة
22 يونيو 2008 01:39
اشتهرت جدتي بقدرتها على تفسير الأحلام، رغم أنها امرأة أمية لا تقرأ ولا تكتب· ولم تكن تجامل أو تلف وتدور بل تعطي التفسيرات كما هي، وإن كانت في غير صالح صاحب الحلم· كانت لجدتي حكايات و''سوالف'' مع أفراد العائلة بسبب الأحلام، منها المضحك ومنها المبكي، وما زالت في ذاكرتي إلى الآن· وعلى الرغم من وصول جدتي إلى سن الثمانين إلا أن قدراتها لم تخبو يوماً، فهي لا تزال تتذكر كل صغيرة وكبيرة في حياتها، كما أنها لم تفقد قدرتها على تفسير الأحلام، ولكنها صارت تعتذر عن التفسير، وتكتفي بترديد عبارة: (إن شاء الله خير) كنوع من الاعتذار اللطيف· أحلام الأكشن كنت أفكر باصطياد أي حلم، أعيد تفاصيله، أحاول أن أمسك بأي جزء من جزئياته لأصل إلى صورة متكاملة أرويها لجدتي، فقد سمعت عن تفسيرها لأحلام أفراد عائلتنا· كنت مستغرباً لأنني لا أحلم مثلهم أحلاماً واضحة قابلة للتفسير، فكل أحلامي تبدو وكأنها مشاهد لأفلام الأكشن لا أول لها ولا آخر· لماذا لا تكون أحلامي مثل أحلام الآخرين فتفسرها جدتي كما تفعل معهم؟ لماذا كلما حكيت لها عن حلم من أحلامي ابتسمت وقالت لي: أحكم الغطاء على جسدك وأنت نائم، حتى لا يدخل الشيطان ويرسم لك تلك الأحلام غير القابلة للتفسير· صرت (أقمط) نفسي عند النوم كي لا أنكشف للشيطان، فيتلاعب بأحلامي، وليتني لم أتعود تغطية نفسي جيداً، فالحلم الوحيد الذي حلمته عندما كبرت وتزوجت كان تفسيره سيئاً· شاهدت حلماً واضحاً لا يمكن نسيانه، شاهدت بأني أحمل في كفي كأساً فيه ماء، فتسرب الماء منه دون أن ينكسر الكأس، حكيت ذلك الحلم لجدتي فارتسم الحزن على وجهها وقالت: ستحمل زوجتك ولكن الطفل لن يعيش، وقد نسيت ذلك الحلم ولكنه تحقق بعد أن حملت زوجتي وأسقطت جنينها في الشهر الرابع· حلم والدي مرت بوالدي فترة عصيبة كان خلالها مهموماً ومغموماً بعد أن تمت إحالته على التقاعد· كنا في مراحل الدراسة ولم يتخرج أي واحد منا· وكانت عليه ديون للبنك: قرض ترميم البيت، وقرض شراء السيارة، وقرض أخذه لعلاج والدته في الهند، كل تلك القروض جعلت حبل الدين يلتف حول عنقه، فبدا مهموماً مغموماً لا يدري كيف يتصرف، ولا يعرف حلاً لمشكلاته وبات دخوله إلى السجن وشيكاً· في تلك الفترة العصيبة شاهد والدي حلماً غريباً· رأى جدي المتوفى يقف على أعلى مئذنة وهو يسبح ويهلل، فلما شاهد والدي استبشر به وناداه باسمه، فاستيقظ والدي من الحلم ولا يزال صدى صوت جدي يرن في أذنه· شعر والدي بالخوف الشديد، فعلى الرغم من سعادته برؤية والده في أعلى المنارة، إلا أنه كان خائفاً بسبب ندائه له، فلربما كان تفسير الحلم هو أن موته اقترب· لم يكن يخاف الموت بالطبع لأنه مقدر ومكتوب على كل المخلوقات، ولكنه كان خائفاً أن يتركنا أيتاماً لا أحد يرعانا ويحمينا من بعده، ونحن أسرة كبيرة، أمي وجدتي وسبع بنات وخمسة أولاد، أكبرهم أخي الذي يكبرني بعام واحد وكان وقتها في الثاني الثانوي· تردد والدي قبل أن يحكي حلمه لوالدته، فقد خشي عليها من تفسير ذلك الحلم الذي ينبئ بنهاية ولدها الذي تحبه أكثر من جميع أولادها· بعد تردد قرر أن يواجه الموقف الصعب كله مهما كانت النتائج، فجلس أمام والدته وهو مذعور يحكي لها حلمه، فما كان منها إلا أن ابتسمت واستبشرت خيراً، وفسرته قائلة: المنارة في الحلم هي رفعة وعلو، والتسبيح فرج من الهموم والغموم، فأبشر بالخير الوشيك· بهت والدي وهو لا يكاد يصدق، ثم سألها: ولكني لم أكن فوق المنارة، ولكنه والدي، فقالت له: التفسير يخصك أنت، وما كان نداء والدك إلا دعوة لذكره والترحم عليه· طار والدي فرحاً عندما سمع بذلك التفسير، وما هي إلا أيام قليلة حتى اتصلوا به ليعرضوا عليه عملاً جديداً أفضل من عمله السابق من حيث الراتب والحوافز والمكافآت، فكان لذلك الحلم تأثير إيجابي كبير في حياة الأسرة، كذلك في ذاكرة الجميع، وصرنا نعيد حكايته كلما اجتمعنا لنتذكر أيام الطفولة الجميلة· أحلام أختي هي أكبر أخواتي البنات، بلغت الثامنة عشرة من عمرها وكانت تمر بفترة عصيبة أثناء امتحانات الثانوية، فحلمت بأن عجوزاً متزينة دخلت غرفتها وسلمت عليها بحرارة، ثم أصبحت صديقتها بعد أن قامت أختي باستضافتها وقدمت لها الطعام، ولم تكن أختي مرتاحة من أعماقها لهذه الصداقة، إلا إنها كانت فرحة بها· تشاءمت أختي من هذا الحلم وخشيت على نتائجها في الثانوية، ولكن جدتي فسرت الحلم بطريقة مختلفة، فقالت لها: العجوز في الحلم هي الدنيا، فستقبل عليك الدنيا بزخرفها فتسعدي بها وتفرحي، ولكنك لن تشعري في داخلك بالراحة لأن الدنيا ليست دار راحة للمؤمن· بعد ذلك الحلم بمدة بسيطة تزوجت أختي من شاب وسيم ومن عائلة غنية، ففرحنا فرحاً شديداً لهذا النصيب وكانت أختي أشدنا فرحاً وسعادة· حلم الرأس كانت لأحد أعمامي أحلام غريبة كلها تدور حول رأسه، ففي كل مرة يرى أن رأسه قد تحول إلى رأس حيوان معين، وكان لدى جدتي تفسيرات عجيبة لتلك الرؤوس التي يتزود بها عمي في أحلامه· فمرة شاهد عمي بأن رأسه تحول إلى رأس حمار، ففسرت له جدتي بأنه يمر بمرحلة كد وتعب، وأنه يتحمل أكثر من طاقته في العمل، فأيد قولها وترك العمل وبحث لنفسه عن عمل جديد· بعد فترة من عمله شاهد في الحلم بأن رأسه قد تحول إلى رأس كلب، فاستغرب وطلب تفسيراً لهذا الحلم، فأخبرته جدتي بأنه يعيش في حالة من العبودية والنفاق في عمله، فأقر بذلك فعلاً وقرر أن يترك عمله أيضاً· وجد عمي عملاً آخر، وبعد شهر شاهد بأن رأسه أصبح رأس نمر، فقالت له جدتي: سيرتفع قدرك في عملك وتنال القيادة، وفعلاً تحقق ما قالت، فبعد سنة واحدة أصبح مديراً للفرع، لكنه جاء يوماً وهو مرعوب، وقال لجدتي: يبدو أنني سأفقد عملي مع أنني مرتاح والكل يشيد بجهودي وإخلاصي، فسألته الجدة عن الحلم، فقال: حلمت بأن رأسي يطير، فضحكت وقالت له: لا تخف، ستحظى بأسفار إلى دول مختلفة، فتحقق ما قالت، إذ تم ترشيحه في عمله لحضور اجتماعات ومؤتمرات في دول مختلفة· وانتهت بذلك الحلم حكاية رأس عمي التي صارت تحكى في العائلة على سبيل إشاعة أجواء المرح والدعابة· كابوس عمتي كانت عمتي في غاية السعادة وهي تستعد لزواج ابنتها البكر، كل الأمور كانت تسير مسارها الطبيعي حتى ليلة العرس، حيث أفاقت من نومها على كابوس مفزع· صرخت بسبب ذعرها حتى استفاق كل من في البيت، وبقيت تردد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم ركضت نحو غرفة بناتها فوجدتهنَّ قد أفقنَ من شدة صرختها، فحمدت ربها أن الجميع بخير· تذكرت تفاصيل الحلم الكابوس، فارتجفت وصارت تبكي وتدعو ربها أن يكون خيراً· في صباح اليوم التالي، اتصلت بجدتي وحكت لها الحلم: رأيت طائراً كبيراً يهبط من السماء وينقض على ابنتي الوسطى ويحملها إلى الأعلى، فسكتت جدتي حتى تصورت العمة بأن الخط قد انقطع، فنادتها فسمعت نحيبها عبر الأسلاك، فصرخت: يا الهي!! ارحمني، كلا، لا أريد تفسيراً لهذا الحلم· هذا الحلم بالذات لا تفسريه· أرجوك، إنه يوم عرس ابنتي الكبرى، ماذا سيحدث؟ هل أمنع أختها من الذهاب إلى عرسها؟ يا رب سترك· بعد أن هدأت عمتي، أخبرتها جدتي بأن المقدر سيأتي ويقع رضينا أم أبينا، وأن يوم رحيل الفتاة قد اقترب· صرخت عمتي من جديد ثم بكت ثم سكتت بعد أن سيطرت عليها الكآبة، فكرت بأن تحبس ابنتها في البيت ولا تسمح لها بالخروج، ماذا يحدث لو لم تذهب إلى عرس أختها؟ سأمنعها، وليكن ما يكون، لم تعد قادرة على تحمل هذا الكم من الخوف، واتخذت قرارها وأقفلت على ابنتها الغرفة بالمفتاح، ومنعتها من حضور عرس أختها، وقد اعتقدت بأنها استطاعت حمايتها من القدر المكتوب· كان من المفروض أن تذهب هذه البنت مع أخيها لتوصيلها إلى العرس، وقد تعرض الشاب إلى حادث سير نجا منه بأعجوبة· تحطمت السيارة تحطماً كاملاً بعد أن قفز الولد منها أثناء الانقلاب· عندما سمعت الأم بالحادث، حمدت ربها لأن ابنها بخير، واعتقدت لجهلها بأن ابنتها نجت من الموت حيث كان من المفروض أن تكون أخته معه· انتهى العرس وعادت الأم إلى البيت وهي سعيدة، فقد صور لها الجهل بأنها خبأت ابنتها من الموت وحفظتها من ذلك الحادث الرهيب، ولكن هيهات، فكيف للعبد المسكين أن ينجو من قدر الموت الذي قدره الله سبحانه وتعالى على جميع العباد· فتحت باب الغرفة فوجدت ابنتها نائمة، فكرت بأن تتركها لتنعم بالنوم، لكن هاجساً جعلها تتقدم لإيقاظها· مدت يدها لتربت برفق على كتف الابنة، فلم ترد· هزتها مرة ومرتين والبنت ساكنة سكون الموت· لحظات وأدرك الجميع أن الأحلام لا تقدم ولا تؤخر، فقد ماتت البنت في نفس اللحظة التي حدث فيها ذلك الحادث، ماتت بالسكتة القلبية· كان درساً قاسياً للجميع، بل الدرس الأشدّ قسوة في حياة جدتي ومن يومها، لم تعد جدتي تفسر الأحلام، وصارت تعتذر بلطف وهي تردد: إن شاء الله خير· افتح قلبك هل أنا مخطئة؟ المشكلة أنا فتاة عمري 23 عاماً· تقدم لخطبتي شاب مناسب، وحدث التوافق بيننا· وفي زياره لنا جاءت معه والدته وزوجة أخيه التي لاحظت أنها تكلمه بتبسط شديد كأنه أخوها، لم يعجبني الوضع لأنني ملتزمة ولا أحب تجاوز الحدود بما يتناقض مع الشريعة، فأشعرتها بغضبي ورفضي لهذه الطريقة، فانتهى مشروع الخطبة بسبب ما قلته لها· أحيانا أشعر بالندم، هل أنا مخطئة فيما قلت؟ المشكلة الثانية والأهم، أن لي أخت عمرها 29 عاماً، وهي تغار مني بسبب كثرة من يتقدمون لخطبتي· وتقول لي دائما: لا تتزوجي قبلي· وتردد باستمرار ''أن حظي أفضل من حظها في الحياة''· ورغم أنها تحقد علي، إلا أنني أحب لها الخير، وأقدر حالتها، فماذا أفعل معها؟ ''ندى الصباح''/ العين الحل الأمانة تقتضي أن أصارحك بأن التوفيق جانبك في حديثك مع المرأة، ما دام الأمر في نطاق الأخوة، وليس فيه خلوة أو انفراد أو تجاوز في الحديث· كان بإمكانك أن تحتفظي برأيك لما بعد الخطبة ثم تنظمين حياتك كما تحبين، فربما فسر تصرفك على أنك تحاولين فرض رأيك على خطيبك· لكن لا تندمي كثيراً، لعله لم يكن نصيبك، واستفيدي من هذه التجربة واحرصي على مشاعر الناس بصورة أفضل ولا تتسرعي في الحكم على الأشياء· أما بالنسبة لشقيقتك، فما من شك أن من حقها أن تشعر بالغيرة، خاصة في مثل هذا السن، وكثير من البنات يتضايقن بشدة في نفس الموقف، فالتمسي لها كل العذر· وهذا لا يعني أن ترفضي من يتقدم لخطبتك، لكن تعاملي معها بصورة أكثر لطفا· ولا تتخيلي أنها تحمل لك حقدا، لأن مجرد هذا التفكير سيجعلك تتصرفين معها بصورة لا تعكس حبك لها· شجعيها على تنمية ثقتها بنفسها، وذكريها بأن الزواج ''قسمة ونصيب''، وتجنبي إظهارالإعجاب بنفسك أو بجمالك أو بمزاياك أمامها حتى لا تستفزي غيرتها· مع أطيب التمنيات لكما بالتوفيق·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©