الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

خبراء يحذرون من بطء تعافي الاقتصاد الأميركي

خبراء يحذرون من بطء تعافي الاقتصاد الأميركي
18 Aug 2009 23:11
أظهر الاقتصاد الأميركي «الجريح» مؤشرات على التعافي خلال الأسابيع القليلة الماضية، غير أن العديد من خبراء الاقتصاد الذين صدمتهم شراسة التراجع يحذرون من احتمالات بطء التعافي وضعفه. فقد تضررت أجزاء ضخمة من المنظومة المالية الأمر الذي قد يحرم المستهلكين والشركات من القروض لعدة سنوات مقبلة، فالأسر الأميركية تزيد من التوفير وتقلص اعتمادها على القروض، وفي ظل ذلك الركود العالمي لا يبدو أن هناك جهة في العالم مؤهلة لتقوده إلى التعافي، وربما يقتضي الأمر تقليص جهود التحفيز الحكومية الجسورة بما تشمل من برامج القروض التي يقدمها البنك المركزي الأميركي وخفض الإنفاق الحكومي إلى أقصى حد قبل عودة الاقتصاد إلى الوقوف على أرض صلبة. ومن المعتاد أن يكون التراجع الشديد متبوعاً بتعاف راسخ على غرار ما حدث إبان الركود الشديد عامي 1981 - 1982 الذي يعد الأشد منذ الحرب العالمية الثانية والذي أعقبه نمو هائل لغاية عام 1990، إلا أن العديد (وليس كل) من أكبر خبراء الاقتصاد في العالم يشكك في أن ازدهاراً سيعقب الركود هذه المرة. وفي هذا يقول مارتن نيل بايلي خبير الاقتصاد في معهد بروكينز «تأخذ النماذج الاقتصادية التقليدية شكل الرباط المطاطي: تشده بقوة ثم يرتد مجدداً، غير أني لا أعتقد أن ذلك ينطبق على أحوالنا اليوم». أو بالأحرى ربما يكون التراجع هذه المرة قد بلغ درجة من الشدة والعالمية تقطع معها الرباط المطاطي، فما هو الاختلاف الآن؟ ترتب هذا التراجع على انهيار المنظومة المالية في أعقاب فقاعة هائلة من نشاط التشييد والائتمان، وقد أثبت التاريخ أن أزمات الركود وقعت حين لجأت الشركات إلى الإفراط في الاستثمار أو حين كان البنك المركزي الأميركي يرفع أسعار الفائدة بقوة، وبمجرد قيام الشركات بتصحيح مخزوناتها وتعديل أعداد موظفيها أو بمجرد قيام البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة يستأنف الاقتصاد نموه. أما التراجعات الناجمة عن أزمات مالية فإن أداءها ينتهج منحنى مختلفاً، إذ أن آلية المنظومة المالية تنخر الاقتصاد حتى الشلل فالناس تعجز عن الحصول على الائتمان لشراء أغراضها والشركات تعجز عن الاقتراض اللازم لتوسعاتها. 14 أزمة ووفقاً لدراسة تحليلية لأربع عشرة أزمة مالية في أنحاء العالم أجراها الخبيران الاقتصاديان جارمن إم رينهارت وكينيث روجوف تزيد نسبة البطالة بسبع نقاط بالمئة في المتوسط خلال التراجع الاقتصادي (هذا التراجع لم يرفع نسبة البطالة في الولايات المتحدة إلا بنسبة 4.7 في المئة فقط)، وتستمر الأزمة لفترة متوسطها 4.8 سنة (هذه المرة تقدر بنحو سنتين). ومن الممكن أن يحدث تعاظم اقتصادي مفاجئ ويبدو أنه من المرجح أن ينمو الاقتصاد الأميركي بمعدل راسخ في النصف الثاني من العام مع لجوء الشركات إلى إعادة زيادة مخزوناتها، غير أنه من غير الواضح ما الذي قد يحدث بعد ذلك بالنظر إلى القيود على الائتمان. فقد منيت البنوك الأميركية بالفعل بخسائر هائلة بل إن موجة من القروض العقارية التجارية تهدد بمزيد من القيود على قدرتها على الإقراض السنة المقبلة. ويقول رينهارت أحد الخبراء الاقتصاديين في جامعة مريلاند «إن الائتمان يدعم أعمال التشييد ويعزز السلع المعمرة ويعزز استثمارات الشركات، إنه مهم في كل باب من أبواب الاقتصاد، فالائتمان يطيل من الركود عقب أزمة مالية، وهذا ما يحدث هذه المرة أيضاً». معضلة أخرى وهناك معضلة أخرى متعلقة بالمستهلكين الأميركيين، وهي أن الأزمة المالية والركود يعكسان نزعة استمرت 30 عاماً نقلت الأميركيين صوب درجة عالية من الاستدانة، إذ أن نسبة ديون المستهلكين إلى الناتج الإجمالي الاقتصادي القومي ارتفع إلى 97 في المئة في الربع الأول من هذا العام مقارنة بنسبة 45 في المئة عام 1975. أما ما يحدث حالياً هو أن الأميركيين يوفرون أكثر ويسددون ديونهم، حيث سجلت نسبة التوفيرات 1.2 في المئة من الدخل المتاح، ولكن بحلول الربع الثاني من هذا العام زادت النسبة إلى 5.2%، ويقول نوريل روبيني رئيس RGE MONITIR الذي كان قد تكهن بالأزمة والركود «لم يسبق أن عانت شريحة الأسر إلى هذا الحد، ولابد من زيادة التوفيرات ما من شأنه إبطاء نمو الاستهلاك حتى لو بدأت زيادة الدخول». فكل دولار يوفره الأميركيون يحرم الاستهلاك من دولار واحد ما يعني انخفاض المخرج الاقتصادي، وحين ترتفع نسبة التوفير بنقطة واحدة في المئة يقل الإنفاق بأكثر من 100 مليار دولار حسب معهد ما كينزي جلوبال انستيتيون. العلاقات الدولية في الأزمات المالية حين تتحدى الدول التيار وتحقق تعافياً سريعاً غالباً ما يعزى ذلك إلى رسوخ اقتصادي في ساحة أخرى من العالم، فعلى سبيل المثال تعافت اقتصادات شرق آسيا من الأزمة المالية 1997 - 1998 بفضل صادراتها إلى الولايات المتحدة التي كان اقتصادها مزدهراً آنذاك. أما في هذه الأزمة فالعالم بأسره يعاني من حيث الائتمان والاستهلاك على السواء، وفي التعديلات التي من الواضح حدوثها حالياً تلجأ الولايات المتحدة إلى إعادة ترتيب عناصر الاقتصاد المختلفة حسب أهميتها النسبية، فراحت تقلص الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار في بناء المساكن مع زيادة الصادرات والاستثمار في المشروعات التجارية، وتجري الأمور على ما يرام من حيث تقليص الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار في المساكن، بيد أن الصادرات تراجعت 16% في السنة الماضية بسبب تدهور التجارة العالمية وانخفض الاستثمار في المشروعات التجارية 20% بسبب تخوف الشركات من جهة وتقلص الحصول على الائتمان من جهة أخرى، ورغم رغبة الولايات المتحدة في زيادة صادراتها إلا أن ضعف باقي العالم يجعل ذلك الهدف بعيد المنال. إلى ذلك هناك شكوك بأن سياسة الحكومة الأميركية التي تعزز الاقتصاد اليوم قد يتضح في السنوات المقبلة أنها تشكل عوائق وعراقيل، فعلى سبيل المثال قلص البنك المركزي الأميركي أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى ما يقرب من الصفر وأفاد أن ذلك سيظل لفترة غير قصيرة، كما أن البنك المركزي بصدد شراء سندات مالية مرتبطة بالرهونات بقيمة نحو 1.5 مليار دولار بغية خفض أسعار الفائدة طويلة الأجل، واستحدث برامج لتشجيع الإقراض. ومنعاً لموجة من التضخم الشديد مستقبلاً سيضطر البنك المركزي إن آجلاً أو عاجلاً إلى سحب تلك البرامج ورفع أسعار الفائدة، وحين يأتي هذا اليوم ربما يكون ذلك بمثابة معوق في طريق التعافي، ويأمل مسؤولو البنك المركزي الخروج في الوقت الملائم إلى أن يصبح الاقتصاد بالقوة التي تسمح له بالنمو حتى مع زيادة أسعار الفائدة. وفي هذا الركود حظيت أميركا بحرية في الإنفاق بالنظر إلى أن مستثمرين في أنحاء العالم كانوا مستعدين دوماً لإقراض أميركا اعتماداً على ثقتهم في سلامة ما على أميركا لهم من ديون، بيد أنه لو استمرت فترة الركود أو كان التعافي واهناً ستهتز هذه الثقة. ترى ما هو المنحنى الذي سيسلكه التعافي من هذه الأزمة؟ المسلك الياباني في أعوام التسعينيات من العقد الماضي أم المسلك الكوري والشرق آسيوي 1997-1998 أم المسلك الأرجنتيني 2001- 2002؟ أو هو مسلك جديد؟ هذا ما ستكشف عنه الأسابيع أو الأشهر أو السنوات المقبلة! نقلاً عن واشنطن بوست
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©