الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دبي.. ثمرة السياسة الحرّة

دبي.. ثمرة السياسة الحرّة
26 مارس 2014 19:42
بالشعر لا بغيره، تدخلك دبيّ إلى ذاكرتها، تفتح لك بوابات تاريخها المضمّخ بالسَّنا والضوء.. تأخذك من يدك لتسلّمكَ ببيتين مفتاح ذاكرتها الأولى.. أما البيت الأول فهو بيت من الشعر يقول: ألا يا دار لا يدخلكِ حزنٌ ولا يغدر بصاحبكِ الزمان وأما البيت الثاني، فهو بيت من حجر هو بيت الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم حاكم إمارة دبي من (1912 ـ 1958)، الذي حفر على بابه هذا البيت الشعري، والذي اختير بعناية ليكون «متحف الوثائق والصور التاريخية لإمارة دبي» في منطقة الشندغة كواحدة من أقدم الأحياء المعمورة في إمارة دبي؛ حيث يعتبر عام 1886 هو تاريخ أول استقرار أو بناء سكني مستقر من عهد حكم الشيخ مكتوم بن حشر آل مكتوم (1894 ـ 1906)، الذي أسس البيت عام 1896، ليضيف إليه الشيخ سعيد الطابق العلوي، رحمهما الله. عبدالله عبدالرحمن* بين جنبات هذا البيت العريق ترحل في سنوات من سكن العائلة الحاكمة فيه، بما تعنيه من حفاوة الإعمار الفاعل في مسيرة تاريخ دبي، وفي موقع استراتيجي بارز كان قد وجَّه دفة الحركة والحياة طوال (64) سنة عامرة من عمر التاريخ المعاصر للإمارة. إذ بقيام هذا الصرح المعماري التاريخي ستصبح (الشندغة) مركزا للحكم والإمارة ومأهولة بمساكن (الطواشين) و(النواخذة) والمهتمين بالمهن البحرية للغوص والملاحة والنقل البحري الخارجي وصناعة السفن. ولقد تم اختيار هذا الموقع اليوم ليكون شاهداً على التراث والتاريخ العريق لأهل دبي بين الماضي والحاضر والمستقبل. لقد كان البيت منذ قيامه عام 1896 عامراً بشيوخ العائلة وأبنائهم حتى انتقال الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي من (1958 - 1990) إلى مقره الجديد في بر دبي، ليبقى البيت خالياً إلا من صدى الذكريات وشموخ الأصالة، ويعكس هذا المبنى هندسة العمارة الخليجية القائمة في المنطقة منذ أكثر من ألف عام، من جهة أخرى يشير المختصون إلى عدم وجود شبيه للبيت في المجتمعات الأخرى التي تعامل معها أهل دبي في الماضي؛ فلا مثيل له في الهند ولا إيران ولا شرق أفريقيا، وأن البيت يمثل تطوراً للأنماط المعمارية التي قد نلاحظها في البيئات المحلية لتلك المجتمعات، وفيه أيضاً الأطر الفنية المعمارية المتطورة من مهارات المجتمعات التجارية التي كانت بدورها قد اختارت هذا من مناطق تجارية أوسع، والتي جرى تطويعها لتناسب الحياة الدينية الإسلامية والحياة الاجتماعية العربية للعائلة، بل تم تطويعها لتناسب مناخ دبي الذي يتميز بارتفاع درجة الحرارة ونسبة الرطوبة على مدار العام. وقفة تاريخية سواء جئت إليها مشياً على الأقدام، أو ركوباً على ظهور الخيل أو الإبل، أم ملاحة بين ضفتي خور دبي، أو من جهة حوض الخليج العربي، فإن الارتحال مع ذاكرة الزمن إلى (الشندغة) يستوقفك وثائقياً مع معالم واضحة على (خارطة مدينة دبي لعام 1822 المطلة على الخور بضفتيه)، وهي مصورة من الوثائق البريطانية عن الخليج العربي. على هذه الخارطة تبدو (الشندغة) ساحلاً رملياً خالياً من العمران، أو النخيل على الضفاف الشمالية الغربية للخور في برّ دبي. هكذا ترسمها الخارطة في مواجهة مكشوفة مباشرة مع الضفتين الشرقية والجنوبية الشرقية للخور في برّ ديرة. ثم إطلالة شمالية وشمالية غربية على رحاب الخليج العربي يمتد بها الاتجاه الجنوبي إلى رحاب سهل ساحلي فسيح وغير مأهول ينفتح على مدّ البصر نحو البر. وعن ذلك الزمن البعيد ثمة إشارات لذاكرة التاريخ تؤكد استخدام الصيادين للخور في مجموعات كانت تسكن الصحراء المجاورة، وحسب بعض التقديرات، فإن إمارة دبي كانت مأهولة بالسكان منذ وقت مبكر يعود إلى عام 1820 وفي منتصف الربع الأخير من القرن التاسع عشر كان اسم دبي قد أخذ يتردد كموقع حيوي في وسط الخليج، حيث كان لانتقال عدد كبير من الناس إلى بر ديرة وإقامتهم فيها دور فعال في تزايد أهمية الخور كشريان حيوي للمدينة، وعندما تحولت دبي بعد ذلك إلى مدينة ومركز للتجمع السكاني في النصف الأول من القرن التاسع عشر أصبحت تنقسم إلى ثلاثة أجزاء رئيسية، هي: (الشندغة) و(برّ دبي) و(برّ ديرة). جذور الازدهار صدى الذكريات تتردّد أنفاساً حيّة في صدر البيت، لتعلن عن ماضي الحياة وحيوية فعالياتها الخصبة التي رافقت إنشاء هذا البناء الشامخ قبل قرن من الزمان بالتحديد، على يد الشيخ مكتوم بن حشر آل مكتوم- حاكم دبي من (1894 ـ 1906)، الذي يعيدنا عهده إلى سنوات ازدهار تجارة اللؤلؤ في أواخر القرن التاسع عشر، والتي استمرت حتى الأزمة الاقتصادية الدولية عام 1928. في تلك المرحلة كانت إمارة دبي تمتلك أسطولاً كبيراً للغوص بلغ قوامه (335 سفينة)، وكانت الضرائب المفروضة على السفن هي أحد مصادر الدخل المهمة، وقد أعان ذلك في تنظيم الكثير من الشؤون الداخلية للبلاد والقبائل والبادية. وبرز في ذلك العهد العديد من التجار الذين اكتسبوا مكانة كبيرة لدى الشيوخ، وساهموا في دعم العديد من المشروعات الأمنية والسياسية والثقافية والاقتصادية والإعمارية في الإمارة. والجدير بالذكر أن الخليج العربي بصفة عامة، وإمارة دبي بصفة خاصة، كانت قد ارتبطت بالحركة الثقافية في كل من مصر وساحل الشام، وذلك بعد فتح قناة السويس عام (1869) وبالتالي ازدياد نشاط خطوط الملاحة البريطانية القادمة من لندن عبر قناة السويس إلى بومباي، ثم منها إلى دبي أثناء رحلاتها في الخليج، وقد تدفقت الكتب العربية المطبوعة من القاهرة على المنطقة، وجاءت مع السفن التجارية إلى الخليج الصحف اليومية والمجلات الأدبية، وبدأت المراسلات البريدية من البراعم النامية في الساحل إلى الأدباء والكتاب العرب في الخارج. كما كان ظهور ونمو ميناء دبي عام 1903 كميناء رئيسي على الساحل أحد مظاهر التطورات الاقتصادية المهمة في بداية القرن العشرين. وأصبح لانتظام الرحلات الملاحية نصف الشهرية بين دبي وبومباي عام 1903 أثره في الانفتاح والنهضة الثقافية محلياً، كما مثّل فتح الخط الصحراوي بين بغداد ودمشق عام 1924 شرياناً جديداً إلى الخليج تدفقت منه الكتب والصحف والمجلات والثقافة العربية. وقد تكاثر في الساحل عدد (البانيان) الهنود بعد عام 1885 كوكلاء وعملاء للشركات البريطانية والهندية في بومباي، وقدر عددهم في دبي بنحو (52 شخصاً) بينما كان عدد الإيرانيين حينها (550 شخصاً) وفقا لتقرير حاجي عبد اللطيف السركال ، الوكيل السياسي عام (1901) والموجه للوكيل السياسي في بوشهر. هكذا بكل تأكيد حق للباحثين والمؤرخين إرجاع جذور الازدهار في دبي إلى عهد الشيخ مكتوم بن حشر آل مكتوم حاكم دبي، بين (1894 - 1906) الذي اتبع سياسة مستنيرة ومنفتحة جذبت التجار الذين ازداد عددهم ليبلغ (6000 تاجر) من مجموع 10 آلاف نسمة هم سكان المدينة. فيما قدر آخرون، ومنهم المبشر الأميركي (صموئيل زويمر) عدد سكانها بـ 15 ألف نسمة، وهو رقم يضاهي ثلاثة أضعاف التقدير الذي نشر في الدليل الصادر عن الجريدة البريطانية في عام 1890، ما يدل على حدوث نمو سريع في حياة الإمارة. لقد كانت معظم تجارة الإمارات مع الهند تصلها عن طريق ميناء (لنجة) في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ولكن بعد عام 1903، عندما أصبحت شركات الملاحة التجارية تفد إلى دبي كل أسبوعين أثناء رحلاتها في الخليج تطور ميناء دبي، وأصبح ميناء رئيسياً يأتي في المرتبة الثانية بعد البحرين في المنطقة. واحتلت دبي في الترانزيت مكانة (لنجة) في الماضي، ويشرح لنا الرحالة الألماني بوكهارت (زار دبي في فبراير 1904) بعض العوامل الأخرى التي أسهمت في ازدهار ميناء وتجارة دبي في ذلك الوقت: «إن شيخ دبي قد ألغى ضريبة الخمسة في المائة على التجارة، وأعلن دبي ميناء حراً، ولهذا لم يندهش حينما رأى البضائع الألمانية والبريطانية متوافرة بكميات كبيرة في أسواق دبي». وأوضح بوركهارت «أن تدفق المهاجرين من لنجة الذين اجتذبهم حاكم دبي بسياسته الذكية، قد تسبب في ارتفاع إيجارات المساكن وأعمال التجارة، واستفاد الحاكم والمواطنون من هذه الظاهرة، وجنوا من ورائها الربح الوفير»، ومن عوامل الانتعاش والازدهار الاقتصادي والثقافي والحضاري في إمارة دبي، خلال عهد الشيخ مكتوم بن حشر يذكر الدور الذي لعبته بومباي منذ نهاية القرن التاسع عشر، وما بعد ذلك في نقل صورة عن الحياة الغربية والحضارية الأوروبية إلى الخليج، وكانت بومباي المركز الرئيسي للعلاج لأهل الخليج، وكان لقاء التجار العرب في بومباي مدرسة سياسية وأدبية، خاصة وأن الكثير من الأحرار والمفكرين العرب قضوا فيها بعض الوقت، وقد كان لهذه الثقافة العربية الجديدة في مجتمع تجار اللؤلؤ الخليجيين في بومباي أثرها في استجابتهم لدواعي النهضة التي تحركت في جسد الأمة العربية، والذي تجسد في رعاية هؤلاء التجار للتعليم وإنشائهم للمدارس. ففي عام 1903 أنشئت ثلاث مدارس مهمة في الساحل منها «الأحمدية» في دبي التي لعبت دوراً في تاريخ التعليم في إمارة دبي والساحل بصفة عامة. وشهدت فترة الحرب العالمية الأولى وما بعدها افتتاح ثلاث مدارس في دبي هي: «الفلاحية» و«السعادة» و«الحديثة»، ولما كان الإنفاق على هذه المدارس قد اعتمد على ازدهار تجارة اللؤلؤ، فإن كثيراً منها أغلقت مع كساد هذه التجارة، وحينما تحسنت الأحوال المالية بعض الشيء في أواخر الثلاثينيات عادت مدارس قليلة للعمل. تلك الملامح العامة الأساسية الموجزة لصورة الحركة الاقتصادية والثقافية والديموغرافية والبيئية في دبي ترسمها لنا ذاكرة بيت العائلة الحاكمة، حيث (متحف الصور والوثائق التاريخية لإمارة دبي). وهي الفترة المحصورة بين أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. انطلاقة جديدة والمعروف أنه بعد وفاة الشيخ مكتوم بن حشر آل مكتوم، تولى حكم الإمارة لسنوات قصيرة ابن عمه الشيخ بطي بن سهيل، ليخلفه الشيخ سعيد بن مكتوم الذي حكم من (1912 إلى 1958)، الذي دخلت دبي في عهده انطلاقة جديدة عززت من مكانتها الاقتصادية والتجارية خاصة. فقد استطاع خلال فترة حكمه الطويلة (46 سنة) أن يشيع الاستقرار ويضع الأسس الراسخة للازدهار والتنمية اللذين عرفتهما دبي في السنوات والعقود اللاحقة، وتمكن أن يجنبها العديد من المخاطر والأزمات التي نجمت عن قيام الحرب العالمية الأولى سنة 1914، وبالالتفات إلى الأوضاع الاقتصادية في المنطقة أوائل القرن الماضي، فإن أولى التقارير عن الكساد المالي، وهبوط تجارة اللؤلؤ جاء في يوليو 1929 حينما لم تستطع ستون سفينة في دبي الذهاب إلى موسم الغوص بسبب عدم تسديد الديون ورفض البانيان تمويل هذه السفن. وأعلن بعض التجار إفلاسهم (محمد بن بيات)، وبعضهم يرزح تحت الدين (محمد بن أحمد بن دلموك)، وذلك لأن بيع اللؤلؤ لم ينجح كثيراً في باريس، وكان عام 1930 أصعب من العام الذي سبقه على تجارة اللؤلؤ. وكان لهذه الحالة المالية السيئة أثرها المباشر ليس فقط على طبقة التجار، ولكن على الموارد المالية للحاكم، ولكن حدثت تطورات جديدة عملت على تحسين الأوضاع المالية في الساحل، حيث تحسن الموقف المالي العالمي بعد الأزمة الخانقة أوائل الثلاثينيات. بالإضافة إلى ظهور مصادر دخل جديدة، حيث أصبحت دبي محطة تتزود منها الطائرات بالوقود، وأنشئت مخازن ضخمة لتموين طائرات مطار الشارقة بالوقود. ولقد أحدث عقد امتيازات البترول بين الإمارات وشركة بترول الساحل المهادن خلال الأعوام 1927-1939 تحسناً كذلك في الوضع المالي لشيوخ الإمارات. ومع أن إيرادات البترول لم تكن في أول الأمر كبيرة، إلا أنها كانت البداية لفترة ازدهار مقبلة بعد ثلاثين عاما. لقد شهدت دبي في أواخر الثلاثينيات من عهد الشيخ سعيد بن مكتوم حماساً زائداً لإنشاء إدارة منظمة للمدينة، وتحققت الكثير من الإصلاحات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فيها، وكان الاهتمام مركزاً حول إنعاش الحياة التجارية في دبي، وخاصة الميناء. واختير موظفون أكفاء لتنظيم الخدمات الجمركية في دبي وديرة، وفرضت ضريبة مقدارها 2? على البضائع المستوردة. وتم تخفيض جزء من دخل الميناء لتمويل مشروعات البلدية والتعليم وأنشئ مجلس خاص لكل منهما. ولما كان دخل الجمارك لا يكفي لتغطية تكاليف المشروعات الطموحة التي كان هدفها توسيع الميناء وتجميل المدينة تم تدبير إعانة مالية تؤخذ من قيمة امتياز البترول ومن قيمة الاتفاقية الجوية. وخصصت مساعدات مالية للعاجزين والمسنين في إطار الإصلاحات الاجتماعية. ثمار السياسة الحرة بدأت دبي خلال الثلث الأول من القرن العشرين تجني ثمار السياسة التجارية الحرة، فشهدت نمواً وازدهاراً كبيرين في مختلف جوانب الحياة. وهذا ما لاحظه لوريمر في كتابه (دليل الخليج)، حيث وصف دبي قائلاً: «إنها من الموانئ التجارية الكبيرة في المنطقة، وتأتي إليها السفن بانتظام، وصادراتها هي اللؤلؤ والأصداف والأسماك المجففة أما الواردات فهي التمور من البصرة والأزر والقمح والسكر والتوابل وكلها من الهند، وأن كثيراً من الواردات تتجه إلى الداخل، خاصة إلى واحة البريمي وعمان»، أما البريطاني ادوارد هندرسون الذي ارتبطت حياته بالمنطقة منذ أن وصل إليها عام 1948 فإنه سجل في كتابه «ذكريات عن الأيام الخوالي في دولة الإمارات وعمان» ملاحظات عن دبي، فذكر أنه كان فيها 24 سيارة، ورسم صورة للحركة عند الشاطئ الذي كانت تجوبه مراكب الجالبوت والبوم، كما أسهب المؤلف في وصف أسواق دبي ونظام التعامل فيها وألوان التجارة. ووصف مشهد سفن الغوص العائدة من رحلة لصيد اللؤلؤ في خريف 1949م قدرها بعشرة مراكب كبيرة، وعدد آخر من المراكب الصغيرة، وأشار إلى أن هذه المجموعة كانت آخر أسطول غوص بحري رئيسي ينطلق من دبي، بسبب كساد سوق اللؤلؤ الطبيعي. في تلك السنوات لم تكن رقعة نواة المدينة التي نمت حول الخور تزيد على 2 كيلومتر مربع وبامتداد بلغ حوالي نصف كيلومتر، وضمت تلك النواة المدينة القديمة الحالية بأحيائها التقليدية التجارية وأنماط سكنها المختلط، ولما كانت طبوغرافية المدينة منبسطة لا يزيد ارتفاعها على المترين فقط فوق سطح البحر، لم يكن هناك عائق طبيعي يحول دون امتداد المدينة، سواءً على امتداد الخور، أو حول نواتها القديمة التي اتسعت في جميع الاتجاهات باستثناء البحر ناحية الشمال حتى وصلت إلى مساحة 3 كيلومترات مربعة في عام 1955 وإلى 6 كيلومترات مربعة في عام 1965. ويمكن تتبع التطور الإعماري في مدينة دبي خلال عهد الشيخ سعيد بن مكتوم كالتالي: ? 1935 - الأحياء التي كانت تضمها نواة المدينة في ديرة هي: منطقة نايف وسوق السبخة وسوق سكة الخيل. وفي دبي هي: البستكية وجنوب المقبرة وإلى الشمال قصر الحاكم. ? 1945- في ديرة: سوق المال، والسوق الكبير، والبطين، وفي دبي وصل الاتساع ليشمل الشندغة، الغبيبة ومنطقة الفهيدي وقلعتها القديمة والمصلى. ? 1955- في ديرة: منطقة الرقة - غرب وهنا توقف امتداد المدينة لوجود المقبرة، ولهذا اتجه النمو ناحية الشمال باتجاه دبي، فالامتداد وصل إلى الحمرية الرفاعة في منطقة الساحل الشمالي، ويتذكر بعض من أدركوا دبي القديمة أن المنطقة الممتدة من موقع المطار الحالي في الجنوب وحتى خور الخان شمالاً كانت عبارة عن واحات كثيفة من النخيل قبل أن يمتد إليها العمران. التغيرات بين أعوام 1945 و1971 بعد الحرب العالمية الثانية وفي أوائل الخمسينيات، شملت العالم العربي كله حركة تحرر من الاستعمار، وصاحب هذه الحركة اتجاهات للإصلاح الاجتماعي والنهوض الثقافي، وسرعان ما انعكست آثار التغيير في العالم العربي على الخليج في الساحل المتصالح حيث ظهرت بعض علامات التغيير والنهضة، وبدأ تصميم سكان الإمارات على تحسين أحوالهم الاقتصادية والثقافية، وكانت هذه الرغبة في النهضة والرقي هي العامل الأول الذي أدى إلى التغيرات التي حدثت في الإمارات المتصالحة بين عام 1945-1971، وقد قسم الباحثون هذه المرحلة الجديدة من (1945 إلى 1971) إلى ثلاث فترات على أساس سرعة التغيير وميادين النشاط؛ الأولى تقع من نهاية الحرب العالمية إلى نهاية الخمسينيات، والثانية من (1960 إلى 1966)، حينما تولى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حكم إمارة أبوظبي، والثالثة من 1966 إلى قيام الاتحاد بين الإمارات في ديسمبر 1971. في الفترة الأولى بين (1945-1959) كانت الموارد محدودة، ولهذا كان التغيير بطيئاً، وقد حدثت خلال الفترة الأولى المبكرة تطورات أساسية، وهي بدء التعليم الحديث، وبدايات نمو دبي الحديثة. في تلك الفترة استطاع الشيخ راشد بن سعيد وكان ولياً للعهد أن يبدأ خطواته في بناء دبي الحديثة بطريقته الخاصة. وفي بداية هذه الفترة في عام 1946 افتتح البنك البريطاني للشرق الأوسط أول فرع له في الساحل المتصالح، وأنشأ فرعه في دبي، ثم كان إنشاء مستشفى آل مكتوم عام 1949 وكان مشروعاً مشتركاً بين البريطانيين وبين حاكم دبي الشيخ سعيد بن مكتوم. وأصبحت دبي بذلك المركز الوحيد للعلاج الطبي الحديث خلال الخمسينيات، وقد جعل نقل الوكالة البريطانية من الشارقة إلى دبي عام 1954 من مدينة دبي مركز ثقل سياسي، ولما كان سر تقدم دبي في بداية القرن العشرين هو نشاطها التجاري ومرور خط الملاحة الهندي البريطاني بها منذ عام 1903، فقد وجه الشيخ راشد بن سعيد اهتماماً بتطوير الميناء ليصبح مصدر دخل المشروعات الإصلاحية. وقد اقترض الشيخ راشد أواخر الخمسينيات أربعمائة ألف دينار من الكويت ليجدد الميناء (الخور) وينظفه من الصخور. وفي عام 1956 أنشئت أول قوة للشرطة في دبي كما بدأ بها أول محكمة تابعة للمعتمدية، وانتدبت مديراً لإدارة الجمارك من البحرين، وخلال سنوات أصبحت دبي سوقاً للساحل المتصالح وداخل عمان، وتكدست بها بضائع الشرق الأقصى، وذلك بفضل التطورات الحديثة في الميناء التي استمرت طوال الستينيات. وفي عام 1957 أنشئت بلدية دبي الحديثة، وهي الإدارة التي حققت إنجازات كبيرة في المدينة. وقد شجع حاكم دبي القطاع الخاص في دبي لمعاونته في تطوير المدينة وفي 1957 أنشأت شركة كهرباء دبي، وبعد عامين دخل البرق والتليفون إلى دبي وفي هذه السنوات قامت مشروعات خط أنابيب للمياه من آبار منطقة العوير إلى المدينة وإنشاء شبكة من الشوارع المرصوفة داخل المدينة، وكذلك إنشاء جسر يربط ديرة بمدينة دبي. وفي عام 1958 أنشئ أول مطار حديث في دبي، وأصبحت دبي مركز السفر الرئيسي للإمارات... وانطلقت عجلة التحديث بوتائر متسارعة لتصوغ قسمات دبي الحديثة وتكتب سيرة مدينة منفتحة كما البحر.. ثرية كما ميناء عابق بأسفار الحضارات. * إعلامي وباحث – الإمارات
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©