الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بريطانيا... سيناريوهات ما بعد الانتخابات

بريطانيا... سيناريوهات ما بعد الانتخابات
8 مايو 2010 23:04
تتهيأ بريطانيا لدخول نهاية الأسبوع الجاري بدون قائد جديد في وقت سارع فيه ديفيد كاميرون، زعيم حزب "المحافظين"، إلى رسم ملامح حكومة قادرة على العمل عقب الانتخابات الأخيرة التي أفرزت أحد أسوأ البرلمانات البريطانية تركيبة منذ عقود، فقد أظهرت النتائج النهائية لانتخابات يوم الخميس الماضي خسارة واضحة لحزب "العمال" تعتبر هي الأسوأ منذ ثمانين عاماً، وعلى رغم تقدم "المحافظين" في الانتخابات إلا أن فوزهم لم يؤمِّن أغلبية المقاعد في البرلمان التي تسمح لهم بتشكيل الحكومة، وهو ما أفضى إلى برلمان معلق بعد 13 سنة من حكم "العمال"، والنتيجة أن كاميرون وبراون أعلن كل منهما نيته عقد اتفاق مع نيكولا كليج، زعيم حزب "الديمقراطيين الأحرار" في ماراثون تنافس واضح على السلطة. غير أن كليج، وفي ضربة موجهة إلى براون، أكد نيته التفاوض مع "المحافظين" أولا. والحقيقة أن الضغوط تتكاثف الآن على الأحزاب جميعاً للتصرف بسرعة كبيرة، لاسيما في ظل المخاوف التي أثارتها أزمة ديون اليونان واحتمال دخول الأزمة المالية مرحلة جديدة، كما أن الجمود السياسي الذي يأتي في وقت ترزح فيه بريطانيا تحت وطأة الديون الثقيلة أجج المخاوف من ارتباك المستثمرين وإحجامهم عن ضخ السيولة التي تحتاجها المملكة المتحدة، فقد تراجع الجنيه الإسترليني يوم الجمعة الماضي إلى أدنى مستوى له خلال السنة الجارية مقارنة بالدولار، بل إنه انخفض حتى أمام "اليورو" المترنح أصلا، هذا في الوقت الذي خسرت فيه سوق الأسهم المحلية البريطانية أكثر من 4 في المئة، ناهيك عن الضغوط التي تتعرض لها السندات البريطانية. وإذا لم يحدث اختراق في الوضع السياسي الراهن فمن غير المستبعد اتساع الاضطراب المالي خلال الأسبوع المقبل، إلى حدود غير مأمونة. ولعل من أكثر السيناريوهات التي تواجهها بريطانيا احتمالا عودة "المحافظين" إلى السلطة حتى وإن كان ذلك بصفة مؤقتة، وفي هذا الإطار قدم زعيمهم كاميرون، عرضاً لتقاسم السلطة إلى كليج الذي قلب حزبه المشهد السياسي البريطاني رأساً على عقب، مشيراً إلى ضرورة الإسراع لمواجهة الوضع الاقتصادي المتأزم. ومع أن الصعود الكبير لحزب "الديمقراطيين الأحرار" لم يحقق ما كان متوقعاً بعدما فقدوا خمسة مقاعد يوم الخميس الماضي، إلا أن بروزه كحزب ثالث جعله يمسك بيديه موازين الحكم في بريطانيا. وكان كاميرون قد تحدث إلى كليج هاتفياً يوم الجمعة المنصرم واتفقا على مواصلة المناقشات، لكنهما التقيا وجهاً لوجه في ساعة متأخرة من اليوم نفسه لإطلاق المباحثات دون أن يتضح ما إذا كان الحزبان يقتسمان فعلاً أرضية مشتركة قد توصلهما إلى اتفاق. وفي هذا السياق أصر كاميرون على التركيز في الوقت الحالي على هدف خفض عجز الميزانية التي تكاد تنافس اليوم العجز اليوناني، حيث صرح في مؤتمر صحفي بأن "المصلحة الوطنية واضحة -العالم ينتظر من بريطانيا أن تتحرك على نحو حاسم، ولذا يتعين على الحكومة الجديدة الإمساك بأسباب العجز وتفادي الكارثة الاقتصادية الناجمة عن تأخير التحرك الحاسم الذي يتعين علينا اتخاذه". وأشار كاميرون أيضاً إلى العرض "الكبير والمنفتح والشامل" الذي تقدم به، قائلا إنه لن يخضع لمقترحات "الديمقراطيين الأحرار" المطالبة بإعادة النظر في قوة الردع النووي البريطانية، أو تمتيع المهاجرين غير الشرعيين بعفو جزئي، أو السير قدماً في الاندماج مع الاتحاد الأوروبي كما يريد ذلك "الديمقراطيون الأحرار"، وإن كان كاميرون ترك الباب موارباً بالنسبة للإصلاح الانتخابي الذي يطالب به كليج. ويرى "الديمقراطيون الأحرار" في إعادة رسم خريطة النظام الانتخابي الحالي كسراً لهيمنة الحزبين التقليديين على الساحة السياسية، ولكن كاميرون سيواجه ضغوطاً داخل حزبه لمنع إعطاء الكثير في هذا المجال لأن إصلاحاً شاملا للنظام الانتخابي سيحول دون وصول أغلبية محافظة إلى السلطة، وفي المقابل اقترح بعض "المحافظين" إمكانية تطعيم الحكومة القادمة ببعض المناصب الوزارية المخصصة لـ"الديمقراطيين الأحرار"، وعن هذا الموضوع علق "جون ميجور"، آخر رئيس وزراء محافظ وأحد الشخصيات البارزة في الحزب قائلا: "إن الأمر المهم حاليّاً هو معالجة المشاكل التي يعرفها الاقتصاد، لأنها مشاكل خطيرة"، وأضاف "ميجور" الذي خسر انتخابات عام 1997 أمام بلير "إذا كان ثمن ذلك دخول واحد أو اثنين من الديمقراطيين الأحرار إلى الحكومة، فهو ثمن يصب في صالح المصلحة الوطنية العليا، وأنا شخصيّاً مستعد لقبوله". ومن جانبه ترك كليج الباب مفتوحاً أمام إمكانية التوصل إلى صفقة مع أحد الحزبين، مؤكداً أنه سيفاوض أولا "المحافظين" بالنظر إلى النتيجة التي أحرزوها في الانتخابات، لكن مع ذلك يبدو أن احتمال الدخول في ائتلاف رسمي يبقى أقل رجوحاً مقارنة بتفاهم فضفاض بين الحزبين، لاسيما بعدما تعهد "الديمقراطيون الأحرار" بعدم معارضة "المحافظين" في القضايا الأساسية مقابل ضمانات يحصلون عليها بشأن قضايا أخرى. ويمكن لـ"المحافظين" أيضاً تعزيز صفقتهم لتولي السلطة بعقد اتفاقات مماثلة مع أحزاب إقليمية سواء في أيرلندا الشمالية، أو في بلاد الغال وأسكتلندا، ولكن كاميرون ألمح إلى أنه إذا لم يتوصل إلى اتفاق فإنه سيذهب قدماً نحو تشكيل حكومة أقلية لا يُعتقد في جميع الأحوال أنها ستلاقي نجاحاً كبيراً في بريطانيا على رغم اعتمادها في بلدان أوروبية أخرى، حيث سبق لبريطانيا تجريب حكومة أقلية في عام 1974 غير أنها لم تعمر سوى ثمانية أشهر. أنتوني فايولا ودان بالز - لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©