الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أزمة ديون دول «منطقة اليورو» إلى أين؟

أزمة ديون دول «منطقة اليورو» إلى أين؟
8 مايو 2010 22:32
بعد أن هدأت أزمة الديون السيادية في اليونان لعدة أشهر عادت للغليان مرة أخرى. ولم تعد جهود الإنقاذ المبذولة من قبل صندوق النقد الدولي، ودول منطقة اليورو البالغة 60 مليار دولار، كافية لإقناع العديد من مستثمري القطاع الخاص للحصول على السندات اليونانية العامة. وكانت معارضة ألمانيا للمساعدات بمثابة دليل على انعدام ثقة السوق، بعد أن قامت “ستاندرد أند بورز” بخفض التصنيف اليوناني في 27 أبريل إلى (+ BB)، والذي يعتبر دون الدرجة التي ينبغي أن تتوفر لقيام الاستثمارات. كما خفضت استاندرد تصنيفها لكل من البرتغال وأسبانيا إلى - A، وAA على التوالي. وعندما قامت “ستاندرد” بتصنيف السندات، كسندات عالية الفوائد ومرتفعة المخاطر، تكون قد قدّمت تقديراً “لمعدل التعافي” المحتمل في حالة حدوث الأسوأ. وذكرت أن حاملي السندات ربما يسترجعون 30 إلى 50% من القيمة الأصلية في حالة قيام اليونان بإعادة هيكلة الديون أو التأخير في سدادها. وفي 28 أبريل قفزت الفائدة على السندات التي مدتها 10 سنوات 11%، وعلى التي مدتها سنتين 19%.وتسبب ذلك في إحداث هلع في أسواق السندات، فقفزت نسبة الاقتراض في البرتغال. وإذا لم تكن وتيرة الانقاذ بطيئة، لكانت هُناك فرصة بالرغم من ضآلتها، في أن يعود المستثمرون لليونان وبنسب فوائد معقولة. وما لم يتحمله حاملو السندات هو عدم إيفاء جهات الانقاذ بوعودها، بالرغم من أن ألمانيا ربما توافق على نصيبها من المساعدات في غضون هذا الشهر. بالإضافة إلى ذلك، قد لا يكون في مقدور اليونان هضم برنامج الميزانية، وخطة الاصلاح الاقتصادي اللذين يطرحهما صندوق النقد الدولي أوائل هذا الشهر، وتعتمد عليهما صناديق الانقاذ في دول منطقة اليورو. علاوة على ذلك، وحتى في حالة عمل البرنامج بسلاسة فإن استمرار الديون في الارتفاع، سيكون أكبر من أن يتحملها الاقتصاد اليوناني المتهالك. وتشير تحليلات إيكونوميست الأولية إلى ارتفاع ديون الحكومة اليونانية إلى 149% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2014 حتى في ظل نجاح برنامج تخفيض الميزانية. وتفترض التحليلات احتفاظ اليونان بتخفيض في عجز ميزانيتها المبدئي يصل إلى 12%، وهذا يعتمد على نسبة فائدة تفرضها دول المنطقة الأعضاء قدرها 5% على الاقتراضات الجديدة.. كما تؤدي زيادة معدلات الخفض لاطالة فترة الركود الاقتصادي في اليونان، وأن الأجور ستنخفض إذا أرادت الدولة الاحتفاظ بروح التنافس المطلوبة لعملية التعافي. وسيعمل كل من هذين التأثيرين على خفض القيمة الاسمية للناتج المحلي الاجمالي، وجعل التحكم في الأزمة أكثر صعوبة. والشيء الوحيد الذي يخرج اليونان من التخلف في سداد ديونها، هو التمويل المستمر من قبل صندوق النقد وبقية دول المنطقة. ويكفي مبلغ 45 مليار يورو الذي أعلن في 11 أبريل الماضي، لسداد الديون المستحقة (بما فيها 8,5 مليار يحل موعدها في 19 مايو الجاري)، وذلك لبقية العام 2010. لكن تحتاج اليونان لنفس هذا المبلغ في 2011، ولمبلغ مماثل فيما بعد. وفي المتوسط على اليونان سنوياً إعادة تمويل 40 مليار يورو من ديونها. أضف إلى ذلك 70 مليار يورو من الديون الجديدة التي ربما تحتاجها البلاد لتغطية تراكمات عجز الميزانية حتى 2014. كما سيؤدي تخلف اليونان عن سداد ديونها إلى انخفاض قيمة الديون العامة إلى النصف مما يشل حركة المصارف في البلاد. كما يتسبب ذلك في إحداث موجة من الهلع في أوروبا. ويقدر بنك التسويات الدولية حجم ديون البنوك الأجنبية على الحكومة اليونانية، بنحو 164 مليار يورو بنهاية العام الماضي، كما أن 213 مليار يورو من السندات الحكومية، في الخارج. وربما تسببت دول منطقة اليورو في تخلف اليونان عن سداد ديونها، حيث أرغمت المستثمرين الغير مصرفيين على الخسارة، كما استخدمت الأموال المرصودة لمساعدة اليونان لمصلحة بنوكها. وتعتمد اليونان على شركائها من دول الاتحاد الأوروبي لتمويل عجز ميزانيتها الذي يحتاج لبعض الوقت لينخفض من النسبة التي بلغها السنة الماضية عند 13,6% من الناتج المحلي الإجمالي. ويبدو أن ليس هناك خيارات مطروحة لليونان، غير تلك التي تطال أثارها الشركاء. ويبدو أن هُناك بلدان أخرى غير اليونان تحتاج يد المساعدة. وهُناك مخاوف كبيرة من الحالة السيئة التي بلغتها التمويلات العامة في البرتغال، وايرلندا، واسبانيا، وإيطاليا. وتعاني كل منهما مزيج من عجز الميزانية الكبير، والديون العامة، بالرغم من أنه لا تواجه أي منها حجم المشاكل المالية التي تواجهها اليونان. وتعود هذه المشاكل لعقد من الزمان عندما فاقت الأجور العائدات الانتاجية. وبتبنيها لعملة اليورو، لا يمكن لهذه البلدان معالجة هذه المشاكل عبر تخفيض قيمة العملة. وارتفعت فوائد سندات العشر سنوات في البرتغال إلى 5,7%، وهي أعلى نسبة منذ أكثر من عقد من الزمان، وبالرغم من أن عجز ميزانيتها بلغ 9,3% السنة الماضية، إلا أنه أقل من اليونان، كما أن ديونها العامة عند 77% أقل هي الأخرى. وتشترك البرتغال مع اليونان في ثلاث نقاط ضعف، الأولى أن اقتصادها صغير (أصغر من اقتصاد اليونان)، ويمثل 2% فقط من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو. والثانية: ضعف قدراتها التنافسية، حيث شهدت نمواً بطيئاً في ناتجها المحلي الاجمالي بلغ أقل من 1% بين 2001 و2008، كما أن نمو انتاجها ضعيف أيضاً. كما عمل نمو الأجور بنحو 3%، على تقويض قدراتها التنافسية المحدودة. وأخيراً، أدى متوسط العجز في حسابها الجاري الذي بلغ 9% بين 2001 إلى 2008، إلى النقطة الثالثة، وهي الديون الخارجية التي تثقل كل المؤسسات، والأسر، والحكومة. ويقدر صندوق النقد الدولي ديون البرتغال الخارجية في 2008، بنحو 96% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي النسبة التي تفوق فيها اليونان. وتمثل البنوك معظم هذه الديون بنحو 198 مليار يورو بنهاية العام الماضي، وهو ما يعادل 120% من الناتج المحلي الإجمالي. وبانتقال العدوى للبلدان الأخرى في المنطقة، تكون إسبانيا أكثر الدول المعرضة لها. وتتساوى في اعتمادها على التمويلات الخارجية مع اليونان. وبالرغم من أن ديونها العامة بلغت 53% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة الماضية، إلا أن موقفها أقل إثارة للقلق بين كل الدول الغنية الأخرى. ويقع على عاتقها إقناع المستثمرين الأجانب أن اقتصادها سينتعش دون الحاجة لائتمانات أخرى. هل ما يجري في اليونان دلالة على تراجع المستثمرين عن الديون السيادية؟ ويقول المدافعون عن أوروبا أن التمويلات العامة لدول منطقة اليورو، ليست أكثر سوءًا من تلك التي لدول أميركا، حيث يرجح صندوق النقد الدولي أن تبلغ الديون العامة في الأميركيتين 70% هذه السنة من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 68% لدول اليورو. عن «إيكونوميست»
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©