الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطائفية اللبنانية

17 أغسطس 2009 01:34
تُعتبر التعددية الدينية سمة رئيسية من سمات المجتمع اللبناني وعنصراً رئيسياً في نظامه السياسي الذي يتطلب توزيع المناصب الرئيسية في الدولة على المجموعات الدينية المختلفة. ورغم أن الكثيرين يشعرون أن حجم لبنان قد تعدى هذا الهيكل السياسي، فإن هذا النظام قد عمل بشكل جيد في الماضي. لذا يصبح السؤال الآن: كيف يمكن للبنانيين الاستمرار في العمل ضمن نظام كهذا وفي الوقت نفسه تقوية شعورهم بالهوية الوطنية؟ من السمات الإيجابية للنظام اللبناني، الذي يحتوي على ثماني عشرة مجموعة دينية معترف بها، هو أنه يسمح لكافة الفئات الدينية أن يكون لها تمثيل في الحكومة وفي إدارة الدولة والمساهمة في تطويرها. وقد وُضعت هذه المعادلة في معاهدة الاستقلال الوطني غير المكتوبة عام 1943، والتي نصت على أن الرئيس يكون مسيحياً مارونياً ينتخبه البرلمان، ويكون رئيس الوزراء سنياً ورئيس مجلس النواب شيعياً. وتتوزع المقاعد البرلمانية بنسبة 5:6 بين المسيحيين والمسلمين بالترتيب، وهي نسبة صمدت من حيث المبدأ حتى عام 1989. ويعتقد البعض أن الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990 اندلعت نتيجة لعدم ملاءمة النظام الطائفي لضمان تمثيل عادل لجميع الطوائف الدينية في الحكومة. وقد أدخلت اتفاقية الطائف عام 1989، والتي أنهت الحرب الأهلية، عدداً من التعديلات على النظام السياسي، منها مثلاً أن مقاعد البرلمان البالغ عددها 128 مقعداً أصبحت الآن مقسمة مناصفة بين المسيحيين والمسلمين. كذلك يتم تقسيم المقاعد بشكل إضافي ضمن هذه المجموعات، فيُعطى المسيحيون الموارنة مثلاً 34 مقعداً من مجموع المقاعد المسيحية الـ64، ويحصل السُنة والشيعة على 27 مقعداً لكل منهما، بينما تتوزع المقاعد العشرة المتبقية والمخصصة للمسلمين بين الدروز والعلويين. وقد حافظت الاتفاقية على توزيع المراكز السياسية الرئيسية، إلا أن الإصلاحات المؤسسية الحقيقية المصممة للحد من النواحي السلبية للطائفية كانت غائبة. وقد نصّت الاتفاقية على إنشاء مجلس وطني «لبحث واقتراح» أساليب لإزالة الطائفية من المؤسسات العامة، لكن هذا المجلس الوطني لم يُشكّل أبداً. وهذا أمر لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تغيير العمليات الانتخابية القائمة والثقافة السياسية السائدة في الدولة. ومن الأمور الحاسمة في عملية تغيير كهذه، عقد الانتخاب المباشر للأفراد في المناصب الحكومية، الأمر الذي يشجع على التواصل المباشر بين المواطنين اللبنانيين ومؤسساتهم الحكومية، بما فيها رئاسة الجمهورية. كما أن قيام الشعب بدلاً من البرلمان بانتخاب الرئيس سوف يقوّي العلاقة بين الاثنين ويعطي مكتب الرئيس شرعية إضافية ودعماً شعبياً. وتساهم مجموعات المجتمع المدني من خلال العمل على إشراك جميع المواطنين اللبنانيين في العملية السياسية في محاولة لإيجاد شعور شامل بالمواطَنة يغير الثقافة السياسية من خلال التأكيد على الهوية الوطنية وليس الهوية الطائفية فقط. وهناك بصفة خاصة حاجة لإطلاق برامج لتثقيف الطلبة حول النظام الانتخابي اللبناني، والتعامل مع غياب الوعي السياسي بين الشباب، الأمر الذي يؤدي بهم إلى التصويت عبر خطوط طائفية. ويجب أن تركز هذه البرامج على الطلبة والطالبات من الفئة العمرية ما قبل التصويت، على أن يأتوا من خلفيات دينية متنوعة. كما يجب تدريب الطلبة على استخدام منظمات المجتمع المدني من أجل المشاركة السياسية، حيث إنها تشكل الساحة الوحيدة الأكثر استقلالية في مجال الاهتمامات الطائفية... وذلك بهدف إيجاد مواطنين يشاركون في مجتمعهم الوطني. وهناك حاجة إلى المزيد من هذه الأنواع من المبادرات في لبنان، فإيجاد مواطنين مشاركين هو هدف يمكن لجميع اللبنانيين مساندته. لونا فرحات أستاذة في معهد الدراسات الإسلامية المسيحية بالجامعة اليسوعية في بيروت ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©