الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«البنتاجون».. ومعضلة الجاهزية

6 مايو 2017 22:50
في خضم تطورات متسارعة قد لا تفاجئ أحداً، برز اسم البنتاجون كمشارك فعلي في مناقشة الميزانية في الكونجرس. وقد لا يقل ثمن انتصاره في هذا التدخل عن فقد وزارة الدفاع لمصداقيتها. وتسلم البنتاجون مبلغاً إضافياً وصل إلى 15 مليار دولار في إطار فاتورة الإنفاق التي ستضمن الإبقاء على الحكومة مفتوحة حتى نهاية شهر سبتمبر. وحتى نتمكن من تصور القيمة الحقيقية لهذه الزيادة، نشير إلى أنها تعادل 1.5 بالمئة من أصل الميزانية الإجمالية المخصصة لتمويل البنتاجون وبقية أفرع دوائر الدفاع الوطني. وتبدو بعض المواقف الصادرة عن مختلف القادة العسكريين وأعضاء الكونجرس متفقة على أنه ما من شيء أكثر أهمية الآن وفي المستقبل من إضافة هذا المبلغ إلى ميزانية المؤسسة العسكرية الأميركية. ويتداول كبار الجنرالات وأعضاء لجان الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ الأحاديث حول ما أطلقوا عليه مصطلح «أزمة الاستعداد»، وحذروا من أنه وبعد 16 عاماُ من الحروب المتواصلة، أصبح كل من الجنود والمعدات التي يستخدمونها غير صالحة لمواجهة تهديدات محتملة من الصين وروسيا. ويكون من السهل إيراد أمثلة قليلة لتأييد هذا الحكم القطعي. وعلى سبيل المثال، شهد أدميرال في البحرية بأن ثلثي طائرات «إف إيه-18 هورنيت» بالإضافة للمقاتلات من طراز «سوبر هورنيت» لم تعد جاهزة لخوض المعارك. وهذا الطرح يتجاهل التوجه القائم لدى القيادات العسكرية نحو إخراج طائرات «هورنيت» تماماً من الخدمة وبأن البنتاجون طلب عام 2015 من الكونجرس استرجاع مبلغ 1.15 مليار دولار من خطة تمويل بناء نسخة جديدة من طائرة «السوبر هورنيت». وبالطبع، يمكننا أن نستنتج من ذلك أن التخطيط قصير النظر هو الذي خلق هذا القصور المؤقت في إنتاج الطائرات الفعالة على الرغم من أننا نعلم أن هناك العديد من الطائرات المقاتلة الأخرى في الجيش، وبأن شركة لوكهيد مارتن تعمل على بناء الجيل المقبل من الطائرة «إف-35 إس» وبأسرع وقت ممكن. وهناك انطباع سائد يشير إلى أن الإنفاق العسكري الأميركي أصبح في المستوى الذي يجب أن يكون عليه. وبمقارنته بحالة التضخم، يمكن القول أن الإنفاق مرتفع نسبياً. وبالرغم من أنه أخفض مما كان عليه أيام الحرب الباردة وفقاً لمقياس نسبته من أصل الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن الولايات المتحدة لا زالت تنفق على جيشها سنوياً أكثر مما تنفق الدول الثماني الأكثر إنفاقاً على جيوشها مجتمعة والتي تأتي بعد الولايات المتحدة. ويدفع البنتاجون أكثر من 100 مليار دولار سنوياً على شراء الطائرات والسفن الحربية والمدافع وبقية المعدات العسكرية. وفيما أدت الحروب في أفغانستان والعراق إلى مقتل عدد من الرجال والنساء الذين يرتدون اللباس العسكري الموحد واستنفدت الأسلحة التي يستخدمونها، بات من الشائع الاعتقاد بأن أميركا أصبحت في حالة أكبر عجز في مجال تخريج الجنود المدربين من ذوي الخبرة العالية والجاهزين لخوض المعارك منذ الحرب العالمية الثانية. وهناك الكثير من القضايا الخلافية العسكرية التي تتطلب إقامة حوار جاد بشأنها، ومنها مثلاً: إلى أي حد يمكن لقطاعات البحث والتطوير في التجهيزات ذات التكنولوجيا العالية مثل الطائرات من دون طيار والغواصات الموجهة عن بعد، أن تستنفد الأموال بأكثر من التجهيزات التقليدية؟، وكم من الوقت يلزم لابتداع المقومات اللازمة لخوض الحروب الافتراضية الخارقة «السايبروورز»؟. وهناك مشاكل أخرى أقل تعقيداً مثل النقص في أعداد الطيارين الأكفاء. ويضاف إلى كل ذلك أن الكونجرس والرئيس دونالد ترامب يحتاجان إلى اكتشاف طريقة للتخلص من قانون مراقبة الميزانية الذي يحدد سقف الإنفاق، وبما يجعل من الصعب جداً بالنسبة للبنتاجون وضع الخطط ذات المدى البعيد للمشتريات والاستحواذات العسكرية. وكان من المشجع أن نستمع للسيناتور جون ماكين، رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ عندما قال يوم الخميس الماضي إنه سوف «يجبر» النواب على التصويت لرفع السقوف المحددة للإنفاق. ويتحتم على المشرّعين وإدارة ترامب أن يتعاونا لتشريع قانون يسمح بوضع مهمة استخدام القوة العسكرية ضد تنظيم «داعش» الإرهابي ضمن إطارها القانوني السليم. إلا أنه لا يبدو أن هناك حواراً استخباراتياً حول أي من هذه القضايا أو بعض القضايا الأخرى التي يمكنها أن تحقق الاستقرار للمؤسسة العسكرية في هذا العالم المضطرب. ويبقى الموضوع الجدير بالفوز بأوسع نقاش في البنتاجون أو الكونجرس هو الذي يتعلق بمشكلة «الجاهزية الضعيفة» للقوات المسلحة، والتحذير من الاعتماد على «القوة الجوفاء». *كاتب ورجل أعمال وملياردير أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©