السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عقبات ترسيم الحدود

7 مايو 2010 23:44
اتفق شريكا الحكم الرئيسان في السودان، "المؤتمر الوطني" و"الحركة الشعبية"، على تكوين الحكومة المقبلة، رغم الاعتراضات التي أعلنتها المعارضة وضمنتها دلائل على تزويرٍ قالت إن الانتخابات الأخيرة شهدتها في حالات كثيرة. ولهذا فإن ما تبقى هو انعقاد البرلمان الجديد، وأداء رئيس الجمهورية القسم، ثم إعلان التشكيل الوزاري الذي سيحظى فيه "المؤتمر الوطني" بأغلبية قد تصل 70 في المائة. وقبل قيام الحكومة الجديدة، بدأ الاهتمام بالإعداد لأهم حدث يواجه السودان، وسيكون في يوم من أيام يناير المقبل سيتم تحديده لإجراء استفتاء يمكن أن يُبقي السودان على حدوده الحالية، أو قد يقطعه إلى شطرين، شمالي يمثل نحو ثلثي المساحة، وجنوبي يحتل الثلث الآخر. ونقطة البداية أو الأساس في أمر الاستفتاء هو تحديد حقيقة حدود السودان الشمالي والسودان الجنوبي، وهي قضية أكثر تعقيداً مما يتصوره كثيرون. والحقيقة الأولى في هذا الخصوص هي أن كلا الطرفين، الشمالي والجنوبي، يسعى إلى حيازة أكبر قدر ممكن من الأرض. صحيح أن الحدود كانت معروفة وواضحة عشية إعلان استقلال السودان في مطلع عام 1965. لكن تأكيد تلك الحدود والالتزام بها أصبح اليوم في حاجة إلى ما يؤكده مرة أخرى، لا سيما بعد ما طرأ على الأرض من تطورات. لقد شرع الفنيون في ترسيم الحدود بكل الوسائل المتاحة لهم، لكن القرار الفاصل يبقى بأيدي قادة الحكم من الشماليين والجنوبيين. وهنا لا بد من إيضاح أهم نقاط الخلاف بين الطرفين، والتي قد يمكن الاتفاق حولها، وهو ضروري، أو الاختلاف حولها مع ما يمكن أن يخلقه ذلك من أزمة جديدة تضاف إلى أزمات الخلاف بين الشريكين. هناك مثلاً قضية "أبيي" الحدودية بين الشمال والجنوب، والتي أدى الخلاف حولها إلى اللجوء في مرحلة أولى لرأي وسطاء أجانب لم يقبل به "المؤتمر الوطني"، ثم كان الاحتكام إلى مؤسسة دولية أصدرت رأيها المفصل. لكن كان الخلاف وما زال حول تنفيذ توصيات تلك المؤسسة. وليس سراً أن حقيقة وجود خام البترول في هذه البقعة هو الذي يجعل كل طرف يحرص على التمسك بها. وهناك أيضاً منطقة "حفرة النحاس"، وهي منطقة تقع في الحدود بين ولاية جنوب دارفور (الشمال) وولاية شمال بحر الغزال (الجنوب). ورغم أنه قيل بشكل واضح في عام 1956 إن تلك البقعة جزء من دارفور، إلا أن الجنوبيين فيما يبدو ليسوا على قناعة بذلك، ويقولون إنها جزء من الإقليم الجنوبي. وقد رأت الحكومة المركزية عند الاستقلال (وهي شمالية في الغالب) أن تجعل "حفرة النحاس" جزءاً من دارفور حتى لا يكون ثراؤها المعدني سبباً في ميل الجنوبيين يومذاك للانفصال عن الشمال. ويقول خبراء الجيولوجيا إن هذه المنطقة ليست غنية بمعدن النحاس وحده، بل أيضاً باليورانيوم سهل الاستخراج والذهب وغيرهما. ويقال كذلك إنها متصلة أرضياً بمنطقة "كاتنقا" الشهيرة في جمهورية الكنغو والتي كان ثراؤها واحداً من أسباب التكالب الدولي على ذاك القطر الأفريقي الذي لم ينعم بالاستقرار منذ استقلاله. وهناك أيضاً مناطق التماس بين الشمال والجنوب، حيث يتداخل الوجود القبلي والنزاع حول المراعي ومصادر المياه، لا سيما خلال فصل الصيف، وبسبب اعتماد كثير من القبائل الشمالية الرعوية في جنوب كردفان وجنوب دارفور على التحرك جنوباً في مناطق يقول الجنوبيون بأحقيتهم فيها. إن ترسيم الحدود والاتفاق عليها سيكون واحداً من أكثر المشكلات تعقيداً التي ستواجه شريكي الحكم، وقد يقتضي الأمر تدخلاً من جهة أو جهات أجنبية لا سيما وقد اتضح خلال الانتخابات الأخيرة، أن القوى الخارجية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، لا يهمها تحقيق الديمقراطية أو نزاهة الحكم بقدر ما يهمها التزام الحكم في الخرطوم بإجراء الاستفتاء على مصير الجنوب في الوقت المحدد، ونتائجه المرتقبة وهي الانفصال. محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©