مواطنون ومقيمون يرصدون «المشتري» في تظاهرة فلكية بأبوظبي

تابع عشرات المواطنين والمقيمين في أبوظبي ليلة أول من أمس الحدث الفلكي بوصول عملاق كواكب المجموعة الشمسية «المشتري» إلى وضعية التقابل المداري مع الشمس، إذ أتاح مرصد الإمارات الفلكي المتحرك الفرصة للجمهور متابعة هذا الحدث الاستثنائي عبر المراصد الفلكية في حديقة العائلة. وقال الناشط الفلكي نزار سلام رئيس مرصد الإمارات الفلكي المتحرك عضو الاتحاد العربي لعلوم الفلك والفضاء ، إن هذا الحدث الفلكي أتاح للجمهور مشاهدة كافة تفاصيل وجه المشتري بالإضافة الى رؤية أقماره الرئيسية الأربعة. وضواف «ولان الزاوية بين الشمس والمشتري هي 180 درجة فإنه يمكن رؤية الكوكب كالقمر ، كما يمكن رؤيته بالعين المجردة بشكل واضح رغم ارتفاع درجة التلوث الضوئي الناتج عن الغبار والأتربة». وبدأت عملية الرصد من الساعة الثامنة واستمرت لغاية الساعة الثانية عشرة والنصف بعد منتصف الليل ، إذ قدم فريق المرصد شرحا تفصيليا للجمهور عن طبيعة الحدث ، وبعض المعلومات الفلكية حول كوكب المشتري وأقماره الـ 63 والتي تعتبر 16 منها أقمارا معروفة، وأربعة من هذه الأقمار هي الأشهر ويطلق عليها «أقمار غاليليو». وأكد سلام أنه تم استخدام أربعة تلسكوبات فلكية مخصصة للرصد ، اثنان منها بقطر 10 انشات للجمهور ، وتلسكوب 6 إنشات الذي أمكن من خلاله تصوير المشتري وأقماره ، وتلسكوب 4 إنشات فائق الوضوح. وظهر كوكب المشتري في الأفق الشرقي بنفس الوقت الذي غربت فيه الشمس في الساعة 6,54 دقيقة ، وكذلك تزامن غروبها في وقت شروق الشمس الساعة السادسة ، ويعتبر هذا التقابل المداري بينهما الأفضل منذ العام 1999 . وتحولت عمليه الرصد إلى لقاء مفتوح غلب عليه الطابع العلمي ، حيث أجاب سلام وفريق الرصد عن الأسئلة الفلكية التي طرحها الجمهور، في جو وصفه المتابعون للحدث العلمي بـ»الرائع» ، والذي مكن العلماء وهواة الفلك من متابعة وتصوير تفاصيل التغيرات الجوية التي رافقت الحدث . وجاء توقيت التقابل التام في الساعة التاسعة وعشر دقائق مساء ، وتمام الساعة الثانية عشرة والنصف صباحاً أصبح الكوكب العملاق في أفضل حالات الرؤية من الأرض ، الأمر الذي فسره نزار سلام بأنه في كبد السماء في الوقت الذي يكون فيه الغلاف الجوي رقيقا. وعبر العديد من هواة الرصد الفلكي الذين توافدوا إلى حديقة العائلة عن أهمية هذا الحدث، اذ يقول خالد عبد الله ، الذي وصل إلى مكان الحدث في حديقة الكورنيش برفقة والده ، أتيت إلى هنا لأنني أحب رؤية وصول عملاق كواكب المجموعة الشمسية كوكب المشتري إلى وضعية التقابل المداري مع الشمس ، بالعين المجردة أو بفضل التليسكوب . ويشير ابراهيم الشامي الذي حضر الى الموقع مع أصدقائه ، الى انه كان يتمنى دائماً ان تسنح له الفرصة ليشاهد هذه الظواهر الطبيعية ، خاصة أنه من محبي علوم الفلك والطبيعة . وقال سلام ان عمليه الرصد تأتي ضمن احتفاليات الدولة بالسنة العالمية للفلك ، مشيراً الى انه تم تنصيب المراصد الفلكية الملائمة والتي أتاحت للجمهور مشاهدة كافة تفاصيل جو المشتري بالاضافة الى رؤية أقماره الرئيسية الأربعة ، وتقديم شروحات علمية مبسطة للجمهور. وكشف سلام ان هذا التقابل الطبيعي هو نتيجة وجود المشتري والأرض والشمس على خط مستقيم واحد بحيث تصبح الزاوية الفاصلة بين المشتري والشمس 180 درجة كما يشاهدها الراصد من على سطح الأرض. ونتيجة لذلك سيعلو كوكب المشتري الأفق الشرقي بنفس الوقت الذي تغرب فيه الشمس، وسيغرب في الغرب بالوقت الذي ستشرق فيه الشمس من الشرق، ويعتبر هذا التقابل المداري بينهما الأفضل منذ العام 1999 . وأضاف سلام «رافق هذا التقابل المداري المميز ارتفاع ملحوظ في مقدار اللمعان الظاهري للمشتري ليصبح (-2.9) ، كما انه سيصبح أكثر قربا للأرض حيث سيصل بعده عنها بما يقارب في حينها 4.0278 وحدة فلكية (الوحدة الفلكية تقدر بـ150 مليون كم). وأكد سلام ان حجم المشتري الظاهري بدا أكبر من خلال رصده بالتلسكوب مقارنة بكل أيام السنة ليبلغ قطره (49) ثانية قوسية وبطبيعة الحال سيكون رصده بالعين المجردة غاية في السهولة حتى في المدن المغطاة بالتلوث الضوئي. وبين سلام ان ظهوره بالوجه الأكبر يعد فرصة للعلماء ولهواة الفلك لمتابعة وتصوير تفاصيل التغيرات الجوية التي تجري في غلافه الغازي الهائل بسهولة وكنتيجة لدورانه السريع حول محوره سيكون بالإمكان مشاهدة تحركات الاحزمة والنطق السحابية الغازية التي تعلوه وهي تنهي الدورة في مدة تتراوح من 10 الى 15 دقيقة عبر التلسكوبات الفلكية. وأشار الى ان فترة وجوده في أفق المساء سيفوق لمعانه كل النجوم المبعثرة في سماء الليل لاسيما حال وصوله في منتصف الليل الى أقصى ارتفاع له في كبد السماء ، وسيكون ممكناً لهواة التصوير الفلكي التقاط صور غاية في الوضوح والدقة.