الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سيبويه إمام اللغة وشيخ النحاة درس الفقه والحديث

16 مارس 2012
(القاهرة) - حفظ التاريخ في سجله العلامة سيبويه ضمن العلماء المجتهدين، فقد كان مضرب المثل في العلم بأسرار اللغة ودقائقها، وهو صاحب مصنف “الكتاب” أصل الأصول في علم النحو واللسانيات وقواعد اللغة العربية، ولقبوه بإمام العربية وشيخ النحاة المقدم، وتسبب حساده والمتعصبين في خروجه من بلده واعتزال الناس والموت كمدا. ويقول الدكتور حسن الشافعي، عضو مجمع اللغة العربية، ولد عمرو بن عثمان بن قنبر البصري في سنة 140هـ/760م،، وينتمي بالولاء إلى الحارث بن كعب بن عمرو بن علة بن جلد بن مالك بن أدد، وذكرت كتب التراجم أنه مولى آل الربيع بن زياد الحرائي، واختلف المؤرخون في كنيته فقيل أبو حسين وهو أبو عثمان، وإن كانت أثبتها هي أبو بشر، والملقب سيبويه وهو الذي به اشتهر، وذكر العلماء أن معنى اسمه هو رائحة التفاح . طلب العلم وقيل إن أمه كانت تدلله، وقيل إنه سمي سيبويه لأن وجنتيه كانتا كالتفاحتين، هاجر أهله إلى البصرة فنشأ بها وتربى وطلب العلم فدرس علوم اللغة العربية والأصول والكلام والفقه والحديث على يد الخليل بن احمد الفراهيدي وهو أكثر من أخذ منه، وحماد بن سلمة، وأبو الخطاب الأخفش، ويعقوب بن اسحق البصري القارئ ، وسعيد بن اوس الأنصاري. وكان في بدايته يستملي الحديث على حماد بن أبي سلمة مفتى البصرة، وذات يوم جلس حماد يلقي درسا من دروسه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من أحد من أصحابي إلا وقد أخذت عليه، ليس أبا الدرداء”. فظن سيبويه أن شيخه قد أخطأ في عبارة :” ليس أبا الدرداء” فقام ليصححها له، وقال: “ليس أبو الدرداء” وظنه أن كلمة “أبا” اسم ليس التي ترفع المبتدأ وتنصب الخبر، فقال حماد لحنت وأخطأت يا سيبويه، ليس هذا حيث ذهبت، وإنما ليس ها هنا استثناء، فقال بأدب لشيخه: “لا جرم سأطلب علما لا تلحنني فيه”، فعكف على تحصيل علوم اللغة العربية وخاصة علم النحو فلزم الخليل ابن أحمد الفراهيدي يتلقى منه، حتى أنه دخل عليه ذات مرة، فقال له أستاذه: “مرحبا بزائر لا يمل”، وكان الفراهيدي يحب تلميذه كثيرا ويقربه منه ويفسح له صدره. وبادله سيبويه حبا بحب، فكان إذا خالف رأيه قول معلمه يذكر قول الخليل أولا ثم يقول: وقال غيره كذا وكذا، وهو يعني نفسه إلا أنه لا يريد ذكر نفسه بجانب الخليل إجلالا وتقديرا لمكانته. علم النحو وواصل تحصيله حتى تضلع في العلم وأصبح من أعلام العلماء في علم النحو، وبالرغم انه لم يخلف مصنفات كثيرة الا أن كتابه فى النحو المسمى “الكتاب” من أشهر الكتب في تاريخ الثقافة العربية، فقد كان ذا أثر كبير في علم النحو، واعتبره العلماء أهم كتاب ألف في هذا العلم،، وأشاد بعلمه وعمله العلماء، وقال عنه محمد بن سلام:” كان سيبويه النحوي غاية الخلق في النحو وكتابه هو الإمام فيه”، وقال أبو منصور الأزهري:” كان علامة حسن التصنيف “، وقال أحمد بن علي: “كان يطلب الآثار والفقه، ثم صحب الخليل بن أحمد فبرع في النحو”، وقال عنه أبو عثمان بكر بن محمد المازني: “من أراد أن يعمل كتابا كبيرا في النحو بعد كتاب سيبويه فليستحي”، وقال ابن كثير: “وقد صنف في النحو كتابا لا يلحق شأوه وشرحه أئمة النحاة بعده فانغمروا في لجج بحره، واستخرجوا من درره، ولم يبلغوا إلى قعره”. واشتغل سيبويه بالتدريس، وذاع صيته لكثرة علمه وفضله وسعة معرفته وأصبح شيخ مدرسة النحاة البصريين عقب وفاة شيخه الخليل، وأقبل على حلقة علمه الطلاب من كل مكان يأخذون منه ويكتبون عنه منهم أبو الحسن الأخفش، وأبو محمد بن المستنير البصري، والناشي، وحصل له فتنة شديدة، ومحنة قاسية عندما حضر مناظرة علمية مع غريمه الكسائي إمام مدرسة أهل الكوفة في النحو ومعلم الأمين بن هارون الرشيد، في مجلس يحيى بن خالد ببغداد. خصومة وكانت الخصومات بين أقطاب المدرستين مستعرة. فقد سأل الكسائى سيبويه عن قوله في كيف تقول:” كنت أظن إن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو هي أو فإذا هو إياها؟ فقال سيبويه: فإذا هو هي ولا يجوز النصب. فخطائه الكسائي واتهمه باللحن والخروج عن كلام العرب، وقال له ان العرب ترفع ذلك كله وتنصبه. فدفع سيبويه قول الكسائي ولم يقبل به، فقال يحيى بن خالد قد إختلفتما وأنتما علاما بلديكما، فمن ذا يحكم بينكما، فقال الكسائي: هذه العرب ببابك قد اجتمعت من كل صوب وهم فصحاء العرب، يحضرون فيسألون، فاستحسن يحيى الامر، وأمر أن يحضروا فدخلوا وسئلوا عن المسائل ووافقوا الكسائي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©