كعادتها تفاجئنا مدينة أبوظبي بين الحين والآخر بلياليها ومهرجاناتها السنوية فنراها دوماً في ثوب جديد وكأننا نبصرها لأول مرة.
انطلقت مساء أمس الأول فعاليات مهرجان “أنغام من الشرق” تحت رعاية هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في دورتها الثالثة لتحلق بالموسيقى العربية الأصيلة في سماء العاصمة لتمطر نغما وشجنا على جمهور قصر الامارات. واذا كانت الأنغام قد ارتدت عباءة الشرق فإن “ابوظبي” هي التي احتضنتها وعزفت معها لحن التراث.
كانت بداية الليلة بانغام إماراتية، حيث قدمت لنا الفرقة الوطنية للموسيقى، معزوفتين، الأولى “بياتي” من التراث العربي لإبراهيم العريان، والثانية معزوفة بعنوان “عبير” من ألحان مؤسس الفرقة عيد الفرج، وظهرت الفرقة الاماراتية بالزي الوطني كونها الفرقة الاولى في الامارات التي يتكون جميع اعضائها من مواطني الدولة.
بعد هذه الوصلة اعتلى خشبه المسرح الفنان الاماراتي سعيد سالم ليقدم أغنية من التراث الاماراتي للفنان جابر جاسم بعنوان “سيدي”، ثم توقف للحظة عن الغناء ليقدم الشكر والتحية لهيئة ابوظبي للثقافة والتراث التي منحته فرصة تمثيل الإمارات في ليلة افتتاح المهرجان، ثم واصل الغناء وشدا بأغان من التراث الإماراتي، “نسيتونا”، يا حبيب القلب”، ليختتم وصلته الغنائية بأغنية من كلمات المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله، “اه ياويلي” التي تفاعل معها الجمهور كثيرا، ليغادر الفنان الاماراتي سعيد سالم المسرح بعد أن أمطر قصر الإمارات طربا.
بدأ الجزء الثاني من الحفل بمعزوفة قادها المايسترو المصري خالد فؤاد، ليتفاعل معها الجمهور بما تحمله من أنغام أصيلة، ليبدأ بذلك الجزء الثاني من الحفل بالصوت التونسي الرخيم، لطفي بوشناق، الذي بدأ وصلته الغنائية بـ”كل مافيك حبيبي”، ثم تلاها بأغاني “هذه الغنيه ليهم” و”طول النهار” و”شمس” واغنيته الشهيرة “لاموني”، وأغنيه “الفصل الاخير” التي تفاعل معها الجمهور كثيرا، كما قدم اغنيه “انا جيت” التي حملت كلماتها أسماء كبار الفنانين والموسيقى العرب خصوصاً سيد درويش ومحمد عبد الوهاب.
وتفاعل بوشناق مع الجمهور الذي طالبه بتكرار بعض اغانيه لاكثر من مرة. وفي نهاية الحفل التف الجمهور حول بوشناق ليثني على حسن أدائه وتألقه، وهناك من طلب توقيعه الخاص أو التقاط صور معه للذكرى.
لطفي بوشناق: المسرح مكان مقدس
التقت “الاتحاد” لطفي بوشناق الذي قال: هذه المرة الثانية التي أتشرف بها وأشارك في مهرجان “أنغام من الشرق” الأمر الذي يسعدني كثيرا، لأني أحرص دوماً على لقاء جمهور أبوظبي المتذوق للطرب الأصيل، كما احرص دوماً على تقديم كل جديد في هذا المهرجان، وفي هذا العام قدمت ما يقارب خمس اغان جديدة، فلا يعقل أن اتقابل مع هذا الجمهور الذواق بعد عام مضى ولا آتي له بجديد.
يتابع بوشناق: المسرح بالنسبة لي مكان مقدس وفي كل مره اعتليه أشعر وكأني احلق في عالم آخر فالأغاني تسبح بي في نهر عذب من الأنغام. أما عن الفنانين العرب الذين يتم اختيارهم كسفراء من قبل هيئة الأمم المتحدة، واتهامهم بأن مناصبهم شرفية ولا يقدمون بالتالي خدمات اجتماعيه كما يفعل فنانو الغرب، فقال: لقد شرفت باختياري سفيراً من قبل هيئة الأمم المتحدة في السابق وقدمت ما أستطيع فعله منذ أن تبوأت هذا المنصب والمشكلة في وطننا العربي ان المسؤولين يتجاهلون دوما الفنان العربي ودوره في تقديم رسالته الاجتماعية فبالتالي يتعرض الفنان لنوع من التهميش، فماذا يفعل بمفرده؟ وهذا على عكس ما يحدث في دول الغرب التي تحترم الفنان وتثمن دوره وتستغل شهرته في خدمات اجتماعية، ورغم ذلك فأنا مازلت سفيرا للسلام وهذا دور الفنان الحقيقي في نشر الحب بين الناس في الوقت الذي اصبح فيه الوطن العربي في حاجه ماسة لصوت الفنان ليكون سفيرا له في الجانب الآخر.
وفي النهاية أتقدم بجزيل الشكر لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث لرعايتها هذا المهرجان الأصيل الذي يهتم بالتراث العربي وإحياء الطرب الأصيل.
سعيد سالم: عودتي قوية من خلال المهرجان
نجم هذه الليلة الفنان الإماراتي سعيد سالم أكد للاتحاد سعادته الغامرة بهذه المشاركة بصفته ممثلاً للإمارات في هذا المهرجان الضخم.
يضيف: “أنغام من الشرق أعادني الى الساحة بقوة بعد غياب طويل لأكون صوت الإمارات في ليلة الافتتاح وهذا الامر اسعدني جدا، كما أنني افتخر بالغناء لرموز من المطربين الاماراتيين، وما زادني فخرا غنائي مع الفرقة الوطنية الاماراتية لأسهم بصوتي المتواضع في إعادة هؤلاء العمالقة الى اذهان الجمهور واعرفهم على اسماء صنعت الفن في الامارات.
وفي سؤالنا عن جديده قال: انا بصدد الانتهاء من وضع اللمسات الاخيره لألبومي الجديد لأعود من خلاله الى الساحة الفنية الاماراتية، وإن كنت قد تأخرت قليلا على جمهوري بسبب بعض الظروف الا انني كنت احرص على العودة بأغان مميزة تلقى استحسان الجمهور.
خالد فؤاد: أبوظبي تتنفس موسيقى
قال المايسترو المعروف خالد فؤاد للاتحاد: سعدت جداً انا وفرقتي بالمشاركة في مهرجان “انغام من الشرق” لما يمثله من إحياء للتراث والنغم الأصيل، ودوماً يسعدني الحظ بالمشاركة في العديد من المهرجانات في أبوظبي هذه المدينة التي تتنفس الموسيقى، وانتهز الفرص لتقديم جزيل الشكر للقائمين على هذا المهرجان.
موسيقي إماراتي :الاحتكاك هدف رئيسي للفعاليات
وفي استطلاعنا لرأي الجمهور التقينا مع الموسيقي الإماراتي محمد مرشد الذي قال: أنا سعيد جداً بحضوري لهذا المهرجان كمتذوق للطرب الاصيل وكمحب للموسيقى، أسعدني جداً التواجد الإماراتي من خلال أداء الفرقة الوطنية للموسيقى وغناء الفنان الإماراتي سعيد سالم في ليلة الافتتاح ليمثلان الارث الموسيقي الاماراتي في ليلة اماراتية رائعة.
يتابع: حضوري لهذا المهرجان فرصة للتعرف والاحتكاك بموسيقيين وفنانين عرب، وايضا فرصة لتغذية عقولنا ووجداننا بالموسيقى الاصيلة التي تعود بنا للزمن الجميل. كما اننا نتعرف ايضا على الثقافات الفنية للدول العربية.
وما شاهدناه اليوم فخر لنا كإماراتيين، وأقول أول الغيث قطرة حيث ظهرت الفرقة الوطنية للموسيقى في هذه الليلة بشكل مشرف، وهذه هي البداية لنشر التراث الوطني من خلال فنانين كبار يحتاجون لفرصة ثمينة وهذا ما وفره مهرجان أنغام من الشرق.
ويضيف: كوني أحد أعضاء فرقة “التخت الاماراتي” أؤكد ان الفرقة تعد العدة للمشاركه في مهرجان “انغام من الشرق “ في نسخته الرابعة، لنكمل مسيرة ما تخطط له الهيئة من نشر الثقافة الفنية الإماراتية ونظهر بصور مشرفة تعكس الريادة الإماراتية، خصوصاً وأن الإمارات تعيش الآن ثورة فنية وثقافية تتمثل في العديد من المهرجانات التي تقام على أرضها.
وعن التخت الإماراتي قال: مهرجان “ووماد” سيمثل لنا الانطلاقة الحقيقية نحو العالمية من خلال مشاركتنا في فعالياته، كما اننا سنشارك في مهرجان أصيلة في المغرب وبذلك سنستفيد من هذا الاحتكاك الخارجي واطلاع الغير على تراثنا الفني.
وأحب ان اضيف ان هيئة أبوظبي للثقافة والتراث قدمت لنا الكثير وساعدتنا لنكون في تلك الفعاليات العالمية. ونحن كفنانين إماراتيين نتمنى أن تنظم الهيئة ورش عمل موسيقية لنتشارك ونحتك بضيوف العاصمة الذين يأتون الينا من مختلف دول العالم لكي نطور من انفسنا ونستفيد من تجاربهم في عالم الموسيقة.
عيد الفرج: تأسست الفرقة بقرار وزاري
في لقاء “الاتحاد” مع مؤسس الفرقة الوطنية عيد الفرج، قال : الفرقة الوطنية تأسست بقرار وزاري من معالي وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع عبدالرحمن العويس، الذي أمر بتأسيس مركز للموسيقى في ابريل 2008 ومن خلال هذا المركز تم إنشاء هذه الفرقة الوطنية التي خضعت لدورات تدريبية بإشراف المعهد الوطني للموسيقى في الأردن ليحصل اعضاء الفرقة على دراسة أكاديمية مدة عامين ليصبح مؤهلاً للانخراط في الفرقة الموسيقية.
يضيف: من شروط الانضمام للفرقة ان يكون العضو اماراتياً، وبذلك تكون هذه الفرقة إماراتية 100 % والطريف أن اعضاء هذه الفرقة ما زالوا يدرسون ولم يتخرجوا حتى الآن ومع ذلك فهم قدموا معزوفات موسيقية مميزة تؤكد موهبتهم في الموسيقى الأمر الذي أسعدني كثيرا. ونطمح في تقديم الموسيقى الإماراتية من خلال هذه الفرقة داخلياً وخارجياً لنكون بحق صوت الموسيقى الوطنية.
وأكد عيد الفرج أن هذه الفرقة وصلت إلى هذا المستوى الرائع رغم أن اعضاءها درسوا الموسيقى منذ عامين فقط وقبل هذا لم يمسك العازفون حاليا اي نوع من الآلات الموسيقية، وهذا الإنجاز الكبير الذي حققه المركز اتضح جليا في ليلتنا هذه، كما تعتبر هذه خامس مشاركة لهم بشكل رسمي منذ تأسيسها.
وعن مشاركته لأعضاء الفرقه قال: شاركتهم في بعض الحفلات وسأشاركهم مستقبلا على المسرح. وفي الختام شكر عيد الفرج هيئة أبوظبي للثقافة والتراث على هذا المهرجان قائلاً: اقدم كل الشكر لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث على هذا المجهود الجبار الذي شاهدناه من خلال التنظيم الرائع لفعاليات “أنغام من الشرق”.
عدد اليوم
