الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شباب يركضون خلف «تقليعات غريبة» على حساب الزي الوطني

شباب يركضون خلف «تقليعات غريبة» على حساب الزي الوطني
26 مارس 2014 12:14
هناء الحمادي (أبوظبي) - لا عجب حين نتجول في المراكز التجارية والحدائق العامة أو عند دور السينما، أن نشاهد الكثير من المراهقين من الشباب والفتيات يرتدون ملابس غريبة ويتحدثون بمفردات غير مفهومة، كما نرى صرعات شبابية في الملابس القصيرة ذات الألوان الصارخة ليضم الأصبع خواتم غريبة ولتتدلى فوق الصدر سلاسل تذكرنا بقبائل العصور الوسطى، وتسريحات شعر غريبة نتجت عنها تقاليع شبابية غيبت الكثير من العادات والتقاليد وطمست الهوية الوطنية، تحت مسمى التقليد والموضة والسعي وراء محاكاة المشاهير من دون تبصر. لكن للعملة وجه آخر، فالشباب أنفسهم كيف يردون على اتهامهم بهوس السلوكيات الغريبة، وكيف يرى أولياء الأمور هذه المشكلة وكيف يتعاملون معها؟! خطوط الموضة عن التقاليع الغريبة والموضة في حياته، يعترف الطالب بدر خميس «الصف الثالث الإعدادي»، في مدرسة خاصة بأبوظبي، بأن أجمل شيء أن يكون من ضمن الاهتمام هو مواكبة أحدث خطوط الموضة، وهذا أمر طبيعي للشباب، مبيناً أن الموضة جزء هام في حياته ولا يستطيع تصور شكله من دون شراء كل ما يلزمه من موديلات الجينز الغريبة وغير التقليدية، والألوان الصارخة من القمصان، وملابس الماركات العالمية التي يلزمها بعض الاكسسوارات من الأحزمة وأساور اليد، إضافة إلى قصة الشعر الملائمة حسب الموضة ليكون المظهر في النهاية مواكباً لأحدث خطوط الأناقة، لافتا إلى أن هذا الأمر حرية شخصية، ولا يمنعه أحد من شراء ما يريده خاصة أفراد أسرته. أحدث الموديلات من جانبه، يبين فيصل عبدالله المزروعي «طالب بالصف الأول الثانوي»، أنه من المستحيل على الشباب ألا يتبعوا الموضة، فهو الموضوع الذي يسيطر على أحاديثهم، كما أن أغلب تجمعاتهم تكون في مراكز التسوق التي يحرصون فيها على الاطلاع على أحدث صيحات الموديلات والماركات واقتنائها. ويقول: على الرغم من ذلك فأنا أرتدي كل جديد من الموضة، لكنني لا أظن أن كل شيء فيها يناسبني، لذلك أحرص على اتباع الموضة وفق ما يناسبني فقط. وفيما يتعلق بارتداء الزي الوطني «الكندورة»، فيقول «هناك أماكن لا أرتدي فيها الكندورة، لكني أحرص عليها في المناسبات والأعياد، أو أثناء زيارة الأهل أيام العطلات الأسبوعية»، وأحيانا يكون على حسب النزهة التي نقوم بها مع أصدقائي الشباب، سواء كان الذهاب لدور السينما أو الجلوس في كافيهات المراكز، وبالنسبة للخروج إلى البر فالوضع يختلف، فالبنطلون الجينز والتي شيرت هو السائد في هذه الجولات الترفيهية. ضحايا الموضة بدوره، قال يعقوب صالح البلوشي، طالب في السنة الأولى بجامعة زايد: قد أكون أنا أحد ضحايا الموضة، لأني لا أستطيع مقاومة نهم التسوق والشراء وخاصة الملابس الغريبة والملفتة للانتباه، فأتابع بانتظام البرامج التليفزيونية التي تهتم بالشباب والأناقة، وبطبيعة الحال لا أستطيع أن أمنع نفسي من التجول في الأسواق وشراء آخر صيحات الموضة. خاصة أن مظهري أمر مهم جدا بالنسبة لي، لذلك أحبذ دائماً أن يكون شكلي مواكباً لأحدث الصيحات. أما عباس علي، فيقول: «أرفض بشكل عام هذه التقليعات الغريبة التي لا تمت إلى تراثنا وحضارتنا بصلة، فأنا أعتبرها وباء يجتاح عقول الشباب وخاصة «المراهقين»، بداية من الملابس الغريبة والتقليد الأعمى للغرب وقصات الشعر المجنونة، وانتهاء باللغة المبتذلة التي تشبه الشيفرة غير المفهومة إلا بينهم فقط، وهو ما انتشر أخيراً في أوساط الشباب وفي مختلف أماكن تجمعاتهم». رأى الأمهات لا تستطيع منى شهاب «ربة بيت»، منع ابنتها من ارتداء آخر صيحات الموضة من الملابس، فهي تحرجها كثيرا أثناء التسوق في محلات الماركات العالمية، وقد تضطر أحيانا لرفع صوتها لأمها من قبل أن تجبرها على شراء ما يعجبها، هكذا ما أكدته منى حين تحدثت عن ابنتها خلود ذات الـ 14عاما، وتقول: «كل ما يلفت انتباهها تريد مثيله، وهذا الأمر جعلها تتراجع كثيراً في دراستها، وقد تجاوز الأمر إلى طلبات باهظة الثمن، باختيار أجود الماركات، وبالأخصّ من المحال التي يتردد عليها صديقاتها، لأنها لا تريد أن تظهر بمظهر أقل من زميلاتها. مبينة أم خلود أنها حاولت مراراً وتكراراً أن ترتدى ابنتها ملابس وفق العادات والتقاليد وليس وفق صرعات الموضة الغريبة والعجيبة التي طمست الهوية الوطنية. لكن التطنيش والعناد هو ما يجعلني أحيانا استسلم لطلباتها. ويوافقها في الرأي، إسماعيل حسن «أب لثلاثة شباب وبنتي»، قائلاً إن بعض المراهقين وصلوا إلى مرحلة لا تعكس صورتهم في المرآة، لا شخصية ولا هوية، وإنما أصبح كل منهم شخصية مستنسخة قائمة على التقليد، الأمر الّذي أدى إلى انعدام استقلاليّة الفرد. ويرى إسماعيل أنّ الأهل يجب أن يحرصوا على تربية أبنائهم بشكل يحافظ على المظهر اللائق اجتماعيا وأخلاقيا، وبما يتماشى مع التقاليد والهوية العربية، ولا سيما أن ما يسمّى بمواكبة التطور، هو في أغلبه، إن لم نقل كله، مخالفاً للتقاليد العربية والإسلامية. ويضيف: «يبقى التقليد الأعمى هو من الظواهر الدخيلة على ثقافتنا العربية سواء كانت الألفاظ أو قصات الشعر الأجنبية». آراء المتخصصين حملنا أبعاد المشكلة وآراء الشباب إلى هند البدواوي، مستشارة نفسية وأسرية، والتي قالت: «إن أسباب انتشار هذه المشكلة يرجع إلى غياب القدوة والتقليد الأعمى للآخرين من دون وعي، كما أشارت إلى أن انتشار تلك التقليعات قد يكون ناتجاً عن سوء التوجيه وعدم الرقابة على وسائل الإعلام والاتصال. موضحة أن ذلك ما هو إلا تقليد أعمى للغرب يتنافى مع قيمنا الإسلامية الأصلية ويعد في الوقت ذاته نتاج الفراغ الثقافي والفكري والاهتمام بالمظهر والبعد عن الجوهر، فالمسئولية ترتكز بصفة أساسية على الأسرة التي يجب أن تراقب وتشرف على ملابس وسلوك أبنائها، وأن تنصحهم بألا ينقادوا إلى التقليعات الغريبة اللافتة للنظر من دون تفكير». وترجح البدواوي الأسباب التي تجعل الفرد يقلد غيره وقالت: «ضعف الشخصية وعدم تلقي تنشئة سليمة من طرف الوالدين، وتدليلهم الزائد، والجلوس لساعات طويلة قرب التلفاز من دون رقابة الأولياء، أحد أسباب هذه المشكلة”. حب الظهور ولفت الانتباه تشير هند البدواوي، مستشارة نفسية وأسرية قائلة: «ما يقوم به المراهق من تقليد يرجع أسبابه إلى حب الظهور ولفت الانتباه، وهي حالة يريد صاحبها الظهور أمام الآخرين ليحقق رغبات لا يستطيع تحقيقها على أرض الواقع، كما يعد الفضول السبب الثاني الذي يدفع بالشخص إلى التجربة دائماً، ثم الاستحسان الاجتماعي، وهو رغبة الفرد في أن يكون موضع اهتمام وتقدير من الآخرين. أيضا حب المنافسة، حيث يحاول المرء أن يبرز نفسه وسط أقرانه وأصدقائه، ما يدفعه لمتابعة أحدث صيحات الموضة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©