الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

واشنطن تبحث عن وسائل لدفع قطار التصنيع

واشنطن تبحث عن وسائل لدفع قطار التصنيع
15 أغسطس 2009 23:19
تغير الأداء الاقتصادي الأميركي تغيراً سلبياً ملموساً خلال نحو 30 عاماً أو أدنى، فمنذ عام 1987 انخفضت حصة التصنيع في الناتج الإجمالي المحلي بنسبة 30 في المئة، وبعد أن كانت الولايات المتحدة أكبر مصدر في العالم باتت أكبر مستورد. ففي عام 2007، بلغت قيمة الصادرات الأميركية 1.2 تريليون دولار من السلع والخدمات، بينما بلغت قيمة الواردات 1.8 تريليون دولار وهذا ينعكس في شكل عجز الميزان التجاري الذي يقدر بستة آلاف بليون دولار ويترجم في نهاية المطاف إلى ديون، فإن تصورنا على سبيل الهزل أو الجد أن الدول أشخاص لكانت أميركا الآن وراء القضبان. غير أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما شرعت في تنفيذ بعض الإجراءات التي من شأنها البدء في وضع حد لهذه الصورة القاتمة، إذ أعلن أوباما بموجب قانون الإنعاش وإعادة تخطيط الاستثمار الأميركي بمنح 2.4 مليار دولار للشركات الأميركية العاملة في تطوير بطاريات السيارات الهجين والكهربية، كذلك يضم مشروع قانون ووكسمان - ماركي بنداً ينص على تخصيص 30 مليار دولار كقروض لشركات صناعة أجزاء السيارات للتحول إلى مصانع الطاقة البديلة، كما يطالب السناتور شيرود براون (ولاية اوهايو) الذي يعتبر رائد مناصري التصنيع الأميركي باستمرارية الائتمان الضريبي لقطاع البحث والتطوير (بدلاً من لزوم تجديده كل عامين) ويطالب أيضاً بأن تنطوي السياسة التجارية على اعتبارات المصلحة الأميركية. وفي هذا السياق، هناك جدل داخل الإدارة الأميركية إزاء السياسات التي من شأنها تعزيز مسؤولية الحكومة عن قطاع التصنيع الأميركي، ذلك أن تراجع التصنيع يشكل عقبة ضخمة تعرقل تعافي الاقتصاد الأميركي، ويشير خبراء وصحفيون إلى أنه في كل مرحلة تعافٍ اقتصادي منذ الكساد الكبير لعام عام 1990 حين بدأ المستهلكون الأميركيون في زيادة مشترياتهم كانت المصانع الأميركية تستدعي العمال المسرحين وتبدأ في زيادة إنتاجها. وفي الوقت الراهن، حين تضع الحكومة الأميركية مزيداً من النقود في جيوب المستهلكين فإن ذلك يعني أن المصانع الصينية هي التي تستدعي عمالها وتزيد من إنتاجها، كما يعني أن تجار التجزئة الأميركيين سيوظفون مزيداً من العمال ذوي الأجور المنخفضة، بينما لن تقوم المصانع الأميركية بتوفير فرص العمل وهو ما يعتبر تحولاً قطاعياً جذرياً من شأنه تقليل متوسط دخل الفرد الأميركي، إذ إن أجور القطاع الصناعي أعلى بنسبة 20% تقريباً من أجور باقي القوة العاملة من غير الفنيين وغير الإداريين. فإن التراجع طويل الأجل لنشاط التصنيع الأميركي عمل على نضوب الصناعات الأميركية المتقدمة عالية التقنية وأثر سلباً على قطاعات صناعية معينة، إذ نجد أن مصانع الأثاث خسرت 60% من طاقتها الإنتاجية منذ عام 2000 حسبما أوضح ريتشارد ماكورماك محرر صحيفة التصنيع والتكنولوجيا في مقال في أحد كتبه الجديدة بعنوان «تصنيع مستقبل أفضل من أجل أميركا». وفي ذات السياق، نجد أن ترتيب الولايات المتحدة جاء بعد الصين في حجم صادرات عالية التقنية عام 2004 ومنذ ذلك العام يتأخر ترتيب الولايات المتحدة وتتسع الهوة عاماً بعد عام. ويمكن القول إن تراجع التصنيع الأميركي المتفاقم لا يعود إلى عدم كفاءة أميركا، فالمصانع الأميركية تعد من أكثر المصانع إنتاجية على وجه الأرض حسب ماكورماك، غير ان الولايات المتحدة دون غيرها وسط القوى الصناعية الكبرى في العالم لا تترك مهمة تحفيز المصنعين للحكومة الاتحادية بل لحكومات الولايات والمحليات التي تسعى إلى جذب المصانع ومنشآت البحوث من خلال الحسومات الضريبية والاستثمارات العمومية والتي تقلصها جهود الحكومات القومية في دول أخرى، فالصين لا تكتفي بدعم الشركات الساعية إلى تأسيس مصانعها بل راحت تضارب بعملتها النقدية بحيث تصبح صادراتها رخيصة السعر إلى درجة يصعب على أي مصنع أميركي مجاراتها أياً كانت قدرته الإنتاجية أو الإبداعية، وفي هذا السياق وحسب تقرير أصدره مكتب الحسابات العالمي من المنتظر أن تصبح الصين في غضون خمس سنوات أكثر الدول في العالم نفوذاً وسلطاناً في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الوقت الذي لم تفعل الولايات المتحدة شيئاً يذكر لتعزيز وحماية صناعات القرن الحادي والعشرين. وذلك لا يعود إلى أن الولايات المتحدة هي الوحيدة التي تفتقر إلى سياسة صناعية بل إلى أنها هي الوحيدة التي لديها سياسة مقاومة للصناعة، وعموماً دعونا ننتظر ما يمكن لإدارة أوباما فعله لانتشال أميركا من ذلك المأزق الحرج. نقلاً «عن واشنطن بوست»
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©