الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

محمد بن راشد: أمننا الوطني لا ينفصل عن الأمن في إقليمنا وعالمنا

6 مايو 2017 16:59
دبي (الاتحاد) وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، كلمة عبر مجلة درع الوطن، بمناسبة الذكرى الحادية والأربعين لتوحيد القوات المسلحة، أكد فيها أن في مثل هذا اليوم منذ واحد وأربعين عاماً، ومع انطلاق مسيرة بناء قواتنا المسلحة، انفتحت أمام دولتنا الاتحادية أوسع آفاق توطيد أركانها، وتعزيز مؤسساتها، وتمكين مواطنيها، فمسيرة البناء لم تكن مجرد عملية فنية تتعلق بالتنظيم والتسليح والتأهيل والتدريب فقط، إنما أيضاً كانت عملية استراتيجية لبناء المحور الرئيس في منظومة قوتنا الذاتية. وتوجه سموه بالتقدير والعرفان لأرواح صناع قرار توحيد القوات المسلحة؛ المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات المؤسسين.  وقال سموه: «باتت قواتنا المسلحة فاعلاً رئيساً في التنمية الشاملة، ومرجلاً للانصهار الوطني يعزز وحدة بيتنا، ويعمق مضامين هويتنا الوطنية الإماراتية، ويزيد مجتمعنا تماسكاً وتلاحماً، ودولتنا قوة ومناعة وبأساً». وفيما يلي نص الكلمة: إخواني وأبنائي وبناتي ضباط وجنود قواتنا المسلحة الباسلة أبناء وبنات وطني الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أحييكم وأهنئكم بحلول ذكرى صدور قرار توحيد قوات الإمارات المسلحة في السادس من مايو 1976. وأتوجه معكم بالتقدير والعرفان لأرواح صناع هذا القرار؛ المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات المؤسسين، وأثابهم على ما قدموه لوطننا وأمتنا. وأقف معكم تكريماً وإجلالاً لشهدائنا الأبرار، وأجدد عهد وطننا بحفظ دمائهم، والسهر على راحة أسرهم ورعاية أبنائهم رعاية شاملة ودائمة. في مثل هذا اليوم منذ واحد وأربعين عاماً، ومع انطلاق مسيرة بناء قواتنا المسلحة، انفتحت أمام دولتنا الاتحادية أوسع آفاق توطيد أركانها، وتعزيز مؤسساتها، وتمكين مواطنيها، فمسيرة البناء لم تكن مجرد عملية فنية تتعلق بالتنظيم والتسليح والتأهيل والتدريب فقط، إنما أيضاً كانت عملية استراتيجية لبناء المحور الرئيس في منظومة قوتنا الذاتية. وفي خضم هذه العملية الاستراتيجية، باتت قواتنا المسلحة فاعلاً رئيساً في التنمية الشاملة، ومرجلاً للانصهار الوطني يعزز وحدة بيتنا، ويعمق مضامين هويتنا الوطنية الإماراتية، ويزيد مجتمعنا تماسكاً وتلاحماً، ودولتنا قوة ومناعة وبأساً. من هنا يتبوأ يوم السادس من مايو مكانته الأثيرة في حياتنا، ويستقر في تاريخنا عنواناً لإصرارنا على أن نعيش بحرية وكرامة في وطن مرفوع الرأس، مصان السيادة، مرهوب الجانب، وموفور الأمن والاستقرار. وفي كل عام تمنحنا الذكرى فرصة التواصل مع مسيرة ملحمية في بناء صرح وطني شامخ واكب مسيرة بناء صروحنا الوطنية الأخرى، وحماها، وظللها بالأمن والاستقرار، ورفدها بنماذج متفوقة في تكوين الموارد البشرية، وإعداد القادة، وإتقان معارف العصر في حقول التقنية والتنظيم والإدارة، وفي النموذج الأعلى للولاء والانتماء والعطاء للوطن، والاستعداد لفدائه، والاستشهاد في سبيل حريته وعزته وكرامته. ومع النجاح المؤزر لبرنامج الخدمة الوطنية في صفوف قواتنا المسلحة، وإقبال شبابنا عليه بشغف وحمية والتزام، أتيح لأجيالنا الناشئة في وقت مبكر، تحمل المسؤولية المقرونة بشرف عظيم، والارتواء من معين الوطنية الصافية، والانخراط في عالم الجندية الزاخر بالقيم السامية، والتقاليد العريقة، والسلوكيات الإيجابية. أيها الضباط والجنود أبناء وبنات الإمارات منذ وجودنا على أرض بلادنا، ونحن كابراً من كابر، نواجه أشكالاً من التحديات المصيرية. ومن كل جيل منذ أسلافنا الأوائل، نهض إماراتيون شجعان وواجهوا التحديات وتغلبوا عليها. وفي حقبة تاريخنا الحديث، نهض آباؤنا المؤسسون وواجهوا تحديات التجزئة والتشتت والضعف والتخلف، وتغلبوا عليها، وأرسوا بإقامة اتحادنا وتوحيد قوانا، قواعد دولتنا ونموذجنا الإماراتي في التنمية الشاملة والتقدم والتحضر. وكانت عملية بناء القوات المسلحة من أضخم التحديات التي واجهناها. وكان نجاحنا في تكوين الكوادر العسكرية الوطنية معقوداً على نجاحنا في حقول التنمية كافة، وبخاصة في حقلي التعليمين العام والعسكري. وقد نجحنا في مواجهة هذه التحديات بامتياز، فنموذجنا الإماراتي يشع تقدماً في كل مؤشرات التنمية الشاملة. وقواتنا المسلحة في أعلى درجات الجاهزية والكفاءة، وأبناؤنا يشكلون قوامها من أعلى الرتب إلى أحدث خريج من كلية أو مدرسة عسكرية، ويديرون أكثر نظم الأسلحة والنظم الإلكترونية تطوراً وتقدماً، وينفذون مهامهم في حماية وطننا، وفي ساحات الوغى بشجاعة واقتدار. أما صناعاتنا العسكرية التي شغلت فكر الشيخ زايد طيب الله ثراه غداة قرار التوحيد، وكانت آنذاك بمثابة الحلم بعيد المنال، فقد أصبحت، برعاية أخي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وجهود أخي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حقيقة تنبض بالحياة وتنمو وتتطور وتنافس في الأسواق العالمية، وتوفر لقواتنا المسلحة جزءاً من احتياجاتها، وتعزز تنويع اقتصادنا، وتفتح آفاقاً جديدة لأبنائنا في مجالات البحث العلمي والابتكار. واليوم، وبعد سنوات حافلات بالتحديات الناجمة عن مشاريع ومؤامرات زعزعة استقرار دول المنطقة العربية، ونشر الفوضى والعنف في أرجائها، يتجلى نهوضنا - نحن الإماراتيين - بواجباتنا ومسؤولياتنا في قضائنا على محاولات إشعال الفتن في بلادنا قضاء مبرماً، وفي نجاحنا في تعزيز التنمية والازدهار، وتوطيد الأمن والاستقرار، ومضينا قدماً في تطوير مصادر قواتنا الذاتية. أيها الضباط والجنود أبناء وبنات الإمارات ونحن نحيي ذكرى السادس من مايو، نتوجه بتحية خاصة لقواتنا التي تنفذ مهامها خارج حدود بلادنا تجسيداً لمبادئنا في نصرة الحق والدفاع عن مصالح وطننا العليا. ويقيننا أن أمننا الوطني لا ينفصل عن الأمن في إقليمنا وعالمنا. من هنا، نهضنا بمسؤولياتنا في مواجهة مصادر الخطر في إقليمنا، فشاركنا في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، والتحالف العربي لإحباط محاولة اختطاف اليمن وتغيير هويته العربية، وتحويله إلى قاعدة لتهديد أمن المملكة العربية السعودية الذي هو ركن حيوي في بنية أمن دول مجلس التعاون والأمن العربي بأسره. ومع دخول الأزمة في اليمن قبل شهر ونيف في عامها الثالث، فإن التحالف العربي مطمئن إلى قدرته على تحقيق أهدافه، بعد أن حقق إنجازات استراتيجية تمثلت في إفشال مخططات الانقلابيين، وفي تمكين الشرعية من العودة إلى اليمن وبسط سيطرتها على معظم أراضيه، ودعم إعادة بناء الجيش الوطني، وبناء المؤسسات، وإطلاق إعمار ما خربه الانقلاب في المناطق المحررة. وستكمل دول التحالف مهمتها إلى أن يتمكن الشعب اليمني من تقرير مستقبله بعيداً عن إرهاب الانقلابيين وتهديدهم ووعيدهم. أما على صعيد مشاركتنا في مكافحة الإرهاب، فإنجازات التحالف الدولي تكبر كل يوم، ومطاردة الإرهابيين لا تتوقف، وهم في حال فرار وانحسار، ومشروعهم الظلامي إلى زوال، لأنه خارج عن كل النواميس الإنسانية والدينية، ويسير عكس سير التاريخ والاجتماع البشري. إن الهزيمة الحتمية للإرهابيين وتنظيماتهم لن تنهي المعركة مع الإرهاب، فهؤلاء نتاج تربة فكرية مسمومة وسياسات عقيمة لا ترى أبعد من أنفها، ولا بديل عن تنقية التربة وإصلاح السياسات، وهذه مسؤولية تتحملها في الدرجة الأولى الدول العربية الإسلامية بحكوماتها وعلمائها ومفكريها وهيئاتها الدينية، فالإرهابيون ضلوا عن سواء السبيل، وعاثوا في الأرض خراباً وفساداً، وارتكبوا أبشع الفظاعات بحق المدنيين، وفوق ذلك، شوهوا صورة الإسلام والمسلمين لدى الرأي العام العالمي، وحولوهما إلى مادة تغذي المتطرفين والعنصريين في كل دولة تعيش فيها أقلية إسلامية كبيرة كانت أم صغيرة. أيها الضباط والجنود أبناء وبنات الإمارات نحن دولة تتوخى مبادئ التعايش السلمي وتحب السلام وتسعى إليه، لكننا نعيش في عالم تحكمه المصالح، وتتدافع دوله الكبرى والكبيرة وتتنافس على الثروة والنفوذ، وتسارع لانتهاز الفرص السانحة لتعظيم مصالحها، وأحياناً تعمل على خلق هذه الفرص. والمشهد الراهن في منطقتنا العربية وحولها شاهد على هذا التدافع والتنافس وانتهاز الفرص وخلقها. لذلك، لا حافظ لحرية ومقدرات وأمن واستقرار الدول الصغيرة سوى الاعتماد على نفسها وتنمية مصادر قوتها الذاتية، وانتهاج سياسات حكيمة تحسن الاستعداد والتخطيط والحساب والتنفيذ، وتواكب المتغيرات، وتنسج أوسع شبكات الصداقة عبر العالم. لقد كان بناء قوتنا الذاتية هاجس جيل التأسيس وشاغله الأكبر. فكان الاتحاد، وكان توحيد القوات المسلحة وتطويرها، وكانت التنمية الشاملة والمتوازنة، وكان تبلور الهوية الوطنية الإماراتية واستقرارها عميقاً في قلوب الإماراتيين وعقولهم. ومع انتقال الراية إلى جيل التمكين بقيادة أخي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، استقر تعزيز قوتنا الذاتية محوراً لرؤانا واستراتيجياتنا وخططنا ومشاريعنا ومبادراتنا. فكان استثمارنا الضخم في مواردنا البشرية، واستيعابنا المبكر لمقتضيات ثورة المعلومات والاتصالات، وتطويرنا للبنى التحتية، وتلبيتنا لمتطلبات اقتصاد المعرفة، وحرصنا على تطوير الأداء الحكومي، وسعينا لتنويع اقتصادنا الوطني، ودخولنا ميادين الصناعات العسكرية، والصناعات الدقيقة، والطاقة النظيفة، وعلوم الفضاء والذرة. وكنتم أنتم يا أبناء وبنات الإمارات في قلب استراتيجيات تعزيز قواتنا الذاتية، فأنتم وسيلتها وأنتم غايتها. وكنتم ومازلتم محل ثقة قيادتكم وأهلاً لطموحاتها. وبكم جعلنا وطننا الصغير بمساحته وسكانه كبيراً برجاله ونسائه وتلاحم أبنائه وتراحمهم واجتماعهم على الخير ومكارم الأخلاق، ووقوفهم صفاً واحداً خلف قيادتهم والتفافهم حول رؤاها وخططها وسياساتها. أيها الضباط والجنود أبناء وبنات الإمارات وطننا بخير ونعمة. نعيش الازدهار ونتظلل بالأمن والاستقرار، ونؤمن بأن أفضل أيامنا لا تزال أمامنا. نعلم على اليقين أن عقولنا وسواعدنا هي ما أوصلنا إلى ما نحن فيه وعليه، وعقولنا وسواعدنا هي ما سيؤمن مستقبل وطننا وأجيالنا القادمة. ثقتنا بالله وبأنفسنا وبشعبنا كبيرة. وخبراتنا في مواجهة التحديات ثرية، وقدراتنا متأهبة للتغلب على أي مخاطر تهدد أمتنا وازدهارنا، وقد أثبتنا أنه لا يوجد صعب وشديد فوق طاقتنا. أما أنتم يا من نلتم شرف الانتساب إلى السلك العسكري، فلكم ومن سبقوكم شكر وتقدير قيادتكم وشعبكم. أنتم محل فخر أمتنا ومصدر اعتزازها. تمثلون روح أمتنا وتعبرون عنها. روح العطاء والانتماء والولاء والتضحية والفداء وإنكار الذات. وتتحملون مسؤولية كبيرة في مرحلة اضطربت فيها أوضاع إقليمنا وعالمنا، وتثبتون أنكم أهل لها. أشكركم فرداً فرداً أينما كنتم في معسكراتكم وفي ثغور البر والبحر والجو، وفي ميادين القتال. وأسال العزيز القدير أن يشملكم برعايته، ويديم التوفيق حليفاً لكم في مهامكم وحلكم وترحالكم. وأحيي معكم في يوم قواتنا المسلحة قائد مسيرتنا أخي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. والتحية موصولة لأخواني أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، حفظهم الله، ولكل أبناء شعبنا الكريم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©