الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إدارة ترامب وسلطوية «أوربان»

5 مايو 2017 23:31
في حين أن المجر تعد دولة صديقة وحليفة للولايات المتحدة، إلا أن العلاقة بين الدولتين لا يمكن أن تقوم على غض الطرف عن الأخطاء والإخفاقات. وتحت قيادة رئيس الوزراء فيكتور أوربان، تجد المجر، الواقعة في وسط أوروبا، نفسها على مسار يتحرك بعيداً عن قيم الديمقراطية الغربية. وفي النسخة الحالية من تصنيف «الحرية في العالم» الذي تصدره منظمة فريدوم هاوس، تتأخر المجر عن جيرانها في مجموعة «فيسجراد» (التي تضم بولندا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا)، وكذلك بعد بلغاريا ورومانيا وتونس. وبعد أن تشجع أوربان بانتخاب الرئيس دونالد ترامب، شن هذا العام هجوماً ضد الأصوات المعارضة. ومن بين هؤلاء المنظمات غير الحكومية ذات التمويل الأجنبي، التي يمكن وصفها بـ«عملاء أجانب» بموجب قانون هو حالياً قيد المناقشة في برلمان المجر. ومشروع القانون الذي تم اعتماده مؤخراً سيجعل من المستحيل بالنسبة للجامعة الأوروبية المركزية، وهي مؤسسة تعليمية أميركية لها ميثاق من مجلس أمناء جامعة ولاية نيويورك، أن تعمل في المجر. ويجب أن ترد الإدارة الأميركية والكونجرس على ذلك. وفيما يلي خمس خطوات يمكن أن تتخذها الولايات المتحدة لثني أوربان عن محاكاة الاستبداديين الآخرين: أولاً: يحتاج الرئيس دونالد ترامب إلى تعيين دبلوماسي خبير كسفير في المجر. وفي العامين الأخيرين من إدارة أوباما، شغلت «كولين بيل» هذا المنصب، وهي مسؤولة سياسية والمنتج السابق لمسلسلات مثل «الجريء والجميلة». وقد ظل هذا المنصب شاغراً منذ شهر يناير. ونتيجة لذلك، كانت الولايات المتحدة غير قادرة على الرد بشكل كافٍ على تعميق العلاقات بين المجر والكرملين. وفي الوقت الذي اتهم فيه وزير الخارجية «ريكس تيلرسون» إيران بالقيام «باستفزازات تصدر الإرهاب والعنف»، استطاعت المجر أن تبرم اتفاقاً نووياً مع طهران، مع عدم وجود أي رد فعل من جانب واشنطن. ثانياً: يمكن أن توضح الإدارة أن أوربان غير مرحب به في البيت الأبيض. وبعد مكالمته الهاتفية مع الرئيس المنتخب في ذلك الحين، أكد أوربان أن ترامب قد وجه إليه الدعوة لأداء زيارة رسمية لواشنطن. ومن المرجح أن تكون هذه الدعوة موجودة فقط في خيال رئيس الوزراء المجري. وعندما زار وزير خارجية المجر «بيتر سيجارتو» واشنطن في شهر مارس، كان أبرز مسؤول قابله هو «سيباستيان جوركا»، مساعد نائب البيت الأبيض المجري الأصل والمثير للجدل. ولكن في بلاده، ما زال أوربان يتوقع صورة للإدارة الأميركية الجديدة وهي تقف خلفه مباشرة، بما في ذلك دعم جهوده لإسكات الأصوات المعارضة داخل مجتمعه المدني. وليس ثمة سبب يجعل الإدارة تتماشى معه في ذلك طبعاً. ثالثاً: من الممكن الحد مؤقتاً من التعاون الثنائي بين الجيشين. ومن الممكن أن تفرض الولايات المتحدة وقفاً اختيارياً للتدريبات المشتركة مع القوات المجرية تحت مظلة «مبادرة الطمأنينة الأوروبية»، وكذلك مشاركة المجر في إطار برامج التعليم العسكري الدولي والتدريب. وفي حين أن المجر حليف أطلسي في الجناح الشرقي لأوروبا، إلا أنها بعيدة عن كونها الأكثر عرضة للتهديد العسكري من قبل روسيا. وعلاوة على ذلك، وعلى عكس بولندا أو دول البلطيق، فإن حكومة المجر ترددت منذ زمن طويل في معاملة الكرملين باعتباره تهديداً. وعلى النقيض تماماً، فقد لقي الرئيس فلاديمير بوتين استقبالاً حافلاً في بودابست في مناسبات منتظمة (كان آخرها في فبراير)، ولا تزال حكومة أوربان تحاول تعميق علاقات الطاقة مع روسيا. رابعاً: إذا تم اعتماد تشريع جديد بشأن المنظمات غير الحكومية التي تتلقى تمويلاً أجنبياً، يجب أن يرد الكونجرس من خلال فرض حظر على منح تأشيرة الدخول لمسؤولين حكوميين متورطين في صياغة واعتماد وتنفيذ التشريع. وقد سبق أن فرضت الولايات المتحدة في عام 2014 حظراً على تأشيرة الدخول بالنسبة لستة مسؤولين من إدارة الضرائب المجرية بسبب تورطهم في فضيحة تهرب ضريبي أثرت على الشركات الأميركية العاملة في أوروبا. خامساً وأخيراً: لا يمكن أن تهتم واشنطن بالمجر أكثر مما يفعل صناع السياسات في برلين وبروكسل. ولكن الإدارة يمكنها حث شركائها الأوروبيين ليتوقفوا عن كونهم مجرد مارّة ينظرون من بعيد. وبالإضافة إلى إجراءات دعم سيادة القانون، يمكن للمفوضية الأوروبية أن تمنع تدفق الأموال إلى المجر. وطالما أنها تتبنى الاستبداد، لا يمكن للاتحاد المدني المجري «فيدس» أن يجد ملاذاً سياسياً في حزب الشعب الأوروبي اليميني الوسطي، حيث يقف حالياً مع الديمقراطيين المسيحيين بزعامة أنجيلا ميركل أو مع المعتدلين في السويد. وفي حين أن القادة الأوروبيين يميلون إلى أن يكونوا حذرين للغاية في تعاملاتهم مع أوربان، فمن المرجح أن يحذوا حذو واشنطن. وفي نهاية الأمر، فإن مستقبل المجر يبقى في أيدي الناخبين المجريين، وليس صناع السياسة في واشنطن. * زميل باحث في معهد أميركان إنتربرايز في واشنطن ** مدير مؤسسة السوق الحرة في بودابست ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست بلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©