الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دستور «مادورو» الجديد!

5 مايو 2017 23:31
في عام 1999 جاء هوجو شافيز إلى السلطة، وأيد الناخبون الفنزويليون بشكل كاسح مسعاه لإعادة كتابة الدستور. وكان شافيز سعيداً للغاية بالنسخة الجديدة حينها من الدستور إلى درجة أنه أمر بتوزيع ملايين النسخ من حجم الجيب من الدستور الجديد على امتداد البلاد. وكان يروقه أن يلوح بنسخة منه في خطبه وكلماته السياسية كما لو أنه واعظ يلوح بالإنجيل. وكان غلاف كتاب الدستور أزرق، ولكنه أصبح «الكتاب الأحمر الصغير» لثورة شافيز الاشتراكية. وهذا من الأسباب التي جعلت الفنزويليين يندهشون، بل ويشعرون بالذعر حين أعلن الرئيس الحالي نيكولاس مادورو -الذي خلف شافيز في السلطة بعد وفاة الزعيم السابق عام 2013- يوم الاثنين الماضي، أنه يريد إعادة كتابة الدستور. وخطط مادورو تختلف قليلاً عن خطط شافيز. فالواقع أن فنزويلا تعاني أزمة اقتصادية وسياسية عميقة. وبدلاً من الحصول على موافقة الناخبين على إعادة النظر في الدستور، أصدر مادورو مرسوماً بهذا يوم الاثنين الماضي. ومن المرجح أن العدد الأكبر من أعضاء الجمعية التأسيسية سيكون من الجماعات الموالية لحكومته. والغرض من الوثيقة الجديدة هو دعم ما يطلق عليه مادورو وأنصاره دولة «الكميونات» أو التجمعات السكانية التعاونية الاشتراكية. والهدف الرئيس منها، هو انتقال الثروة النفطية الحكومية إلى نظام منتخب محلياً للمجالس الكميونية التي تضطلع ببعض السلطات المنوطة حالياً رؤساء البلديات والحكام والجمعية الوطنية. ويرى المنتقدون أن نظام الكميونات هو ببساطة وسيلة للحكومة الاشتراكية لنقل الأموال إلى أنصارها، وإحلال مؤسسات أكثر طاعة محل المؤسسات الديمقراطية التقليدية. ويرى محللون أن كتابة دستور جديد قد يلبي حاجة أكثر إلحاحاً بالنسبة لمادورو من خلال تأجيل انتخابات على مستوى الولايات من شبه المؤكد أن يخسرها الحزب الاشتراكي المتحد الحاكم، وربما أيضاً تأجيل الانتخابات الرئاسية التي من المقرر عقدها في عام 2018. ويعتقد «يوجينيو مارتنيث»، المحلل القانون الفنزويلي والمتخصص في العلوم السياسية في جامعة أندريس بيلو كاثوليك، أن «هذه محاولة غير مجدية إلى حد كبير لتفادي عقد انتخابات رئاسية ومحلية. إنهم يريدون القيام بعملية تتمخض عن الانتخابات الوحيدة التي يمكنهم الفوز بها». وذكر «مارتنيث» أن الخطة التي وضعها مادورو سيتم بموجبها اختيار نصف أعضاء الجمعية التأسيسية على الأقل من جماعات تدعم الحكومة «مما يعني أن هذه المحاولة لن تسمح بانتخابات شاملة ومتساوية ومباشرة وسرية». ومثل هذه الجمعية ستهمش بشكل أكبر المجلس التشريعي الذي تقوده المعارضة، وهو فرع الحكومة الوحيد الذي لا يسيطر عليه مادورو. وهذا قد يدفع فنزويلا بشكل أكبر نحو وضعية الدولة المعزولة في نصف الكرة الأرضية الغربي، بعد أن تزايدت اتهامات بعض دول المنطقة لمادورو بأنه يتجه نحو نظام سلطوي. وقد فازت المعارضة الفنزويلية بأغلبية مهيمنة على المجلس التشريعي في عام 2015، وناور مادورو منذئذ كي يكبح خصومه، بينما تعاني البلاد من تزايد في معدلات الجريمة والجوع. ويؤكد قادة المعارضة أن خطط مادورو ليست إلا مكيدة لتعزيز قواعد الحكم الاستبدادي ولو على حساب التعدي على الدستور الذي كان يبجله شافيز. ودعا زعماء المعارضة أنصارهم إلى إغلاق الطرق صباح يوم الثلاثاء، ومواصلة الاحتجاجات والمسيرات التي تصاعدت الشهر الماضي. وذكرت جماعات لحقوق الإنسان أن 29 فنزويلياً قتلوا في أبريل في الاضطرابات. ويرى محللون أن خطط مادورو المتعلقة بالدستور الجديد ستتوقف على استمرار دعم القوات المسلحة الفنزويلية له. ولم يتضح بعد مدى القبول الذي سيحظى به المقترح وسط الأعضاء الآخرين في حركة أنصار شافيز الذين تزايد قلقهم من التحول الأكثر تشدداً لحكومة مادورو. ويعتقد ديفيد سميلد، الخبير في شؤون فنزويلا في مكتب واشنطن لأميركا اللاتينية، أن «هذا سيكون اختباراً حقيقياً لأنصار شافيز وإخلاصهم للديمقراطية وشخصية شافيز». ويطالب زعماء المعارضة بإجراء انتخابات جديدة، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، واحترام الهيئة التشريعية. ومحاولة مادورو لتغيير الدستور قد تزيد حماس أنصار زعماء المعارضة وتبقيهم محتشدين في الشوارع. وفي هذا السياق، يؤكد سميلد أنه إذا مضت الجمعية التأسيسية في طريقها فإن المعارضة قد يواجهها اختيار صعب. فقد دفعت المعارضة ثمناً غالياً عام 2005 حين قاطعت الانتخابات احتجاجاً على حكومة شافيز فخسرت السلطة المؤسسية الضئيلة التي كانت لديها. وربما يراهن مادورو على أنه يستطيع نصب شرك مشابه لخصومه ليدفعهم إلى الامتناع عن المشاركة. ويقول سميلد: «بصراحة وجدت صعوبة في تخيل أن يكون هذا مغرياً للمعارضة كي تشارك، ولكنه ممكن أيضاً». والخلاف المحوري هو أن شافيز في عام 2005 كان لا يزال شخصية تحظى بشعبية كبيرة، وغالبية الناخبين كانوا يدعمونه، بينما معدلات التأييد لمادورو انخفضت إلى أقل من 20% في استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخراً. * كاتبان ومحللان سياسيان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلورمبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©